عناوين كثيرة تُطلق على النهائي المرتقب لمونديال قطر 2022، الأحد، بين الأرجنتين وفرنسا، من “نهائي الحلم” إلى “مباراة الثأر”.
لكن الأكيد أن المواجهة ستكون صراعاً بين جيلين، الأول لخواتيم مسيرة ليونيل ميسي والثاني لبداية عهد سيطرة كيليان مبابي.
“الآن، الكأس”. هكذا قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لـ”الديوك” بعد الفوز على المغرب (2-0) في نصف النهائي، وبلوغ المباراة النهائية الثانية توالياً، في مسعى إلى لقب ثان توالياً أيضا يدخلهم التاريخ بعد 60 عاما من الإنجاز البرازيلي.
لا يمكن لأحد أن يجزم بالنتيجة. فمن يرجّح فوز الفرنسيين المدججين بهجوم قوي وسريع وفتاك مع النجم كيليان مبابي، يقابلهم آخرون بدفاع “الغرينتا” الأرجنتينية بقيادة “البرغوث” ميسي الذي يريد أن يتوّج مسيرته باللقب الوحيد الغائب عن خزائنه الفيّاضة، ليحفر اسمه إلى الأبد في كتاب الأساطير.
يقول هداف مونديال 1978، ماريو كمبيس، لفرانس برس “يصعب تحديد الأفضل، هي بنسبة 50-50. تحسّن الأرجنتين لا يعني شيئاً. (المدرب) سكالوني وجد التشكيلة المثالية، تلك التي تملك كل شيء”.
“ستكون مباراة متوازنة”
تابع: “وجد اكتشافي المونديال إنسو فرنانديس وخوليان ألفاريس. يبدو لي أن فرنسا تراجعت أمام المغرب (في نصف النهائي). تركت الاستحواذ بنسبة 70 بالمئة معظم الوقت. ستكون مباراة متوازنة ولا يمكننا القول إذا سيكون ميسي الأفضل أم مبابي”.
لكن في النزال على اللقب، هناك معركة ثانية بين ميسي ومبابي، وهي السباق إلى الحذاء الذهبي وهما يملكان عدد الأهداف نفسه (5) في عدد المباريات نفسها (6)، وستكون المباراة السابعة حاسمة في كل شيء.
ويشكّل الفوز بجائزة الهداف واللقب العالمي دفعاً هائلاً لأي منهما في السباق على الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، حيث يسعى ميسي عن 35 عاماً إلى نيلها للمرة الثامنة في مسيرته الأسطورية، فيما يبحث مبابي (23 عاماً) عن الانضمام إلى نادي الفائزين بها للمرة الأولى.
قال ميسي بعد الفوز على كرواتيا 3-0 في نصف النهائي: “أشعر بالسعادة في هذه البطولة”، فيما قد يفتقد مبابي لبعض زملائه الذين تغلغل بينهم فيروس مزعج أعراضه تشبه نزلة البرد ويرفض المنتخب الفرنسي الكشف عنه، مثل رافايل فاران، إبراهيما كوناتيه وكينغسلي كومان، علماً ان دايو أوباميكانو وأدريان رابيو غابا عن نصف نهائي المغرب (2-0) للسبب عينه.
وإذا فشل اللاعبان في الوصول الى الشباك في موقعة لوسيل، ستكون الفرصة سانحة أمام زميليهما أوليفييه جيرو وخوليان ألفاريس لانتزاع جائزة الهداف بما أن كل منهما يملك في رصيده 4 أهداف.
وإذ أن المنظور إلى الظفر باللقب مشترك حسابياً، هناك ثأر أرجنتيني كان يكبر منذ العام 2018، عندما أقصى الفرنسيون الأرجنتينيين في ثمن نهائي مونديال روسيا، تحت أنظار الأسطورة الأرجنتيني الراحل دييغو أرماندو مارادونا.
كانت المواجهة حينها على الأرجح أجمل مباراة في مونديال روسيا. حسمها مبابي ورفاقه (4-3)، ليحجزوا بطاقتهم الى ربع النهائي في طريقهم لمنح بلادهم لقبها العالمي الثاني.
للنجمة الثالثة
وبعد أكثر من أربعة أعوام بقليل (نتيجة إقامة المونديال نهاية العام عوضاً عن فصل الصيف)، يتجدد الموعد بين المنتخبين، الأحد، على ملعب لوسيل.
وبعدما تخلص من عقدة الفشل في إحراز الألقاب مع المنتخب الوطني بتتويجه بطلاً لبطولة كوبا أميركا 2021، يسعى ميسي إلى إنهاء مشاركته الخامسة في كأس العالم بأفضل طريقة من خلال منح بلاده لقبها الأول منذ 1986، رغم بداية معقدة شهدت خسارته مع السعودية (1-2)، لكن مبابي سيحاول جاهداً أن يعكر خططه وأن يجعل من “الديوك” أول منتخب يحتفظ باللقب منذ البرازيل عام 1962.
بالنسبة لمهاجم فرنسا، أنطوان غريزمان، “ستكون مباراة جميلة لخوضها، مباراة جميلة لمشاهدتها، وأعتقد أنها ستكون مباراة نهائية جميلة”.
أما المدافع، تيو هرنانديز، صاحب الهدف الأول في مرمى المغرب فقال: “إنه أمر لا يصدق أن تلعب نهائيين توالياً (…) ستكون مباراة كبيرة (ضد الأرجنتين في النهائي). سنعمل من أجل محاولة الفوز بالنهائي”.
ستكون هذه المباراة الثالثة عشرة في تاريخ مواجهات المنتخبين، إذ حققت الأرجنتين ستة انتصارات حتى الآن مقابل ثلاث خسارات وثلاثة تعادلات.
التقيا ثلاث مرات في كأس العالم. فقبل لقاء قازان الأخير في 2018، فازت الأرجنتين في النسخة الأولى التي أقيمت في الأوروغواي عام 1930 بهدف، وكرّرته في نسخة 1978 التي أقيمت على أرضها في دور المجموعات 2-1.
ومن الآن حتى مساء الأحد، ستبقى نجمة تسمّى “الثالثة” في انتظار القميص الذي ستحطّ عليه.
ثلاث مواجهات في المونديال
ستكون مواجهة الأحد بين الأرجنتين وفرنسا الرابعة بينهما في الحدث العالمي الكبير. تتفوق الأرجنتين (2-1)، لكن لقاء استاد لوسيل سيكون الأول بينهما في المباراة النهائية الحاسمة على اللقب.
في 15 يوليوز 1930، التقت الأرجنتين وفرنسا للمرة الأولى في التاريخ، ضمن النسخة الأولى من كأس العالم في الأوروغواي.
على ملعب سنترال باركي في مونتيفيديو، وأمام 23 ألف متفرّج، انتهت المباراة بفوز الأرجنتين (1-0) التي سيطرت على المجريات. في المرمى الفرنسي، تألق أليكس تيبو، لكنه رضخ في الدقيقة 81 أمام هدف لويس مونتي.
في الدقيقة 84، وقبل انتهاء الوقت الأصلي بست دقائق، أعلن الحكم البرازيلي، جيلبرتو دي ألميدا ريفو، نهاية المباراة، ما أثار دهشة وحفيظة الفرنسيين وقسم من الجمهور.
دخل الفريقان غرف الملابس، لكن أحد الحكام المساعدين توصّل إلى إقناع حكم الساحة بالخطأ الذي ارتكبه. طالب اللاعبين بالعودة لخوض الدقائق الست المبقية من دون أن تتغيّر النتيجة.
وإذا كانت فرنسا أقصيت من دور المجوعات بعد خسارتها السابقة ضد تشيلي، بلغت الأرجنتين المباراة النهائية حيث خسرت أمام الأوروغواي المضيفة (2-4).
وفي 6 يونيو 1978، تواجهت فرنسا مع الأرجنتين على أرض الأخيرة، على استاد مونومنتال في بوينوس أيرس أمام 71 الف متفرّج. بعد خسارتهم الافتتاحية أمام إيطاليا (1-2)، تلقى “الزرق” خسارة ثانية (1-2) عنت إقصاءهم، فيما واصل الفائز في تلك المباراة مشواره نحو اللقب الأول في تاريخه، في ظل أجواء صاخبة ودكتاتورية أيضاً في ظل نظام الجنرال فيديلا.
تساوت فرنسا ولاعب وسطها ميشال بلاتيني مع الأرجنتين التي أصاب مهاجمها، ماريو كمبيس، القائم في الدقيقة 45. لمس ماريوس تريزور الكرة بيده داخل المنطقة بعد تسديدة ليوبولدو لوكي، فترجم دانيال باساريلا ركلة الجزاء.
في الدقيقة 56، حاول حارس فرنسا جان-بول برتران-دومان إيقاف تسديدة لوكي، لكنه اصطدم بعنف بالقائم، وبعد خروجه على حمالة حلّ بدلاً منه دومينيك باراتيلّي.
بعدها بأربع دقائق، عادل بلاتيني متابعاً تسديدة برنار لاكومب المرتدة من العارضة. أخفق بعد ذلك ديدييه سيس في مواجهة فردية مع الحارس أوبالدو فيّول.
وفي الدقيقة 73، خدع لوكي باراتيلي من مسافة 20 متراً بكرة نصف طائرة. كانت الخسارة الأخيرة لفرنسا أمام منتخب أميركي جنوبي في كأس العالم.
وفي 30 يونيو 2018، تقابلت فرنسا بعد دور مجموعات صلب، مع الأرجنتين المتأهلة بالمعاناة في ثمن نهائي مونديال روسيا.
تقدّمت فرنسا بعد أقل من ربع ساعة بركلة جزاء لأنطوان غريزمان، بعد عرقلة اليافع كيليان مبابي إثر مجهود رائع على مسافة ستين متراً.
قبل الاستراحة، ردّ أنخل دي ماريا بتسديدة يسارية جميلة جداً من 25 متراً عادلت الأرقام (1-1).
وبعد العودة من غرف الملابس، تقدّمت الأرجنتين خلافاً لمجريات اللعب بهدف محظوظ لغابريال مركادو الذي استغل ارتماء الحارس لوريس إلى زاوية معاكسة بعد تسديدة من “البرغوث” ميسي.
أصبح الفرنسيون في وضع صعب، لكن الليلة شهدت لحظة سحرية بعد تسع دقائق: عرضية طويلة وكرة مشتتة تصل إلى مدخل الجهة اليمنى من المنطقة، يطلقها نصف طائرة الظهير بنجامان بافار صاروخية ومن زاوية معاكسة، فانفجرت رائعة في الشباك الأرجنتينية مسجلاً هدف التعادل (2-2) (د 57).
حلّق الفرنسيون بعدها بهدفين من مبابي في غضونه خمس دقائق (64 و68) جسّدا تفوّق الزرق الذين أحرزوا اللقب لاحقاً، فيما لم يجنّب هدف سيرخيو أغويرو في الوقت البدل عن ضائع (3-4) فريقه الخروج المرّ من الدور ثمن النهائي.