أكدت عائشة الكلاع، المحامية، ورئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا، أن القضاء الفرنسي “غير مستقل ويكيل بمكيالين” في قضية جاك بوتيي، المتهم بالاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي في المغرب وفرنسا.
وأعربت الكلاع، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن استغراب الجمعية لتمتيع القضاء الفرنسي لجاك بوتيي بالسراح المؤقت، على الرغم من ارتكابه لجرائم خطيرة تتعلق بالاغتصاب والاتجار بالبشر، “تثبتها أشرطة القضاء الفرنسي”.
واعتبرت أن قاضي التحقيق في فرنسا، بقبوله كفالة لتمتيع جاك بوتيي بالسراح المؤقت يكون قد “خضع للسلطة المالية لهذا الرجل الثري الذي يعد من كبار أغنياء فرنسا”، مشيرة إلى أن المتابعة في حالة سراح تعود للسلطة التقديرية للقاضي وتكون مبنية على ضمان حضور المتهم للجلسات، وألا يكون الأمر يتعلق بأفعال إجرامية خطيرة كتلك التي ارتكبها بوتيي.
وتساءلت الكلاع عن “أي أمان أو حماية يقدمها القضاء الفرنسي لضحايا جاك بوتيي وهن يرونه يعيش حياة عادية، فقط لأنه إنسان نافذ ماليا؟”.
وانتقدت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا في هذا الصدد، الانتقائية التي يتعامل بها القضاء الفرنسي في هذا الملف، متسائلة ما إذا كان هذا الأخير سيتعامل مع هذه القضية بنفس الطريقة لو كانت الضحايا فرنسيات.
وأبرزت أن المغرب يمكن أن يعطي دروسا للقضاء الفرنسي في ملفات مماثلة، مشيرة إلى أن قضية جاك بوتيي بمدينة طنجة “أخذت مسارها بشكل عادي طبقا للمقتضيات القانونية المنظمة بمقتضى المسطرة الجنائية والقانون الجنائي لا سيما أمام الضابطة القضائية بعد تقديم شكاياتنا للوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف، وأمام الوكيل العام للملك أثناء تقديم المتهمين في مواجهة الضحايا، وكذا أمام قاضي التحقيق لتتم بعد ذلك إحالة الملف على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بطنجة”.
في المقابل، شهد هذا المسار في فرنسا نوعا من “التمطيط حيث أن المدة بين جلستين قد تصل إلى ستة أو سبعة أشهر مما يمس بحقوق الضحايا وباستقلال القضاء”. هذا الاستقلال ينتفي في المنظومة القضائية الفرنسية، تقول الكلاع، حيث أن وكيل الجمهورية تابع لوزارة العدل والحكومة بخلاف المغرب حيث السلطة القضائية مستقلة.
وأكدت أن قضايا الاتجار بالبشر في المغرب تصل عقوباتها إلى عشرين أو ثلاثين سنة مع التشديد في الجرائم التي تتم في حق الأطفال.
وسجلت أن تبني المغرب لقانون الاتجار بالبشر بعد مصادقته على بروتوكول (باليرمو) أعطى للقضاء مساحة لتكييف مجموعة من الأفعال الإجرامية التي كانت توضع في إطار اغتصاب أو إعداد وكر للدعارة إلى جرائم اتجار في البشر.
من جهة أخرى، أكدت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا أنها طلبت من قاضي التحقيق إصدار تفويض قضائي في فرنسا لمتابعة قضية جاك بوتيي على اعتبار أن هذا الأخير كان معتقلا في المغرب، وأن “هناك مسؤولين بالشركة فروا من العدالة المغربية إلى فرنسا ويعيشون الآن بشكل عادي رغم الجرائم الخطيرة التي كانوا وراءها”، منتقدة النيابة العامة في فرنسا التي لم “تحرك ساكنا رغم الحملة الإعلامية في المغرب وفرنسا حول هذه القضية”.
ولم تخف الكلاع تشاؤمها من إمكانية تفاعل القضاء الفرنسي مع هذا التفويض بشكل إيجابي. وقالت في هذا الصدد “أنا غير متفائلة، بالنظر للوضع والمسار الذي أخذه الملف في فرنسا رغم كل ما تم ارتكابه من أفعال إجرامية في حق شابات مغربيات وشابات بفرنسا”.
وأكدت أن القضاء الفرنسي، من خلال قضية جاك بوتيي، برهن على أنه غير مستقل، مشيرة إلى وجود “تدخل من جهات رسمية في القضاء الفرنسي، وأن هناك خلفيات أخرى تحكم القاضي الفرنسي”.
وأوضحت في هذا الصدد، أن هذا الملف تم تسييسه في ظل الوضع الذي تشهده العلاقات المغربية – الفرنسية وذلك على حساب حقوق وحماية الضحايا.
وشجبت في هذا الإطار الانتقائية التي تنهجها بعض المنظمات الدولية التي، وبدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان، تتبنى فقط ملفات خاصة ولأشخاص معينين، مشيرة على سبيل المثال إلى منظمة مراسلون بلا حدود التي دافعت عن متهمين في جرائم حق عام (توفيق بوعشرين، عمر الراضي، سليمان الريسوني).
وكما القضاء الفرنسي الذي فقد استقلاليته، تقول الكلاع، تنتقي هذه المنظمات بعض الملفات خدمة لأجندة من يمولها، ويتم استغلال تقاريرها من طرف الجهات الرسمية التي يتم توظيفها للضغط على المغرب.
وخلصت الكلاع إلى أن الجمعية المغربية لحقوق الضحايا ستستمر في الدفاع عن الضحايا وحقوقهن، داعية القضاء الفرنسي إلى أخذ العبرة من القضاء المغربي والاهتداء إلى المعايير الدولية لحماية حقوق ضحايا الاعتداءات الجنسية، باعتباره قضاء بلد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.