اعتبر الخبير السياسي، مصطفى الطوسة، أن الموقف الإسباني الجديد بشأن قضية الصحراء المغربية يمثل “تسريعا نوعيا لعجلة التاريخ” و”نقطة تحول” تعيد ترتيب الأوراق الإقليمية وتغير موازين القوى في هذه المنطقة “الحساسة جدا لأدنى صدمة سياسية”.
وأكد الطوسة، في مقال تحليلي نشر على موقع “أطلس أنفو”، أن “هذا التحول الإسباني بناء ولا يقل أهمية عن الاعتراف الأمريكي بالوحدة الترابية للمغرب وسيادته على صحرائه”.
وبعد إشارته إلى “الحياد السلبي” الذي حافظت عليه إسبانيا بخصوص هذا الملف، أوضح الخبير السياسي أن البلد الإيبيري كان يشكل “فضاء لترويج هواجس انفصاليي +البوليساريو+ وراعيتها الجزائر، وعادة ما كان يمثل أرضية إعلامية وأحيانا دبلوماسية تتيح إطلاق العنان لأهوائهم”.
وأضاف أن هذا الموقف الإسباني الجديد، يعتبر “مهما” بالنظر إلى أنه سيكون ذا وقع مزدوج على المنطقة. الأول هو توجيه رسالة واضحة إلى الدول الأوروبية الأخرى التي لا تزال تلزم موقفا مترددا ومتحفظا بشأن هذه القضية.
ولفت إلى أن الوقع الثاني لهذا الموقف الإسباني الجديد، سينعكس على راعية “البوليساريو” الجزائر. فبالنسبة لهذه الأخيرة، سيكون هذا بمثابة ضربة قاصمة كفيلة بإغراقها في عزلة كبيرة.
ومن وجهة نظره، فقد أصبح الموقف الجزائري اليوم لا يطاق، عصي على التفسير، باستثناء أن يرى العالم بأسره أن “النظام الجزائري، المؤجج للاضطرابات بطبعه، يوظف انفصاليي +البوليساريو+ علانية كأداة لزعزعة الاستقرار الإقليمي”.
واعتبر أن هذا التحول الإسباني في قضية الصحراء المغربية هو “ثمرة دبلوماسية مغربية فعالة خبرت كيف تفرض مبادئها بقوة، بقناعة وعزيمة، وتدافع عن حقوقها”.
وسجل الخبير السياسي أن الحلقة الشهيرة من التوتر مع بلد أوروبي قوي مثل ألمانيا، والتي انتهت في آخر المطاف بتفهم ألماني لمصالح المغرب الحيوية، تشكل خير تجسيد لذلك، مضيفا أنه مع إسبانيا الجارة، كانت اللغة هادئة وجد حازمة في ذات الآن.
وبحسبه، فإن الأمر كان يتعلق بمطالبة مدريد بتوضيح مواقفها والخروج من هذه المنطقة الرمادية التي تسمح بجميع ضروب المداهنات. فصلابة الدبلوماسية المغربية مقترنة باليد الممدودة للحوار، التي يتم التعبير عنها بانتظام في خطابات الملك محمد السادس، انتهى بها الأمر إلى إيجاد وضع إسباني حيث لم يكن أمام البلاد سوى خيار تصعيد التوترات والقطيعة أو نهج الواقعية السياسية.
وبالنسبة للطوسة، فإن رسالة بيدرو سانشيز الموجهة إلى الملك “تجسد بشكل كامل” هذا الوعي الإسباني بالجار المغربي. فهذا الواقع الجديد واضح غاية الوضوح لدرجة أن وزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس رأى أنه من المناسب التذكير بأن “استقرار وازدهار إسبانيا والمغرب مرتبطان ارتباطا وثيقا”.
وخلص الخبير السياسي إلى أن هذا الدعم الإسباني من أجل ضمان “سيادة المغرب ووحدته الترابية” يكتسي أهمية كبرى بالنظر إلى أنه يؤشر على إمكانية إيجاد ديناميات أخرى قادرة على تغيير البنية السياسية الإقليمية”.