خلف التدخل الأمني العنيف، الذي تعرض له الأساتذة المتدربين، أمس الخميس، في مجموعة من المدن المغربية، ردود فعل قوية على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر متضامنون صور المصابات والمصابين من الأساتذة، الذين لطخت “هراوات رئيس الحكومة” وجوههم ورؤوسهم بالدماء.
وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر من رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، التدخل لوقف المجزرة ضد الأساتذة العزل، لا لشيء سوى لأنهم احتجوا سلميا، التزم الصمت، وخرج قادة حزب العدالة والتنمية ووزرائه بتصريحات مثيرة للاستغراب.
وأول تلك التصريحات ما نطق به وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، الذي قال إن لا علم له بالتدخل العنيف للأمن في حق الأساتذة المتدربين، في حين كان رد زميله في الحكومة، والناطق الرسمي باسمها، والقيادي مع في “البيجيدي”، مصطفى الخلفي، مبهما حين رد على تساؤل “واش الأساتذة الذين تعرضوا اليوم (أمس) لاعتداءات من طرف رجال الأمن خرجوا يحتجوا بالكلاشكنيكوف”، قائلا بأن “منشور وزير العدل المتعلق بهذا الموضوع واضح وهو يضمن الحق في التجمع بطريقة سليمة كما وضح طريقة التدخل، وكذا قواعد معالجة أي تجاوز وقع في الوقفة أو المسيرة الاحتجاجية”.
وأكد الخلفي أن الحكومة ستعمل على فتح تحقيق في هذا الموضوع وستتخذ الإجراءات اللازمة، مضيفا أن 122 من رجال الأمن يتابعون حاليا بعدما ثبت تورطهم في اعتداءات على مواطنين في مظاهرات سابقة.
وهو رد مبهم يحيل إلى منشور وزير العدل، الذي سبق أن ذاق من مرارة “الهراوة” عند الاحتجاج، والذي يبدو أنه نسي الأمر، حين جلس على كرسي وزارة العدل.
أما البرلماني إدريس التمري، ودون خجل أعلن تضامنه مع الأساتذة المتدربين، وكأن حزب العدالة والتنمية بريء منها “براءة الذئب من دم يوسف”، وهو الذي يقود حكومة اختارت منذ البداية لغة الزرواطة لقمع الأصوات الشعبية المعارضة للتوجهات الحكومية، ولم يسلم منها لا أساتذة ولا أطباء وحتى القضاة هددوا حين فكروا في الاحتجاج، وكتب البرلماني التمري، في تدوينة بالفيسبوك “التدخل الأمني العنيف في حق الطلبة الأساتذة غير مبرر و مدان”، دون أن يحدد الجهة التي تدخلت ولا تلك التي يجب أن تدان.
بل الأخطر من هذا، وسيرا على درب قائده، الأمين العام للعدالة والتنمية، ورئيس الحكومة، في إلصاق كل السلبيات بما سميهم بـ”التماسيح”، تساءل برلماني البجيدي عن “من له مصلحة في عرقلة المساعي لمد قنوات الحوار للوصول لحل هذا الملف”، قبل أن يعلن عن تضامنه، “كل التضامن مع الطلبة الأساتذة”، في تمويه للعامة، وهو على علم بأن رئيس الحكومة حسم في الموضوع، حين قال إن الأساتذة ولجوا مراكز التكوين وهم على علم بمرسوم ألغى التوظيف بعد التكوين، ولا تراجع على المرسوم.
وليس التمري وحده من حاول التمويه بأن تعنيف وقمع الأساتذة لا تتحمل فيه حكومة العدالة والتنمية المسؤولية، بل سار على هذا الدرب الكثير من المنتمين لهذا الحزب، وأرجعوا ذلك لجهات قالوا إنها تريد تأليب الشعب ضد العدالة والتنمية، من بينهم جواد غسال، مستشار لوزير العدل والحريات، وعضو حزب العدالة والتنمية، الذي قال إن التدخل الأمني الذي تم أمس في حق الأساتذة المتدربين هو مؤامرة ضد الحكومة وأضاف بالقول أنه “لا يمكن لأي وزير من العدالة والتنمية ولا حتى رئيس الحكومة أن يأمر باستعمال القوة والعنف بالطريقة التي تمت اليوم”، بل إن صاحبنا ذهب بعيدا، حين قال إن “الاستعمال المفرط للعنف، وفي سياق سياسي مشحون، لا يعني سوى أن هناك توجها لمعاقبة الشارع على تصويته للعدالة والتنمية، ودفعه إلى معاداتها قبل انتخابات 2016″، متناسيا أن حكومة العدالة والتنمية هي من تعاقب الشارع على تصويته عليها، والدليل هو المواقف اللا شعبية، التي تضرر منها كل فئات الشعب، من أطباء، وطلبة الطب، وقضاة، وكتاب الضبط، وأستاذة، وأساتذة متدربين، ومحامين، وكانت الزرواطة والتعنيف اللفظي اللغتان والوحيدتان لقادة العدالة والتنمية.