شدد فاعلون رياضيون وقانونيون، واطر وطنية على ضرورة إعمال الحزم والصرامة في التعامل مع ظاهرة الشغب بالملاعب، التي طفت مجددا على السطح ، مستحضرين “بأسف عميق” أعمال الشغب والعنف التي شهدها الأحد المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، عقب مباراة الجيش الملكي والمغرب الفاسي، برسم سدس عشر نهاية كأس العرش في كرة القدم.
وأجمعوا في تصريحات استقتها وكالة المغرب العربي للانباء، على أن كل أشكال الشغب والعنف بالملاعب الوطنية، وخاصة في أوساط القاصرين يجب معالجتها وفق مقاربة تربوية ومن خلال التكوين والتأطير لهذه الفئة في محيطها الاسري والثقافي والرياضي والاجتماعي، بما يمكنها من تفجير طاقاتها بشكل إيجابي وبناء في مختلف المجالات.
وذكر المتدخلون بأن التصدي لظاهرة الشغب والحد من تداعياتها،
وخاصة على الصعيد الاجتماعي يقتضي اعتماد مقاربة تشاركية ومسؤولة، تشمل جميع المتدخلين في الحقل الرياضي وخاصة جمعيات المشجعين، التي يجب إعادة هيكلتها.وفي هذا الصدد، أشار المحامي والمستشار القانوني، كريم عديل إلى أنه لمحاربة هذه الظاهرة والتي تمس بالنظام العام قبل كل شئ “يجب اتخاذ قرارات حازمة مع تطبيق القانون وبصرامة في حق كل من سولت له نفسه إحداث الفوضى والمس بأمن المواطنين”.
وأرجع عديل بعض أسباب الشغب في الملاعب إلى “اجتماعية وتربوية والافتقار إلى الروح الرياضية، فضلا عن كون الجمعيات لا تقوم بدورها في التأطير والتحسيس بخطورة هذه الأفعال”.
من جانبه قال ياسين سعد الله ،مستشار نائب عمدة الدار البيضاء المكلف بالشؤون الرياضية والثقافية، إن “الشغب داخل الملاعب الرياضية هو شيء مرفوض، لابد من تقويمه، وليتيعن أن يتحمل كل واحد مسؤوليته”، معتبرا أن “الرياضة ممارسة نبيلة يجب أن تطبعها الروح الرياضية”.
وأوضح أنه لوقف هذه السلوكات “المشينة” سواء داخل الملاعب أو خارجها، يجب متابعة المتورطين ومعاقبتهم عن افعالهم الاجرامية التي تعرض الغير للخطر أو تمس بممتلكاتهم مع إنزال أقسى العقوبات على المخالفين دون الأخذ بعين الاعتبار كونهم قاصرين أو بالغين”.
وأضاف أنه بحسب رأيه “يتم استغلال مباريات كرة القدم ومدرجات الملاعب لتفريغ الكبت الذي مرده في أغلب الأحيان أسباب تربوية واجتماعية وخاصة الهدر المدرسي والتأطير المناسب لفئات عريضة من الشباب”.
وشدد ،من جهة أخرى، على ضرورة إعادة النظر في ظاهرة “الإلتراس” التي اعتبرها كيان غير معترف به وهيكلتها ضمن جمعيات قانونية تخضع لقانون الجمعيات والحريات العامة التي ينص عليه الدستور.
أما محمد مراشي ،الفاعل التربوي، فيرى أنه لإيجاد حل دائم لمعضلة الشغب بالملاعب، يجب أولا البحث عن أسباب السلوكات العدوانية ودراسة أفعال وردود أفعال فئة من الجماهير والأنصار، ثم فتح حوار جاد مع فصائل الأنصار والمحبين لمختلف الأندية الوطنية في إطار تربوي بيداغوجي متجدد.
بدوره، أكد محمد بلماحي، عضو اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، أن هذه الظاهرة، “التي تعد غريبة عن ثقافتنا وتقاليدنا وأجوائنا الاحتفالية والفرجوية في الفضاءات الرياضية، قد أخذت أبعادا خطيرة، إذ أصبحت تشكل خطرا يهدد الحقل الرياضي وروحه التنافسية”.
ولكون الشغب لم يعد يقف عند حدود الملاعب الرياضية، والمساس بممتلكات الغير، بل يتعدى ذلك كله إلى إزهاق أرواح بريئة، فضلا عن مساسه بالأمن العام، شدد بلماحي على أهمية توظيف مقاربات أخرى تدمج الأدوار التي يمكن أن تضطلع بها في هذا الإطار كل من الاسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والمجتمع المدني وغيرها.
و أكد في هذا السياق على أن المقاربتين القانونية والأمنية غير قادرتين لوحدهما على استئصال جذور هذه الظاهرة، وأن الأمر يستدعي العمل وفق إستراتيجية شمولية محددة المعالم تتمثل على الخصوص في تشكيل لجن إقليمية تحرص على عقد اجتماعات تستهدف اتخاذ كافة الترتيبات الأمنية الاستباقية قبل وخلال وبعد إجراء المقابلات، ضمانا لسلامة الجمهور الرياضي وحفاظا على ممتلكات الأفراد.
من جهته ،سجل سعيد بنمنصور، رئيس جمعية رياضة و صداقة، أن ظاهرة شغب الملاعب الرياضية عادت بعد زمن كورونا لتشهد تفاقما متناميا يضرب في العمق الأهداف النبيلة للرياضة والمتمثلة على الخصوص في نشر قيم المحبة والسلم والإخاء، ونبذ كل مظاهر العنصرية والتطرف وغيرها من المظاهر المخلة باستقرار المجتمع وازدهاره.
وبعد أن دعا الى إعمال الأحكام الزجرية بحذافيرها في التعاطي مع مثيري الشغب على ضوء قانون رقم 09 . 09 المتعلق بشغب الملاعب، أكد السيد بمنصور على اعتماد مقاربة شمولية تراهن في منطلقاتها على التوعية والرفع من منسوب الحصانة الذاتية عند الناشئة المتلقية.