بين الفينة والأخرى، تتحول متعة كرة القدم في ملاعب المغرب إلى كابوس يقض مضجع الجميع، بسبب الشغب الذي بات يأتي على الأخضر واليابس.
وفي الوقت الذي كانت أسر تنتظر عودة أبنائها من الملعب، باتت تتنقل بين المحاكم والسجون بحثا عن مخرج لهم.
ومؤخراً، عادت الملاعب المغربية لتشهد ظاهرة الشغب، ما أثار مخاوف من تكرار سيناريو أحداث مشابهة في الماضي، أسفرت عن وقوع عشرات الضحايا بين قتيل وجريح.
فرح وترح
يتحول فرح مشجعي كرة القدم بالمغرب إلى ترح، بعد أعمال الشغب التي ارتفعت وتيرتها منذ بداية الموسم الكروي الحالي.
توقيفات في عدد من المدن سجّلتها الساعات التي تلي اللقاءات الرياضية.
قُصّر وراشدون انتهى بهم الأمر داخل السجون بعد مباراة كرة قدم، منهم المذنب وبينهم من وجد نفسه وسط فوهة البركان لتتحوّل حياته إلى جحيم، تاركا وراءه أسرة لا تعرف أين المفر من هذا المصير.
وتتكرر أعمال الشغب هذه، حيث أسفرت عن توقيف 35 شخصا في مدينة فاس منتصف أكتوبر الماضي، و46 شخصا نهاية أكتوبر، لتضاف إلى 3 أحداث مماثلة في شتنبر الفائت، في كل من العاصمة الرباط والدار البيضاء ووجدة.
وخلال يونيو الماضي، تم توقيف 39 شخصا بمدينة وجدة إثر أعمال شغب عقب مباراة بين فريقي مولودية وجدة والوداد.
وفي مارس الماضي، أعلنت السلطات توقيف 160 شخصا بينهم 90 قاصرا، جرّاء أحداث شغب شهدتها مباراة كرة قدم في الرباط.
3 أسباب
قال علي الشعباني، باحث في علم الاجتماع، إن ظاهرة شغب الملاعب متعددة الأسباب، منها التربوية والأمنية والرياضية.
ولفت إلى أن “غياب تأطير الفرق الرياضية لجماهيرها من بين الأسباب، بالإضافة إلى تساهل السلطات مع دخول القاصرين للملاعب، وهو ما يؤدي إلى انفلات أمني”.
وأشار إلى “انعدام الحافز التربوي وغيابه في منظومة التنشئة الاجتماعية، فضلا عن غياب دور الأسرة التي لم تعد قادرة على احتواء أبنائها المولعين بالكرة، لعدة اعتبارات”.
وقبل انطلاق عدد من المباريات، ترتفع وتيرة الاتهامات المتبادلة بين جماهير الفريقين المتنافسين، خصوصا على منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما يساهم في صب الزيت على النار، ويغذي هذه الظاهرة.
القانون لم يمنع العنف
من جانبه، أكد إدريس عبيس، باحث في المجال الرياضي، “الانتشار الكبير للظاهرة في الآونة الأخيرة في عدد من المدن”.
وأوضح: “حاول المشرّع أن يصدر قانون 09-09 الذي يهم العنف في الملاعب والتظاهرات الرياضية”.
واستدرك: “رغم تفعيل هذا القانون وإيقاف عدد من المشجعين، إلا أن الظاهرة لم تتوقف، بل تحوّلت إلى مظاهر أخرى أخطر، حيث يتحوّل المشجع عندما يدخل السجن إلى قائد داخل فصيل معيّن”.
وبحسب عبيس “هناك فئتان من الشباب، الأولى تخلق الفرجة وتصنع الفرح من خلال اللافتات والشعارات، وهم شباب لهم قيم ويريدون إيصال رسائل عبر الرياضة”.
وأردف أن “الفئة الثانية تستغل الأولى وتقوم بالعنف داخل الملعب أو خارجه، فضلاً عن السرقة وحمل الأسلحة”.
بدائل ممكنة
للتخفيف من ظاهرة عنف الملاعب، دعا عبيس إلى “اعتماد آليات جديدة للمراقبة داخل الملاعب وفي محيطها، مع إعطاء أهمية لدخولها عبر البطاقة الوطنية ومنع القاصرين من ذلك نهائيا.. وأن تكون بعيدة من المدن، مع تشديد المراقبة”.
ودعا عبيس إلى “تأسيس خلية وطنية أمنية تعنى بشغب الملاعب من أجل محاربة الظاهرة، مع ضرورة إيجاد حلول على مستوى المدارس والتربية الرياضية وحملات توعية بظاهرة الشغب”.
من جهته، دعا الشعباني “الفرق الرياضية والأسر والأمن ومنظمات أخرى، إلى القيام بأدوارها لتطويق هذه الظاهرة التي باتت تقلق الجميع”.
وأبرز ضرورة “تفعيل منظومة التربية والإعلام للحدّ من العنف في ملاعب المملكة”.