قال الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن والمتخصص في التجارة والطاقة والشؤون الجيوسياسية في منطقة شمال إفريقيا، مايكل تانشوم، أن إيطاليا والمغرب على مدى السنوات العشر الماضية، كانا من أكثر البلدان دينامية من الناحية الاقتصادية في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وأوضح تانشوم، في مقال تحليلي نشره المعهد المغربي لتحليل السياسات: “فقد أدى نمو المغرب كمركز للتصنيع والتوزيع للشركات التي تسعى إلى عمليات قريبة من الأسواق النهائية الأوروبية المتقدمة، فضلا عن الأسواق النهائية الأفريقية الناشئة، إلى خلق تعاون محتمل جديد نحو شراكة تجارية أعمق بين إيطاليا والمغرب. وإدراكا للإمكانيات الموجودة، وقعت روما إعلان تعاون استراتيجي مع الرباط في الأول من نونبر 2019 تضمن هدفا واضحا يتمثل في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية بين البلدين. وبالتركيز على الطاقة والصناعات التحويلية وتطوير البنية التحتية والقطاعات البحرية، وضع الإعلان تكامل سلسلة القيمة الإيطالية-المغربية كأولوية دبلوماسية”.
وأضاف الباحث: “خلال العام السابق للإعلان ثم في الفترة التي أعقبت توقيعه مباشرة، افتتح العديد من مصنعي أجزاء السيارات الإيطاليين إما مصنعهم الأول أو مصانع إضافية في المغرب. ونتيجة لذلك، يشكل التعاون التجاري بين إيطاليا والمغرب الآن إحدى الركائز الأساسية لسلسلة قيمة تصنيع السيارات في المملكة. وبناءً على التعاون الصناعي القائم، تتطلع روما والرباط الآن إلى التعاون في مجال الطاقة الخضراء، فمع انتقال إيطاليا لما يتجاوز الغاز الطبيعي، لدى روما فرصة لإعادة التوازن إلى دبلوماسيتها في مجال الطاقة الموجهة نحو الهيدروكربونات وإشراك الرباط في قطاعي الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وبناءً على خبرتهما في قطاع السيارات، يمكن لإيطاليا والمغرب الاستفادة من تعاونهما التجاري لتطوير سلاسل قيمة في مجال الطاقة الخضراء”.
روما تعيد التوازن في المنطقة المغاربية؟ التصورات والحقائق
في هذا الاتجاه، قال الباحث في معهد الشرق الأوسط: “من خلال التركيز الاستراتيجي على الأسواق فيما أطلق عليه صناع السياسات الإيطاليون “البحر الأبيض المتوسط الموسع”، أصبحت إيطاليا ثاني أكبر مصنع في الاتحاد الأوروبي، حيث تجاوزت قيمة الإنتاج الإيطالي المباع إنتاج فرنسا بالثلث قبل جائحة كوفيد-19. وبفضل إستراتيجية البحر الأبيض الموسع في روما تجاوزت صادرات إيطاليا إلى حوض البحر الأبيض المتوسط بكثير صادراتها إلى الولايات المتحدة والصين على التوالي وهو ما يعتبر عنصرا حاسما في الناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا. وعند دراسته من منظورمقارنة البيانات التجارية ، يبدو أن المغرب ذو أهمية تجارية ثانوية بالنسبة لإيطاليا في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ففي سنة 2021، كانت إيطاليا سادس أكبر مصدر للمغرب، حيث بلغت قيمة البضائع الإيطالية التي استوردتها المملكة 2.97 مليار دولار،وعلى الرغم من أهميتها، إلا أن قيمة صادرات إسبانيا لسنة 2021 إلى المغرب كانت تمثل ثلاثة أضعاف قيمة صادرات إيطاليا، كما أن قيمة صادرات فرنسا كانت ضعف ذلك. إضافة إلى ذلك، كانت إيطاليا خامس أكبر سوق تصديرية للمغرب في 2021، حيث بلغت قيمة البضائع المغربية التي اشترتها إيطاليا 1.56 مليار دولار. وبلغت قيمة الصادرات المغربية إلى إسبانيا (7.87 مليار دولار) وفرنسا (7.52 مليار دولار) على التوالي أكثر من أربعة أضعاف حجم الصادرات إلى إيطاليا”.
وأضاف تاشنوم: “خلق حجم التجارة الثنائية بين إسبانيا وفرنسا مع المغرب – 17.1 مليار دولار و 13.71 مليار دولار على التوالي- الذي تجاوز بشكل كبير حجم التجارة بين إيطاليا والمغرب (4.53 مليار دولار) انطباعا بأن التوجه التجاري لإيطاليا في المنطقة المغاربية غير متوازن ويصب لصالح جيران المغرب. يكون التناقض أكثر وضوحا عند النظر إلى حجم التجارة الثنائية لإيطاليا مع الجزائر (9.12 مليار دولار) سنة 2021 وهو أكثر من ضعف التجارة الثنائية بين إيطاليا والمغرب. كانت إيطاليا أكبر سوق تصديرية للجزائر في سنة 2021، حيث بلغت الواردات الإيطالية 6.62 مليار دولار، مما يعكس استيراد إيطاليا للغاز الطبيعي الجزائري. وفي نفس السنة، استوردت إيطاليا 23 في المائة من الغاز عبر خط الأنابيب من الجزائر بالإضافة إلى 23 في المائة من الغاز الطبيعي المسال. وتعتبر شركة إيني الإيطالية العملاقة للطاقة، الخاضعة للسيطرة الفعلية للحكومة الإيطالية، الشريك الأجنبي الرئيسي لشركة سوناطراك الجزائرية للنفط والغاز التي تملكها الدولة. وقد تعمقت العلاقات أكثر في 26 ماي 2022، عندما وقعت إيني وسوناطراك اتفاقية لزيادة حجم الغاز الجزائري المرسل إلى إيطاليا عبر الأنابيب بنسبة 26 في المائة للمساعدة في تعويض خسارة إيطاليا للإمدادات الروسية”.
وتابع: “أدت العلاقات الاقتصادية في مجال الطاقة بين الجزائر وإيطاليا إلى جانب الأصول النفطية والغازية الضخمة لشركة إيني في غرب ليبيا بالقرب من الحدود الجزائرية إلى تحويل اهتمام روما الدبلوماسي في المنطقة المغاربية نحو الجزائر. يلعب موقع إيطاليا الجغرافي وسط البحر الأبيض المتوسط دورا مهما أيضا، حيث عززت روما منذ فترة طويلة الترابط الثلاثي الطاقي بين الجزائر وتونس وإيطاليا، الذي يتمثل خاصة في خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للبحر المتوسط (ترانسميد)، الذي تملكه بشكل مشترك كل من إيني وسوناطراك، والذي يعتبر أحد أطول خطوط الأنابيب في العالم (2.475 كلم) ويمتد من الجزائر وتونس وصقلية والبر الإيطالي. ومن المقرر أن تصبح شبكات الكهرباء في الجزائر وتونس وإيطاليا مترابطة بحلول سنة 2025 عند الانتهاء من إنشاء كابل بحريالذي يبلغ طوله 192 كيلومتر وبقدرة 600 ميغاواط بين تونس وصقلية”.
وزاد: “ولكن عند النظر إلى المشاركة الاقتصادية لإيطاليا في المنطقة المغاربية بما يتجاوز نطاق العلاقة بين روما والجزائر وتونس في مجال الطاقة، يتبين أن أهمية العلاقة الاقتصادية لإيطاليا مع المغرب قد أصبحت موضع اهتمام أكبر، فقد برز هذا الأخير كسوق تصديرية للسلع الإيطالية بشكل أفضل من الجزائر. وفي سنة 2021، تجاوزت واردات المغرب من البضائع الإيطالية واردات الجزائر من البضائع الإيطالية بنسبة 17 في المائة، مما يعكس التطورات في النظم التصنيعية في المغرب ونمو أسواقها الاستهلاكية ويبين أن التجارة الثنائية بين إيطاليا والمغرب تميل إلى إشراك منتجات ذات قيمة مضافة أعلى. وتعتبر السيارات وأجزائها الصادرات الرئيسية من المغرب إلى إيطاليا وهو ما يبرز اندماج إيطاليا في سلاسل القيمة في قطاع تصنيع السيارات في المغرب. أما في سنة 2020، بلغ إجمالي صادرات السيارات إلى إيطاليا أكثر من نصف مليار دولار، وهذا يمثل حوالي ثلث إجمالي صادرات المملكة إلى إيطاليا. وتجسد المشاركة القوية للشركات الإيطالية في قطاع صناعة السيارات في المغرب التعاون التجاري بين إيطاليا والمغرب كنوع من الشراكة المربحة للطرفين ويعمل كنموذج مهم لكيفية توسيع هذه الشراكة لتشمل قطاعات اقتصادية أخرى”.
اندماج إيطاليا في سلسلة قيمة قطاع تصنيع السيارات في المغرب
على هذا الصعيد، شدد تاشنوم: “تعد شركة تصنيع أشباه الموصلات الفرنسية الإيطالية إس تي ميكروإليكترونكس التي يقع مقرها في جنيف واحدة من أهم الشركات العاملة في قطاع السيارات في المغرب. وقد ساعدت الدارات المتكاملة لأشباه الموصلات (الرقائق الدقيقة) المصنعة في مصنع الشركة في بوسكورة على ضمان مرونة سلسلة توريد الرقائق الدقيقة للسيارات وسط النقص العالمي. كان توسع مصنع بوسكورة من حيث القدرة الإنتاجية للرقائق الدقيقة للمركبات الكهربائية عاملا مساهما في تقدم المغرب في مجال تصنيع المركبات الكهربائية، حيث تهدف المملكة الآن إلى بلوغ طاقة إنتاجية سنوية تبلغ 300 ألف مركبة كهربائية بحلول 2025. وبغض النظر عن عمليات شركة إس تي ميكروإليكترونكس في المغرب، فإن الدور الذي تلعبه الشركات الإيطالية في قطاع صناعة السيارات بالمغرب بالغ الأهمية سواء من خلال عدد المصانع في المملكة أو تنوع المكونات المتخصصة التي تنتجها لدعم القطاع”.
وواصل: “تمتلك شركة الأسلاك الإيطالية سيوز كابيند، التي تملكها الآن شركة سوميتومو اليابانية، ثلاثة مواقع إنتاج في المغرب تزود مصانع فيات كرايسلر خارج المملكة. وقد عرفت الشركة –التي يقع مقرها الرئيسي في مدينة كولينيو بالقرب من تورين – حضورا طويلا في قطاع السيارات في المغرب وافتتحت أول مصنع لها في سنة 2001. وبوجود مصنعين إضافيين في المملكة، أصبح إجمالي القوى العاملة المغربية في سيوز كابيند يبلغ 6340 عاملا. أما شركة ماغنيتي ميريلي التي يقع مقرها في لومباردي، والتي أصبحت الآن جزءً من مجموعة ماريلي التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، فقد أصبحت تدير مصنعين في طنجة يعمل بهما 700 شخص؛ وتجدر الإشارة إلى أن مدينتي طنجة والدار البيضاء تملكان موقعان لمصانع سيارات رينو”.
وأردف الباحث: “قامت ماغنيتي ماريلي بتشييد مصنعها الثاني في سنة 2018، وهو نفس العام الذي افتتحت فيه شركة إم تي أي أوتوموتيف صولوشنز التي يقع مقرها في لومباردي، وهي شركة إيطالية رائدة في إنتاج أجزاء السيارات الكهربائية والإلكترونية، وقد شيدت منشأة بقيمة 42 مليون يورو في القنيطرة بالقرب من موقع مصنع بيجو، الذي افتتح عمله في سنة 2019. ومن المتوقع أن يوظف مصنع إم تي أي 450 شخصا عند الانتهاء من تطوير مرحلته النهائية في سنة 2024.إضافة إلى ذلك، اندمجت شركة مجموعة بي إس أي وهي الشركة الأم لبيجو مع شركة فيات كرايسلر في سنة 2021 لتشكيل تكتل ستيلانتيس لتسهيل اندماج إيطاليا في سلسلة القيم، ونتيجة لذلك ستبدأ شركة فيات في إنتاج طرازها الجديد من السيارات الكهربائية الصغيرة في مصنع القنيطرة حيث تقوم بيجو بالفعل بتصنيع سيارة كهربائية مماثلة”.
واستطرد: “إن العديد من مصنعي أجزاء السيارات الإيطاليين في المغرب هي مصانع صغيرة تضم بشكل عام من 30 إلى 150 شخصا، لكن إنتاجها من الأجزاء الأساسية يعد أمرًا هاما جدا لسلاسة التصنيع في المغرب. افتتحت معظم هذه الشركات مصانعها خلال الفترة ما بين 2018 و2020 وهي الفترة التي سبقت مباشرة وتلت توقيع إعلان الشراكة الاستراتيجية بين إيطاليا والمغرب. وتقع المقرات الرئيسية لجميع الشركات تقريبا إما في منطقة بييمونتي في تورينو أو بالقرب منها أو في منطقة لومباردي في ميلانو أو بالقرب منها، مما يشير إلى أن العلاقات بين الحكومات الإقليمية والبلدية وبين الأعمال التجارية يمكن أن تلعب دورا حيويا في تقدم العلاقات التجارية الإيطالية المغربية في الصناعات الأخرى”.
سلاسل القيمة في مجال الطاقة الخضراء: حدود جديدة للتعاون التجاري الإيطالي المغربي
في هذا الطار، أوضح المتخصص في التجارة والطاقة والشؤون الجيوسياسية في منطقة شمال إفريقيا: “تتيح الطاقة المتجددة لإيطاليا الفرصة لإعادة ضبط دبلوماسيتها في مجال الطاقة خارج حدود المنطقة الجغرافية المغاربية التي تحتوي على الغاز الطبيعي؛ وقد تمت إعادة تقويم المعايير هذه بمشاركة الشركات الإيطالية في قطاع الطاقة الريحية في المغرب. تدير “إينيل” للطاقة الخضراء، وهي فرع من شركة إينيل الإيطالية العالمية للطاقة المتجددة، محطتين لتوليد الطاقة الريحية المغرب بقدرة مركبة مجمعة تبلغ 527 ميغاواط، وحين الانتهاء من المحطة الثالثة للشركة في المملكة، والتي هي قيد الإنشاء حاليا، ستبلغ السعة الإجمالية لطاقة الرياح لشركة إينيل في المغرب 807.8 ميغاواط . وفي سنة 2019، وقبل خمسة أيام من توقيع إعلان التعاون الاستراتيجي بين إيطاليا والمغرب، وقعت شركة إينيل للطاقة الخضراء اتفاقية تعاون مع معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة المغربي (IRESEN) حول مجموعة واسعة من أنشطة البحث والتطوير في مجال إنتاج وتخزين وتوزيع الطاقات المتجددة. ونظرًا لأن وزارة الاقتصاد والمالية الإيطالية هي أكبر مساهم في الشركة الأم إينيل للطاقة الخضراء، فإن التعاون يمثل اتجاها جديدا في دبلوماسية الطاقة الإيطالية في المنطقة المغاربية”.
وأضاف: “تم عرض نهج روما الجديد خلال أزمة الغاز الطبيعي في أعقاب قيام روسيا بإيقاف تدفق الغاز إلى أوروبا في ربيع 2022، وفي منتصف أبريل من نفس السنة زار رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك ماريو دراغي الجزائر لتأمين إمدادات إضافية من الغاز الطبيعي إضافية من أجل تعويض النقص الذي تعاني منه بلاده. وفور الاتفاق مع الجزائر، قام وزير الخارجية لويجي دي مايو، الذي وقع اتفاقية التعاون الاستراتيجي لسنة 2019 مع نظيره المغربي ناصر بوريطة وظل في منصبه في ظل حكومة دراجي اللاحقة، بالاتصال هاتفيا ببوريطة ليؤكد موقف إيطاليا بأن “المغرب شريك استراتيجي ومحاور رئيسي لإيطاليا في المنطقة””.
وواصل: “يمثل اتفاق أكتوبر 2021 بين الرافعات الإيطالية وشركة الخدمات اللوجستيكية باراديسو فراتيلي الدولية المتخصصة في تركيب عنفات الرياح، وشركة سوماليف المغربية للرافعات واللوجيستيك لتشكيل شراكة في إطار مشروع مشترك تحت اسم بي أس أي للخدمات المتعلقة بمشاريع الطاقة الريحية ((PSA Wind Services، أحد أهم التطورات في تعاون سلسلة القيمة في مجال الطاقة الخضراء بين إيطاليا والمغرب. وكما تشير الأحرف الأولى للشركة (باراديسو سوماليف أفريكا)، يهدف المشروع المشترك إلى تركيب محطات الطاقة الريحية في المغرب وكذلك في دول إفريقيا جنوب الصحراء. وفي يونيو 2022، نفذ المشروع الإيطالي المغربي المشترك خدماته الهندسية في الرفع والمناولة والتجميع في مزرعة الرياح الجديدة بقدرة 150 ميغاواط والتي يتم بناؤها في مدينة تازة شرق المغرب. ومع تصنيع مكونات عنفات الرياح في المغرب بالإضافة إلى عمليات البحث والتطوير، كما حدث في قطاع صناعة السيارات، يمكن أن يصبح المغرب مركزا لسلسلة قيمة في مجال طاقة الرياح في أوروبا وأفريقيا، كما توجد إمكانات مماثلة للطاقة الشمسية من خلال التوسع في إنتاج الخلايا والألواح الشمسية في المملكة”.
وتابع: “تكمن واحدة من أكثر الفرص الواعدة للتعاون الإيطالي المغربي في سعي المغرب لتطوير قدرته على إنتاج الهيدروجين الأخضر، فعلى عكس الهيدروجين التقليدي، أو “الرمادي” لكونه ينتج من الغاز الطبيعي في عملية تطلق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، فإن الهيدروجين الأخضر خالٍ من الكربون وينتج باستخدام الطاقة المتجددة لتقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين. يمكن بعد ذلك دمج الهيدروجين الأخضر مع النيتروجين لصنع الأمونيا الخضراء، وهو عنصر أساسي في إنتاج الأسمدة. وبصفته رابع أكبر مصدر للأسمدة في العالم ولكن يفتقر إلى إنتاج الغاز الطبيعي الخاص به، يسعى المغرب لاستبدال وارداته من الأمونيا الباهظة الثمن والمشتقة من الغاز الطبيعي بالأمونيا الخضراء المنتجة محليا من الهيدروجين الأخضر”.
وزاد: “ورغم أن المغرب قد أطلق ثلاثة مشاريع واعدة للهيدروجين الأخضر مع شركاء دوليين، إلا أنه ما يزال في المراحل التكوينية لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر. تملك إيطاليا فرصة للعب دور كبير في سلسلة القيمة في مجال الهيدروجين الأخضر في المغرب، كما تفعل في قطاع السيارات، حيث وقعت شركة سايبم الإيطالية متعددة الجنسيات لخدمات النفط والغاز الطبيعي وشركة ألبوران هايدروجين ومقرها إيطاليا مذكرة تفاهم في 4 مارس 2021 لبناء مشترك لمصنع هيدروجين أخضر في المغرب، وبينما سيكون المصنع واحدا من بين خمسة مصانع ستشيدها مجموعة الشركات (ثلاث في إيطاليا وواحدة في ألبانيا)، سيتم إنشاء مصنع الهيدروجين الأخضر لإنتاج الأمونيا الخضراء وتزويد صناعة الأسمدة في المغرب”.
وأكمل: “مع زيادة تحديد سلاسل القيمة العالمية في حوض البحر الأبيض المتوسط والانتقال في نفس الوقت إلى الطاقة الخضراء، تتطور أوجه تعاون جديدة لتوسيع التعاون التجاري بين إيطاليا والمغرب، ومن شأن التعاون في مجال الطاقة الخضراء بين البلدين أن يمكن روما من إعادة التوازن إلى دبلوماسيتها في مجال الطاقة في المنطقة المغاربية، والتي تشكلت من خلال جغرافية احتياطيات الغاز الطبيعي. تلعب الشركات الإيطالية بالفعل دورا كبيرا في قطاع تصنيع السيارات في المغرب، وينبغي الاستفادة من الخبرة المكتسبة من اندماج إيطاليا في سلسلة القيمة في مجال السيارات في تعزيز التعاون الإيطالي المغربي من أجل تطوير سلاسل قيمة خضراء وعمليات التصنيع والبحث والتطوير في المملكة”.
وختم: “يعد إنتاج الهيدروجين الأخضر وخاصة ما يشتق منه من الأمونيا الخضراء قطاعا يتمتع بإمكانيات كبيرة للتعاون الإيطالي المغربي، مما يساعد المملكة على تطوير إنتاج أسمدة مستدام وصديق للمناخ. وبينما تعد إيطاليا عاشر أكبر مصدر للأغذية الزراعية في العالم، فقد زاد المغرب بشكل كبير من صادراته الزراعية عالية القيمة وأصبحت الأسمدة المعدنية المصنعة في المغرب من الصادرات المتنامية بسرعة إلى السوق الإيطالية، مما يشير إلى أن التعاون الإيطالي-المغربي في مجال الهيدروجين الأخضر يجب أن يتم في إطار أوسع لضمان الأمن الغذائي المتبادل ودمج سلاسل القيمة لإنتاج الصادرات الغذائية”.