ألعاب الفيديو تطيح بكرة القدم في أحياء البرازيل الفقيرة

تحقق لعبة الفيديو “فري فاير” نجاحا كبيرا في أحياء برازيلية فقيرة حيث يرغب المراهقون من خلال تحديات يشاركون فيها افتراضيا، ببناء مسيرة مهنية في رياضة تعتمد على الأجهزة الالكترونية ويمكن أن تحقق أرباحا كبيرة.

ولم يُجِب يان أراوجو (15 عاما) عندما سُئل عن مثله الأعلى في كرة القدم بنيمار أو فينيسيوس جونيور، بل بـ”نوبرو و سيرول”، وهما لاعبان معروفان في لعبة “فري فاير”.

وفي بلد بيليه، لم يعد يحلم المراهقون في أن يصبحوا نجوما في كرة القدم، بل يرغبون في بناء مسيرة مهنية في الرياضة الإلكترونية المبنية على مباريات يتنافس فيها لاعبون ويمكن أن تدر ايرادات كبيرة للمحترفين على أعلى المستويات.

ويقول يان أراوجو لوكالة فرانس برس وهو يلعب بحماس عبر هاتفه المحمول “أحلم في أن أصبح معروفا كلاعب في +فري فاير+ وأن أساعد أقاربي” ماديا.

ويحدّق أراوجو مرتديا قميصا رياضيا أحمر في شاشة هاتفه، ويبدي حماسا كبيرا وهو يلعب وخصوصا عندما يفوز.

ولا تمثل “فري فاير” للفتى المقيم في حي ب.سول الفقير الذي يقع على بعد نصف ساعة من وسط برازيليا، مجرد لعبة عادية، بل منصة يتدرب من خلالها على تحسين أدائه ليصبح لاعبا محترفا.

وفاز إلى جانب خمسة مراهقين العام الماضي ببطولة “فافيلاز فري فاير” الإقليمية التي تنظمها منظمة “كوفا” غير الحكومية.

و”فري فاير” هي لعبة الكترونية تهبط فيها شخصيات على جزيرة وتبحث عن أسلحة لتقتل بعضها البعض. وطورت شركة فيتنامية عام 2017 اللعبة المستوحاة من أفلام كـ”باتل رويال” و”هانغر غايمز”.

وكل ما يحتاجه الفتى للعب هو هاتف محمول واتصال سريع بالإنترنت.

وتحتل البرازيل والهند والولايات المتحدة صدارة قائمة أكثر البلدان تحميلا للعبة “فري فاير”.

– مؤثرون –

ويقول منسق منظمة “كوفا” في برازيليا كارلوس كامبوس إن “المراهقين مولعين بهذه اللعبة”.

ويظهر استفتاء أجرته مؤسسة “داتا فافيلا” أن 96 في المئة من المراهقين الذين يقيمون في هذه الأحياء الفقيرة يرغبون في بناء مسيرة مهنية في الرياضة الالكترونية.

ويوضح كامبوس أن “هؤلاء المراهقين يدركون أن الرياضة الإلكترونية تمثل مهنة، وهي وسيلة لكسب الأموال”.

وحصل الفريق الفائز في النسخة الإقليمية من بطولة “فافيلاز فري فاير” التي شارك فيها ثمانون ألف شخص، على مئة ألف ريال برازيلي (نحو عشرين ألف دولار).

لكن البطولات لا تمثل مصدر الإيرادات الوحيد للاعبي “فري فاير”، إذ تتسابق الجهات الراعية للتعامل مع مؤثرين كبرونو “نوبرو” غوميز الذي يتابعه 13 مليون شخص عبر انستغرام، عبر نشر مقاطع فيديو لأدائه مترافقة مع شروحات وتعليقات.

ويعتبر أروجو أن “نوبرو هو نيمار ألعاب الفيديو”، مشيرا إلى أنه “نشأ في حي فقير وهو واحد من الناس”.

ويضيف إن “نوبرو عمل بجهد وأمضى ليال يتدرب للوصول إلى ما هو عليه حاليا”.

ودخل نيمار نفسه في هذه السوق المربحة، إذ وقع اللاعب المولع بألعاب الفيديو في دجنبر اتفاق بث حصري مع منصة “فيسبوك غايمينغ”.

وتملك أندية كرة قدم برازيلية كبرى مثل “فلامينغو” و”كورينثيانز” فرقاً محترفةً خاصة بها في الرياضة الإلكترونية.

– تراجع كرة القدم –

في الأحياء الفقيرة حيث نشأ مهاجمون برازيليون يتألقون حاليا في أندية أوروبية كبيرة، من بينهم فينيسيوس جونيور في ريال مدريد، وغابرييل جيزوس في مانشستر سيتي، لاحظ المدربون انخفاضا في حماس المراهقين تجاه كرة القدم خلال السنوات الفائتة.

ويقول المدرب في مدرسة لكرة القدم بأحد أحياء برازيليا الفقيرة إن “عددا من المراهقين لم يعد يأتي ليتدرب بل فضل أن يلعب بـ+فري فاير+”.

ويضيف “من السابق لأوانه القول ما إذا كان غالبية الشباب يفضلون ألعاب الفيديو على كرة القدم، لكن الرياضة الإلكترونية تكتسب بشكل متزايد مكانة لها “.

ويتدرب ماثيوس دا سيلفا (15 عاما)، وهو زميل أروجو في بطولة “فافيلاز فري فاير”، بجهد ليصبح كمثله الأعلى “باك”، وهو اسم مستعار لغابرييل ليسا المعروف بأنه “ليونيل ميسي لعبة فري فاير”.

ويقول دا سيلفا إن “ليسا فاز بسبع بطولات وطنية، مثل ميسي الذي حصل سبع مرات على الكرة الذهبية”.

ولم ترغب كلوديا غوميز دا سيلفا، والدة ماثيوس، في البداية برؤية ابنها يمضي ساعات وهو يلعب عبر هاتفه المحمول، لكن رأيها تغير بعدما فاز في بطولة “فافيلاز فري فاير” الإقليمية العام الماضي.

وتقول “إنها ليست مجرد لعبة، فإذا أصبح ماثيوس في المستقبل لاعبا مهما، يمكنها أن تشكل مصدرا لعيشه”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة