سجل حجم التجارة بين المغرب والبرازيل رقما قياسيا جديدا بأكثر من 3 مليارات دولار في عام 2022.
منذ سنة 1997، عندما كانت المبادلات التجارية تزيد قليلا عن 230 مليون دولار، أظهر البلدان الصديقان تقاربا ما فتئ يتعزز باستمرار، وذلك بفضل الترابط الاقتصادي ذي المنفعة المتبادلة.
إذا كان الميزان التجاري وقتها مواتيا لعملاق أمريكا الجنوبية، فقد انعكس الاتجاه، وعلى مر السنين، أصبحت الصادرات المغربية أعلى بكثير من واردات هذا البلد الذي يبلغ تعداد ساكنته 215 مليون نسمة.
وبحسب بيانات لوزارة الاقتصاد البرازيلية، ولجت إليها وكالة المغرب العربي للأنباء، بلغ حجم التجارة العام الماضي 3,13 مليار دولار، بزيادة قدرها 26,12 بالمائة مقارنة بعام 2021، وهو ما يمثل رقما قياسيا تاريخيا حتى الآن.
وفقا للخبراء البرازيليين، فإن الزيادة الهائلة في حجم التجارة بين البلدين المطلين على ضفتي الأطلسي تعكس تفاهما سياسيا جيدا وإدراكا للتكامل بين اقتصادات كل منهما.
وقال رئيس غرفة التجارة العربية البرازيلية، أوسمار الشحفي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن “المغرب، اقتصاديا وتجاريا، مهم جدا للبرازيل (…) فالمملكة تعتبر بحق شريكا استراتيجيا لبرازيليا، لا سيما في المجال الزراعي، لأن المملكة تلعب دورا رياديا في تنمية البلد الجنوبي أميركي “.
في عام 2022، صدر المغرب أكثر من 2,06 مليار دولار إلى البرازيل، الشريك التجاري الرابع للمملكة، والذي قام بتصدير منتجات بقيمة 1,06 مليار دولار نحو المغرب، مما أدى إلى فائض تجاري ناهز مليار دولار لصالح المملكة.
في الواقع، إذا كانت الصادرات المغربية قد ارتفعت بشكل طفيف (+ 7,63 بالمائة)، فإن الواردات المغربية من البرازيل تضاعفت تقريبا في عام 2022، حيث زادت بنسبة 88,82 بالمائة مقارنة بعام 2021. وانخفض الفائض التجاري المغربي بنسبة 26,31 بالمائة مقارنة بالعام الماضي (1,35 مليار دولار).
وحسب القطاعات، ظلت الصادرات المغربية، التي ولجت بشكل خاص عبر موانئ بورتو دي باراناغوا وسانتوس وريو غراندي، تميزها “منتجات الصناعات الكيماوية أو الصناعات ذات الصلة”، بقيمة 1,87 مليار دولار، و”الحيوانات الحية والمنتجات الحيوانية” (61,93 مليون دولار)، و”المنتجات المعدنية” (44,11 مليون)، و”النسيج ومنتجات القطاع” (33,97 مليون)، “الآلات والأجهزة الكهربائية” (24,83 مليون).
من جهته، استورد المغرب على وجه الخصوص من البرازيل “منتجات الصناعات الغذائية” (648,32 مليون دولار)، و”المنتجات النباتية” (304,28 مليون دولار)، و”المعادن الأساسية ومشتقاتها” (46ر40 مليون دولار)، و”منتجات الكيماويات والصناعات المرتبطة بها” (24,96 مليون دولار) و”الخشب والفحم ” (13,52 مليون دولار).
وفي تجارتها الخارجية، صدرت البرازيل 334,46 مليار دولار واستوردت منتجات بقيمة إجمالية قدرها 272,7 مليار دولار، بفائض 61,76 مليار دولار.
بالنسبة للخبير البرازيلي في الجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية، ماركوس فينيسيوس دي فريتاس، فإن التوطيد الدائم للعلاقات الاقتصادية بين البرازيل والمغرب يكرس الطبيعة الاستراتيجية للمملكة بالنسبة للبرازيل، لا سيما في ما يتعلق بالأمن الغذائي.
وأضاف أن “المغرب شريك موثوق به ومستقر ويمثل بوابة واعدة للمنتجات البرازيلية الموجهة لأفريقيا والدول العربية، بالإضافة إلى كونه يعد موردا رائدا للأسمدة” لدولة ذات توجه فلاحي بامتياز كالبرازيل.
بالنسبة للباحث ب”مركز السياسة للجنوب الجديد” والأستاذ الزائر في جامعة الشؤون الخارجية الصينية، فإن “الأرقام التجارية هي علامة على جودة العلاقات بين البلدين، غير أن المغرب والبرازيل مدعوان إلى زيادة تنويع قطاعات التعاون الاقتصادي”.
وشدد على أنه من الأساسي في هذا السياق تحقيق أقصى استفادة من المؤهلات اللوجستية للبلدين.
ما فتئت العلاقات بين المغرب والبرازيل، التي يعود تاريخها إلى ما قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1962، تتعزز بشكل خاص لا سيما بعد الزخم الذي شهدته إثر زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى البرازيل سنة 2004.
منذ ذلك الحين، ازدهرت التجارة وتعزز التقارب السياسي، مع آفاق واعدة في ظل حكومة لولا دا سيلفا، الذي استقبل في فاتح يناير رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الذي مثل صاحب الجلالة الملك محمد السادس في حفل تنصيب الرئيس البرازيلي الجديد.