تتزايد التحذيرات بخصوص الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية، ما حدا بمنظمة الصحة العالمية لتخصيص أسبوع عالمي للتوعية بالأضرار الناتجة عن الإفراط في تناولها.
وفي هذا الاطار، أجرت وكالة المغرب العربي للأنباء حوارا مع الدكتورة في الطب العام، هاجر الهوري، لتسليط الضوء على الأضرار الناتجة عن الإفراط في اللجوء إلى هذا العلاج ، وكذا التحسيس بأهمية الاستخدام الآمن والصحيح للمضاد الحيوي وفق شروط معينة.
1- ماهي أبرز الأضرار الناتجة عن الإفراط في تناول المضادات الحيوية؟
المضادات الحيوية فئة من الأدوية، تسمى أيضا بمضادات الميكروب وبالعامية “دواء الميكروب”، تستعمل كدواء لعلاج العدوى التي تسببها البكتيريا، وتبقى دون فعالية عندما تكون العدوى ناتجة عن مسببات مرضية أخرى كالفيروسات أو الفطريات.
نستنتج هنا أنه وحده الطبيب المعالج من يملك القدرة على اختيار المضاد الحيوي المناسب بعد التعرف على نوع البكتيريا المسببة للمرض في المنطقة أو العضو المصاب. فبالنسبة لأمراض الأنف والحنجرة والجهاز التنفسي والمثانة، مثلا، هناك نوع من المضادات الحيوية توصف كعلاج، وهي نفسها التي تكون فعاليتها جد محدودة في علاج أمراض أخرى.
وهناك عدة عوامل يأخذها طبيب الأسرة أو الطبيب المعالج بعين الاعتبار قبل وصف المضاد الحيوي من قبيل عامل السن وإصابة المريض بأمراض أخرى في نفس الوقت، ونوعية المضاد الحيوي (القرص أو الكبسولة أو الشراب)، إلى جانب عامل الحساسية أو التفاعلات الدوائية حيث إن هناك مجموعة من المضادات الحيوية لا يمكن استخدامها أو مرافقتها مع بعض الأدوية عند المريض.
2 – لماذا يقبل المغاربة على تناول المضاد الحيوي بدون وصفة طبية ؟
بعض أنواع البكتيريا تكون بطبيعتها مقاومة لبعض أنواع المضادات الحيوية، ويصبح المشكل مقلقا عندما تكون المقاومة مكتسبة، أي عندما لا يتم استعمال المضاد الحيوي بطريقة صحيحة وآمنة ، عندئذ تصبح البكتيريا مقاومة ولا تتأثر بالمضاد الحيوي، فتبدأ بالتكاثر متسببة في طول مدة المرض، وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى الوفاة.
ويجب في هذا الإطار التحذير من خطورة بعض العادات المنتشرة في المجتمع المغربي، حيث يلعب بعض الأشخاص دور الطبيب والصيدلاني، فيصفون الدواء لأنفسهم أو لغيرهم من الأهل والجيران وحتى للزملاء في العمل، وقد يستعملون المضاد الحيوي لسبب عارض أو زكام خفيف.
وقد يتجاوب بعض الصيادلة مع هذه الفئة من الأشخاص ويلبون رغباتهم ويبيعون لهم أنواعا مختلفة من هذه المضادات الحيوية بدون علم بطبيعة حالتهم المرضية ودون وصفة طبية. ونتيجة لذلك، يصبح المضاد الحيوي من دون فعالية في مواجهة البكتيريا، مما يعني استمرار حالة العدوى وزيادة خطر انتقالها إلى أشخاص آخرين، ومن ثم فإن إمكانية معالجتها بطريقة سهلة تصبح صعبة للغاية، وهو ما يعني الحاجة إلى مزيد من الرعاية والعلاج واللجوء إلى مضادات حيوية أخرى يمكن أن تتسبب في مضاعفات جانبية حادة.
فحالات مرضية من قبيل نزلات البرد وسيلان الأنف الخفيف، والأنفلونزا الخفيفة، والتهاب القصبات والسعال الناتج عن فيروس وليس بكتيريا، والتهاب الأذن، لن تعمل المضادات الحيوية على قتل الفيروسات المسببة لها، وبالتالي فإن تناولها لن يؤدي إلى تحسن الحالة الصحية للمريض حيث لا يكون للمضاد الحيوي أي تأثير أو فعالية تجاهها.
وهنا نسجل للأسف أن مريضا من أصل ثلاثة مرضى يستخدمون مضادات حيوية غير مناسبة، وحوالي ثلث استخدامات المضادات الحيوية تكون غير ضرورية أو غير مناسبة.
3 – ماهي النصائح التي تقدمونها من أجل التحسيس بأهمية الاستخدام الآمن والصحيح للمضاد الحيوي ؟
على غرار جميع الأدوية، قد تكون للمضاد الحيوي آثار جانبية خفيفة كآلام في المعدة والإسهال والغثيان، وفي بعض الحالات قد يتسبب في ظهور حساسية على مستوى الجلد، كاحمرار أو حكة أو انتفاخ في الوجه، وقد يتسبب في حساسية شديدة تتطلب عناية طبية.
كما أن الإفراط في تناول المضادات الحيوية تنتج عنه بعض الأضرار كالغثيان، وسوء الهضم والشعور بالانتفاخ، والإسهال، وفقدان الشهية، وكذلك الالتهابات الفطرية إثر تسبب بعض المضادات الحيوية في قتل البكتيريا المفيدة في الجسم التي تحمي من الالتهابات الفطرية خاصة عند النساء، وهو ما يستلزم تغيير المضاد الحيوي للمرة الأولى والثانية دون التمكن من القضاء على البكتيريا الضارة .
لذا يجب دائما اللجوء الى الطبيب العام أو طبيب العائلة لوصف المضاد الحيوي المناسب والأخذ بعين الاعتبار تناول المريض لأدوية أخرى مثل أدوية الحموضة والمكملات الغذائية وحبوب منع الحمل وأدوية الحساسية.
ويتعين التركيز خلال هذا الأسبوع العالمي على التوعية بأضرار الإفراط في تناول المضادات الحيوية، والتأكيد على ضرورة تناول المضاد الحيوي الذي يصفه مهني الصحة سواء الطبيب أو الصيدلي عن طريق وصفة طبية، والحرص على الالتزام بمواصلة المدة المحددة للعلاج وعدم إيقافه حتى مع الشعور بالتحسن كما هو مبين من لدن الطبيب المعالج، بالإضافة إلى أهمية اتباع مجموعة من السلوكيات الخاصة من أبرزها، المواظبة على غسل اليدين، وتجنب الاتصال المباشر بالشخص المريض تفاديا للعدوى، وكذا الحرص على القيام بجميع التلقيحات اللازمة، وعدم وصف المضاد الحيوي لصديق أو شخص مريض من العائلة.
وبدورنا كأطباء ومهنيي الصحة، يجب نشر الوعي عن طريق وضع ملصقات في العيادات والصيدليات، وفي الأماكن العامة في إعلانات مرئية ومسموعة وكبسولات صغيرة عن طريق وسائل الإعلام للتوعية بخطورة المضاد الحيوي والاستعمال العشوائي للأدوية بصفة عامة والمضادات الحيوية بشكل خاص.
ويتعين أيضا نشر الوعي بين الأشخاص عامة والعاملين في الصيدليات لتجنب إعطاء المضاد الحيوي إلا بوجود وصفة طبية، كيف ما كان نوعه، من البسيط إلى شديد المفعول، وعدم استعمال المضادات الحيوية المتبقية من وصفة طبية سابقة، وعدم مشاركة المضاد الحيوي مع الآخرين.