الدعوة الى إحداث لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول الطرد التعسفي للمغاربة من الجزائر

دعا كلا من التجمع الدولي لدعم العائلات ذات الأصل المغربي المطرودة من الجزائر سنة 1975 ( CIMEA75)، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، الى إحداث لجنة نيابية لتقصي الحقائق، وفقا لأحكام الفصل 67 من الدستور، والقوانين الجاري بها العمل حول مأساة الطرد التعسفي الذي طال المغاربة من الجزائر منذ 47 سنة. وذلك بهدف المساهمة في توثيق هذه الفاجعة والوقوف على كل الحقائق المعززة بشهادات الضحايا وذوي حقوقهم والمسنودة بالحجج والوثائق، وحمل الدولة الجزائرية على الاعتراف الرسمي بمسؤوليتها في هذه المأساة الإنسانية، وضمان حق الضحايا في جبر الضرر المعنوي والمادي الذي لحقهم )وما يزال( من جراء ما تعرضوا له من انتهاكات جسيمة لحقوقهم الأساسية.

وأبرزت الهيئتان في المذكرة التي أعلن عن فحواها في ندوة صحفية يوم الإثنين 14مارس الجاري بالرباط، أهمية مواصلة العمل على هذه الأحداث من أجل توثيقها من قبل مؤسسة دستورية وازنة يتعلق الأمر بمجلس النواب. واعتبرتا في هذا الصدد، أن هذه المساهمة ” ستكون لها قيمة حاسمة في إعادة الاعتبار لكرامة آلاف الأشخاص” فضلا على “اثارة مسؤولية الدولة الجزائرية بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم، مسؤوليتهم في استدامة معاناة الآلاف من الضحايا من خلال الإصرار على نكران ما اقترفت من جرائم في حق هؤلاء المغاربة ومواصلة حملات التعتيم وتزوير الحقائق والمراهنة على الزمن لمحو أثار هذه الجريمة الشنيعة، والمراهنة على نسيان ضحاياها”.

وبخصوص الهدف المأمول من تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول هذه الفاجعة – توضح المذكرة – أنه ” يمكن بالأساس في: تسليط الضوء على هذه الفاجعة وتجميع كل المعطيات حولها سواء تلك الموجودة بحوزة مختلف الإدارات والمصالح العمومية أو لدى الهيئات أو الأشخاص الذاتيين أو المعنويين، مع حفظ ذاكرة الضحايا المباشرين وغير المباشرين، من خلال توثيق شهاداتهم وتجميع ما يتوفرون عليه من دعائم وحجج، علاوة على استشراف كل الإمكانيات لرد الاعتبارات للضحايا ومساعدتهم على الوصول إلى كل وسائل الانتصاف الممكنة، وإعداد وثيقة مرجعية ستكون الأولى من نوعها صادرة عن مؤسسة دستورية وازنة ، تتوفر فيها كافة المواصفات التي تمكن الضحايا والهيئات المدافعة عنهم من أداة هامة لدعم جهودهم الترافعية على الصعيد الدولي.

وكانت الجزائر أقدمت على طرد ما يناهز 45 ألف عائلة مغربية من الجزائر في دجنبر 1975، بشكل تعسفي وبدون سابق إنذار، وفي وقت كان فيه العالم الإسلامي يحتفل بعيد الأضحى المبارك، غير عابئة بقدسية هذه المناسبة الدينية، والتي تترجم قيم ومعاني التضامن والتآزر و التسامح و التضحية، حيث وجدت هذه العائلات، التي عانت نفسيا وجسديا نفسها خارج ديارها وفي ظروف مناخية قاسية، كما تشرح المذكرة التي أوضحت كذلك أنه وعلى الرغم من أن حفاوة الاستقبال الذي لقيته، لا سيما من أفراد عائلاتها بالمغرب، الذين وفروا لهم المأوى، أو بإيوائهم تحت الخيام التي نصبتها على عجل السلطات المغربية، فإنها ظلت تعيش تحت وقع الصدمة وهول الفاجعة، بعد ان سلبتهم الدولة الجزائرية كل ممتلكاتهم وجردتهم من كل أغراضهم في ذلك المجوهرات والحلي النفيسة.

وسجلت المنظمتان في المذكرة أن الدولة الجزائرية، لم تأخذ بعين الاعتبار إقامة هؤلاء المواطنين المغاربة بصفة شرعية بالتراب الجزائري على مدى عقود خلت، إذ أسس عدد كبير منهم أسرا مختلطة جزائرية مغربية، ومنهم من حملوا السلاح خلال حرب التحرير في مواجهة الاستعمار الفرنسي، لتتم مجازاتهم في النهاية بهذا الطرد التعسفي، وحتى بدون سابق إشعار، نحو المغرب. لقد تم اقتياد الآلاف من النساء والرجال والأطفال والمسنين وحتى من ذوي الإعاقة في اتجاه الحدود المغربية، حيث أرغموا على مغادرة الجزائر دون أي سبب إلا لكونهم مغاربة.

وإذا كان الأبناء والأحفاد قد ورثوا هذه المأساة، التي أصبحت مشومة في ذاكرتهم الحية، واحتفظوا بآثار هذا الطرد، فإن الضحايا المباشرين وذو حقوقهم وأنصارهم تحدوهم اليوم إرادة قوية في أن يتم تسليط الضوء على هذه المأساة، وان يتم تثبيت مسؤولية الدولة الجزائرية، وترتيب الآثار القانونية على ذلك، وأن يتم رد الاعتبار للضحايا، وصيانة الذاكرة المشتركة للضحايا ومقاومة النسيان والإهمال الذي تراهن عليه الدولة الحاكمة في الجزائر لمحو أثار جريمتها النكراء، تردف المذكرة التي أشارت إلى أن من بين المبادرات التي اتخاذها الضحايا، الذين عاشوا هذه المأساة الإنسانية، تأسيس جمعيات خاصة بهم لإسماع أصواتهم، أو عبر القيام بمبادرات فردية، أو توثيق شهاداتهم من خلال اصدار كتب وأفلام أو أشكال أخرى، كل ذلك بهدف الإبقاء على هذا الملف مفتوحا وطنيا ودوليا.

وأوضحت المذكرة أن الجهود الترافعية لجمعيات الضحايا، مكنت من طرح هذا الملف على انظار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولجنة حماية حقوق العمال المهاجرين وجميع أفراد أسرهم، غير أن هذه الخطوات على الرغم من أهميتها، تظل غير كافية خاصة في ظل استمرار الدولة الجزائرية في التعتيم على هذه الجريمة ونكران حدوثها أصلا وتزييف الحقائق بشأنها، حسب المذكرة التي كانت الهيئتان قد وضعتها لدن مختلف الفرق النيابية، بمجلس النواب خلال استقبالهما من لدنهم يومي تاسع وعاشر مارس الجاري. وأشاد كلا من محمد الشرفاوي رئيس التجمع الدولي لدعم العائلات ذات الأصل المغربي المطرودة من الجزائر سنة 1975 و بوبكر لاركو رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، خلال الندوة الصحفية التي نشطها عبد الرزاق الحنوشي الفاعل الحقوقي والجمعوي، بالتفاعل الإيجابي لكافة الفرق النيابية بمختلف توجهاتها مع هذه المبادرة، ودعمهم لها.

كما تميز هذا اللقاء، بتوقيع اتفاقية تعاون بين المنظمة والتجمع الدولي، تهدف بالخصوص الى تنسيق عملهما المشترك وطنيا ودوليا للترافع بشأن ملف المغاربة ضحايا الكرد التعسفي من الجزائر سنة 1975، مع تعبئة كل مواردهما لخدمة هذه القضية العادلة. كما نظم حفل تقديم وتوقيع كتاب ” رحلة ذهاب بدون إياب ” لمحمد الشرفاوي المهندس المقيم بفرنسا يحكى فيه بنفس روائي ملحمي، مأساة طرد 45 ألف أسرة مغربية مقيمة بطريقة شرعية منذ عقود بالجزائر.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة