على هامش الدورة الرابعة عشرة لمنتدى ميدايز (2 – 5 نونبر)، المنعقد بطنجة تحت شعار “من أزمات إلى أزمات : نحو نظام عالمي جديد؟”، استعرض وزير الخارجية السباق ووزير الدولة السابق في العدل بجزر القمر، فهمي سعيد إبراهيم الماسيلي، في حوار مع القناة الإخبارية M24، التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، التحديات التي تواجه إفريقيا، متوقفا بشكل خاص عند مكانة المغرب بالقارة.
في الوقت الذي يلتئم فيه أرباب القرار الأفارقة في جلسات تفكير ومناقشة بطنجة، في نظرك ما هي أهم التحديات التي تواجه إفريقيا اليوم ؟
أعتقد أن هناك تحديات متعددة، لكن في رأيي هناك وعي بضرورة تحول الاتحاد الإفريقي واقترابه أكثر من الشعوب والتفكير بشكل مغاير. إفريقيا، للأسف اليوم، ليس لها وزن في الاقتصاد العالمي. يتعين علينا تحديد الأسباب الجذرية التي جعلت من إفريقيا اليوم غير قادرة على إحداث الثروة. بينما خلق الثروة وإثراء الشعوب الإفريقية سيمكن من تحسين مستوى عيش الأفارقة بشكل يسمح بزيادة وزن القارة في هذه التركيبة الجديدة لمراكز القوى بالعالم اليوم.
لنتحدث عن الاتحاد الإفريقي، كثيرا ما نسمع أن الأفارقة لا يعرفون هذه المنظمة، هل تشاطر هذا الرأي؟
من الطبيعي أن لا يعرف الأفارقة الاتحاد الإفريقي، لأن القرارات المتخذة لم يكن لها وقع حقيقي في الحياة اليومية للأفارقة. لهذا السبب يرى الناس من بعيد الاتحاد الإفريقي. يتعين علينا الاقتراب أكثر من الأفارقة عبر مشاريع ملموسة. أوروبا لم تنشئ الاتحاد الأوربي بشكل فوري، بل تم إحداث اتحاد الصلب والفحم الذي تطور ليصبح المجموعة الأوروبية، لتصير في الأخير الاتحاد الأوروبي.
نحن بإفريقيا بدأنا بهذا الاتحاد السياسي مع إهمال الجانب الأساسي المتمثل في الاقتصاد. لكي يكون الاتحاد الإفريقي واقعا ولكي تحترم مؤسساتنا، يتعين علينا بالضرورة التفكير في القاعدة وأن نوحد الجهود والموارد من أجل التكامل الضروري للشعوب الإفريقية.
أشعر بالحزن عندما أرى أن الأفارقة يعانون من الجوع لأن هناك حربا بأوكرانيا، التي هي بالمناسبة ليست من البلدان الأوروبية الكبيرة. بينما إفريقيا قارة شاسعة تزخر بالأراضي الخصبة، أجد أنه من المخزي حدوث هذا الوضع لأننا نمارس الكثير من السياسة ونقوم بالقليل من الاستثمارات في الاقتصاد، الذي يعتبر القادر على تحويل الثروات وإغناء الشعوب الإفريقية.
في سياق التبعية هذا للشمال، هل يمكن أن يكون للمغرب تأثير إيجابي على القارة ؟
بطبيعة الحال نعم، خبرة المغرب ضرورية بالنسبة لإفريقيا، لأن المغرب بلد لا يعتمد على النفط أو المواد الأولية الباطنية باستثناء الفوسفاط، بينما كان للمغرب حظ وافر أن تحكمه ملكية منذ زمن بعيد، أن يحكمه ملوك عظماء، من بينهم المغفور له محمد الخامس والمغفور له الحسن الثاني، واليوم جلالة الملك محمد السادس. بث كل واحد من الملوك، في عهده، زخما تنمويا جديدا في البلد. إذا كان المغرب بالشكل الذي نراه اليوم، فهذا بفضل الأوراش الكبرى التي أطلقها الحسن الثاني، خاصة سياسة السدود. وخلال 20 سنة الماضية، رأينا تحولا عميقا بالمغرب بفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس. هناك استمرارية واستقرار سياسي وأيضا قدرة كبيرة على التفكير وإثراء الأمة المغربية، عبر اتخاذ خيارات مهمة وحكيمة مكنت المملكة من أن تكون ما هي عليه اليوم.
أعتقد أيضا أن المغرب بمثابة مختبر لإفريقيا، عليها أن تستلهم من الإنجازات المحققة بهذا البلد، ومن بينها تملك تقنيات دقيقة مهمة. بالدار البيضاء تصنع مكونات تكنولوجية متقدمة وذات قيمة مضافة عالية، دون إغفال المنجزات المحققة في الزراعة والسياحة. أعتقد أن المغرب، وبدون مواد خام، أبان عن أن أمة، بل أكثر من ذلك أمة إفريقية، يمكن أن تحقق الرفاه.