طفل يقضي ساعات في اللعب على الهاتف الذكي.. صورة لم تعد غريبة في العديد من المجتمعات. وبدأت نتائج الاستخدام المكثف للهواتف الذكية في الظهور، إذ سجلت نسب الإصابة بقصر النظر معدلات قياسية وسط تحذيرات من أن القادم أسوأ.
رصد الخبراء زيادة كبيرة في معدلات الإصابة بقصر النظر في أماكن مختلفة من العالم، نتيجة الاستخدام المتزايد للهواتف الذكية. وارتفعت نسب المصابين بقصر النظر الذي يعد أحد أشكال ضعف البصر، بشكل كبير في المدن الكبرى في آسيا. ففي غضون سنوات قليلة ارتفعت نسبة من يعانون من قصر النظر، من 20 إلى 80 بالمئة، وفقا لتقرير نشرته صحيفة “أوسبورغر تسايتونغ” الألمانية.
وفي ألمانيا توقع الخبراء زيادة كبيرة في عدد المصابين بقصر النظر خلال السنوات المقبلة. ويقدر مدير كلية أمراض العيون والنظر بمدينة كولونيا، فولفغانغ فيزيمان، نسبة المصابين بقصر النظر في ألمانيا حاليا بـ 40 بالمئة. وقال فيزيمان في تصريحات نقلتها صحيفة “دي فيلت”: “ستتجه هذه الأرقام بالتأكيد نحو الزيادة”، مرجعا ذلك إلى الاستخدام المكثف للهواتف الذكية.
ويعتبر الشباب في الفئة العمرية من 20 إلى 29 عاما، من أكثر الفئات إصابة بقصر النظر على عكس ما كان معروفا في السابق، إذ كان قصر النظر من المشكلات التي يصاب بها الإنسان في عمر المدرسة. ونتيجة لهذه التغيرات، طالب فيزيمان بضرورة إعادة اختبار النظر لسائقي السيارات بشكل دوري وألا يقتصر فقط على إجراءات التقدم للحصول على رخصة القيادة.
ويؤكد الخبراء أن السبب وراء هذه الزيادة الكبيرة في معدلات الإصابة، لا يمكن أن يرجع لأسباب جينية وإنما لتغيرات في شكل المجتمع والحياة اليومية. ورصد الخبراء العديد من العوامل التي تزيد من الإصابات بقصر النظر، من بينها قلة التعرض لضوء النهار وهو أمر منتشر بشدة في المدن الكبرى بقارة آسيا تحديدا. ولهذا السبب قررت الصين بناء أسقف زجاجية في المدارس لدخول أكبر قدر ممكن من الضوء للفصول الدراسية.
وأظهرت دراسة في الصين أن نحو 90 بالمئة من الطلبة يرتدون النظارات الطبية. وفي تايوان يقدر عدد الأطفال الذين يعانون من قصر النظر، بحوالي 84 بالمئة.
ويتسبب قصر النظر في رؤية ضبابية للأشياء البعيدة وهو يحدث عادة نتيجة لخلل في سقوط الضوء على شبكية العين. وفي السنوات التي سبقت الانتشار الكبير للتكنولوجيا الحديثة، كان يتم تشخيص قصر النظر في المرحلة العمرية بين 6 و 18 عاما. ويمكن أن يتحول قصر النظر لمشكلة خطيرة إذا وصل لمعدلات مرتفعة، حيث يزيد من خطورة الإصابة بالمياه الزرقاء (الغلوكوما) أو انفصال الشبكية أو حتى العمى مع التقدم في العمر، وفقا لتقرير “فيلت”.
حماية نظر الأطفال.
ومع صعوبة التخلي عن وسائل التكنولوجيا الحديثة، هل من طريقة لحماية الأطفال من مخاطرها؟ يؤكد الخبراء أن الإكثار من الواجبات المدرسية التي يؤديها التلاميذ في سن مبكرة حتى المساء، من أسباب تدهور نظر الأطفال وهو ما تثبته الدراسات التي أجريت على أطفال في الصين وكوريا الجنوبية. وعدم خروج الأطفال للعب في الأماكن المفتوحة أيضا من أسباب إصابتهم بمشكلات النظر عموما. أما أشهر أسباب مشكلات النظر لدى الأطفال، فهي تعاملهم المبكر جدا مع الهواتف الذكية والكمبيوتر اللوحي، كوسيلة للتسلية يمتد اللعب بها لساعات طويلة.
وبالنسبة للتعريض لضوء الشمس، فيجب معه اتخاذ إجراءات وقائية حتى لا تصاب عين الطفل بالتهابات، وهنا يوصي الخبراء بارتداء القبعة ونظارة الشمس إن أمكن، لحماية الطفل من الأشعة فوق البنفسجية.