يتباين الغرض من استعمال العدسات اللاصقة بين الطبي الرامي إلى تصحيح النظر، والتجميلي الذي كثر الإقبال عليه مؤخرا، غير أن شروط استخدام ونظافة والعناية بهذه العدسات تبقى واحدة في كلتا الحالتين، وذلك بالنظر إلى أن الإخلال بأحد هذه الشروط ينطوي على أخطار حقيقية على صحة العين، قد تبدأ بحساسية والتهابات وتقرحات وقد تنتهي بفقدان البصر في بعض الحالات.
فالإقبال الكبير على استعمال العدسات اللاصقة لم يعد يقتصر على تصحيح النظر، بل تحول لدى العديد من الأشخاص إلى وسيلة لتغيير لون العينين لأغراض تجميلية، دون استشارة طبية تحدد العدسات الأنسب للمستخدم، ومن محلات مواد التجميل غير المرخص لها ببيع العدسات.
ولأن العين تعد من أكثر أعضاء الجسم حساسية، فإن الأمر يستلزم الانتباه لما يوضع فيها من عدسات أو مواد تجميل وغيرها. كما أنه وخلافا للنظارات الطبية، تتطلب العدسات “بروتوكولا” خاصا عند الاستعمال، ولاسيما غسل اليدين بالماء والصابون، مع الشطف والتجفيف بمنشفة من نوع خاص (خالية من الوبر)، والتقيد بعدد المرات المحددة والمدة الزمنية لاستخدام هذه العدسات، وإلا قد تكون سببا في نقل عدوى البكتيريا والفيروسات والفطريات، وقد يصل الأمر إلى تآكل قزحية العين المؤدي للعمى.
وحول الاختيار بين النظارات والعدسات اللاصقة الطبية والتجميلية، أوضحت المتخصصة في طب وجراحة العيون، الدكتورة فاطمة لمريني الوهابي، أنه “سواء تم وضع العدسات اللاصقة الطبية أو التجميلية، فإن كلتيهما يحتاج إلى عناية خاصة”، مبرزة أن معظم العدسات اللاصقة الطبية تستخدم لتصحيح الأخطاء الانكسارية في العين (عدم وضوح الرؤية وعدم الراحة أو التعب البصري) بما في ذلك قصر وطول النظر، ومشاكل اللابؤرية، ومشاكل الرؤية المتعلقة بالشيخوخة.
وأبرزت لمريني الوهابي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن اللجوء لوضع العدسات اللاصقة يستوجب فحص العين من قبل طبيب مختص، للتعرف أولا على نوع العدسات المناسبة، بعد إجراء فحص دقيق للملتحمة والقرنية، وشبكة العين، وحدة قصر أو طول النظر، وتحليل الطبقة الدمعية، مسجلة أن العدسات اللاصقة تعد اختيارا أفضل من النظارات في العديد من الحالات، وفي مقدمتها ممارسة التمارين الرياضية، لأنها تتيح رؤية واضحة وثابتة.
وأكدت أن استخدام العدسات الطبية بصفة دائمة يتطلب فحصا كاملا ودوريا للعين من قبل طبيب العيون لمعرفة النوع الأكثر ملاءمة لكل شخص بحسب حالات الاستعمال واحتياجاته.
وأضافت أنه على العموم، هناك نوعان من العدسات اللاصقة، الصلبة واللينة، فالنوع الأول يسمح بتدفق الأوكسجين من خلال العدسة إلى العينين، ويفيد استخدامه الأشخاص الذين يعانون من العين اللابؤرية (Astigmatisme)، أو القرنية المخروطية (kératocône)، فيما يمتاز النوع الثاني من العدسات اللاصقة اللينة بأنه يوفر راحة أكبر عند الاستخدام، ما يشجع الإقبال عليه بشكل كبير، أما العدسات التجميلية فتستخدم لتغيير لون العينين، وقد تستخدم لتصحيح مشاكل العيون الخلقية مثل اختلاف لون العينين.
ولفتت الدكتورة لمريني الوهابي إلى أن اقتناء جميع أنواع العدسات يجب أن يتم عند الأخصائي في البصريات الذي يتولي شرح تعليمات استخدام العدسات اللاصقة الطبية والعناية بها، ومن المحلات المرخص لها للنظارات الطبية أو الصيدليات لتفادي العديد من المخاطر المترتبة عنها، ومن أبرزها التهاب العين.
وشددت على أنه هناك إجراءات يجب اتباعها عند استخدام العدسات اللاصقة، من بينها استشارة طبيب العيون فور مواجهة أية أعراض من قبيل احمرار العين أو الألم المتكرر، أو الرؤية الضبابية، أو التورم أو في حال الإحساس بوجود جسم غريب في العين، بالاضافة إلى تجنب استخدام العدسات اللاصقة عند حدوث التهابات العين المتكررة أو الحساسية الشديدة في بيئة عمل غير ملائمة كالأماكن التي يتواجد بها الغبار مثلا، وعدم القدرة على التعامل مع العدسات والعناية بها.
ومن بين الإرشادات الواجب اتباعها للعناية المناسبة بالعدسات اللاصقة وتجنب التهابات العين، استخدام المحلول المناسب والاعتناء بتنظيف العدسات واستبدال علبة حفظ العدسات بشكل متكرر والتأكد من تاريخ انتهاء الصلاحية، وإزالتها أثناء السباحة والاستحمام بالماء الساخن، لأن الفطريات يمكن أن تنتقل بسهولة عن طريق العدسات اللاصقة.
وخلصت الدكتورة لمريني الوهابي إلى أن هناك بعض الأشخاص يفضلون إجراء عمليات “الليزك” (LASIK) لتصحيح النظر بدلا من وضع العدسات اللاصقة نظرا لعدم قدرتهم على اتباع قواعد النظافة الصارمة والخوف من انتقال العدوى بالبكتيريا والفيروسات والفطريات المسببة لتقرحات العين، وهو أيضا اختيار آخر له نصيبه من التعليمات الطبية الواجب التقيد بها.