نسي الأرجنتينيون الأزمة التي يعانون منها جراء الوضع الاقتصادي الصعب، ونزلوا الى الشوارع للاحتفال بانجاز منتخب كرة القدم ونجمه ليونيل ميسي الذي قاد “ألبيسيليستي” الى لقبه الأول في كأس العالم منذ 1986 بالفوز على فرنسا بركلات الترجيح بعد التعادل 3-3 في الوقتين الأصلي والإضافي الأحد في قطر.
وتخلت الأرجنتين عن تقدمها بهدفين عندما عادل كيليان مبابي في الدقيقتين 80 و81 وأخذ المواجهة الى التمديد، ثم تقدمت بهدف ثان لميسي في اللقاء (108)، إلا أن مبابي أكمل الـ”هاتريك” في الدقيقة 118 لتذهب المباراة الى ركلات الترجيح.
وأحتفل الأرجنتينيون بالألعاب النارية وأطلقوا العنان لأبواق سياراتهم ولفوا أنفسهم باللونين الأزرق والأبيض للعلم الوطني ورقصوا ولوحوا بالأعلام.
وقال ابن الـ31 عاماً جويل سيارايو قبيل نهاية اللقاء “لا أصدق ذلك، لا أصدق ذلك”، مضيفاً من مقهى في وسط العاصمة بوينوس ايرس “قدرهم أن يعانوا. هذا من شروط أن تكون ارجنتينياً”.
وأضاف مشجع آخر يشاهد المباراة على شاشة عملاقة في حديقة سينتيناريو في العاصمة إنها “ملحمة، هذه ملحمة. كل تاريخ الأرجنتين فيه معاناة مماثلة”.
كانت مشاهدة نهائي كأس العالم والحلم باحراز اللقب ضرورية معنوياً، من أجل الهروب من الواقع بالنسبة لمواطني بلد عانى سنوات من الاضطرابات الاقتصادية بسبب التضخم المتصاعد.
ويعيش حوالي 40 بالمئة من السكان البالغ عددهم 45 مليون نسمة في فقر، وقد تسبب انخفاض قيمة العملة في حدوث فوضى بعدما فقد الناس قوتهم الشرائية.
وأفاد أغوستين أسيفيدو، ابن الـ25 عاماً الذي يعمل كعامل بناء في تيمبرلي والقادم الى بوينوس ايرس من أجل مشاهدة المباراة النهائية، أن “الأرجنتين بلد يعاني ويمر بأزمة اقتصادية حيث يصعب دائماً على المرء تغطية نفقاته في نهاية الشهر”.
لكن “كل ما اختبرناه من صعوبة كان يستحق كل هذا العناء. لنكن واضحين، الأرجنتين في ورطة، اقتصادياً واجتماعياً، الأمر سيء. وبالتالي، فإن هذا الإلهاء مُستَحَق بكل جدارة”.
وأشاد العامل في مجال أقفال الأبواب غابريال إسكالانتي بمدرب الأرجنتين ليونيل سكالوني، قائلاً من حديقة سينتيناريو “إنهم يلعبون كما لو كانوا في الحديقة لكن تحت ضغط… إنه عمل رائع لهذا المدرب”.
وأضاف سيرخيو لوريتو (32 عاما) “إنهم يستحقون الفوز”.
“هذا الفريق يستحق كل شيء”
منذ وقت مبكر من صباح الأحد وقبل بدء المباراة، بدأت الساحة حول النصب العمودي الشهير في وسط بوينوس ايرس تمتلئ بالناس.
إنه الموقع التقليدي الذي يحتفل فيه الأرجنتينيون بالانتصارات الرياضية في العاصمة.
وبمجرد أن حُسِمَ فوز الأرجنتين، نزل عشرات الآلاف باتجاه النصب، بامتداد بقدر ما يمكن للعين رؤيته وفي كل اتجاه مع غناء متواصل.
كان الفرح ملموساً لكن كان هناك أيضاً ارتياح واضح بعد انتظار دام 36 عاماً لإضافة لقب عالمي ثالث.
وقال سوليداد بالاسيوس “أنا في الخامسة والثلاثين من عمري. لقد كنت أنتظر 35 عاماً لهذه اللحظة في حياتي. لا أصدق ذلك. 35 عاماً في انتظار هذا الحلم”.
وتابع “لقد كنت أنتظر طيلة حياتي للاستمتاع بكأس العالم”.
في روساريو، مسقط رأس ميسي وأنخل دي ماريا صاحب الهدف الثاني في النهائي، دفن مشجعو الفريقين المنافسين نيويلز أولد بويز وروساريو سنترال خصومتهم التاريخية واحتفلوا معاً.
واعتبر ناهويل كانترو (21 عاماً) أن “هذا المنتخب الوطني يجمع الجميع. ترى مشجعي سنترال ونيويل يتعانقون ويغنون. هذا أجمل شيء على الإطلاق”.
بالنسبة لمارتن رينا (23 عاماً)، فإن “هذا الفريق يستحق كل شيء. هذا جنون. ميسي يستحقه أكثر من أي شخص لأنه لم يستسلم أبداً وحاول جاهداً”.
بدأ العديد من المشجعين الأرجنتينيين المتحمّسين، وجميعهم تقريباً يرتدون قميص المنتخب الوطني باللونين الأزرق والأبيض، التهافت الى المطاعم في في طوابير قبل أن تفتح أبوابها من الحصول على أفضل المقاعد لمشاهدة المباراة المرتقبة على الشاشات الكبيرة.
حتى في اليوم الذي سبق المباراة النهائية، كانت العاصمة الأرجنتينية بمثابة بحر من القمصان الزرقاء والبيضاء والأعلام والوجوه الملوّنة والقبعات وغيرها من التذكارات.
في بعض الطرق الرئيسية، رسمت البلديات ممر عبور المشاة باللونين الأزرق والأبيض، فيما بدأ بعض البائعين بالقرب من النصب العمودي في بيع قمصان “أبطال العالم” قبل ساعات من بدء المباراة النهائية.