التقرير السنوي لبنك المغرب.. جدري يبرز أمورا إيجابية وأخرى وجب تطوريها

قال الخبير الإقتصادي محمد جدري، إن التقرير السنوي لبنك المغرب بخصوص الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2022، الذي قدمه والي بنك المغرب عبداللطيف الجواهري بين يدي الملك محمد السادس، السبت، يتوفر على مجموعة من الأمور الإيجابية، وأخرى يجب تطويرها.

في هذا الإطار، أكد جدري في تواصل هاتفي مع موقع “إحاطة.ما”: “أعتقد أن الاعقتصاد الوطني رغم الصعوبات والأزمات المتعاقبة من آثار جائحة كورونا، والتقلبات المناخية وعلى رأسها الجفاف، وكذا الموجة التضخمية، التي لم يشهد لها المغرب مثيلا متذ ما يقارب 30 سنة، إلا أنه تمكن من الحفاظ على صلابته، محققا نسبة نمو تعادل 1،3 في المائة، فضلا عن التنويع الحاصل في الاقتصاد المغربي، وذلك على غرار المهن الجديدة، مثل صناعة السيارات، والطائرات، والسياحة، والفوسفاط، والقطاع الفلاحي، وصناعة الألبسة والأنسجة والجلد، كلها مجتمعة ساعدت المملكة المغربية على تحقيق نمو نصبو في السنوات المفبلة أن إلى 4 و5 في المائة”.

وأضاف الباحث أن “هذا لا يمنع أن اليوم لدينا، مجموعة من التحديات التي يجب مصارعتها، علاوة على الإصلاحات الني يجب تنزيلها على أرض الواقع، لدينا ورش الحماية الإجتماعية، الذي نتواجد حاليا في المرحلة الثانية منه، عن طريق التعويضات العائلية، وفي طريق الوصول للتعويض عن التقاعد، وعن فقدان الشغل”.

وتابع الحبير الإقتصادي: “كذلك لدينا إصلاحات كبرى، من خلال إستكمال إصلاحات صندوق المقاصة، وإصلاح أنطمة التقاعد، بالإضافة إلى المنظومة الضربية، هذه كلها لها أهميتها، دون أن ننسى أو نغفل التحديان الكبرى المتعلقة بالإجهاد المائي، وبالتالي بات ملحا أكثر من أي وقت مضى، أنه وجب علينا عدم الاكتفاء فقط على الموارد المائية، التي نتحصل عليها من الأمطار، في ظل شحها وعدم نزولها بانتظام. الأمر الثاني، هو كل ما يتعلق بالطاقات المتجددة التي قطع المغرب في كل ما يتعلق بالطاقات الشمسية والريحية أشواطا كبيرة، هذه كلها أمور مهمة”.

وأضاف أنه يظن أن “المغرب اليوم، باللإضافة لما سبق استطاع أن يحافظ على مؤشرات ماكرواقتصادية مهمة، حقق نسبة نمو تصل لـ1،3 في المائة، تمكن من تخفيض عجز الميزانية إلى 5،2 في المائة، نتوفر على احتياطات نقدية تكفي لمدة تفوق الـ5 أشهر، كما تجاوزنا الحاجز النفسي لـ360 مليار درهم، بالإضافة إلى أننا مازلنا نتخبط في أمر سلبي المتعلق بالتضخم، والذي كان دائما بين 1 و2 في المائة، اليوم وصل إلى 6 في المائة، نتمنى أن يعود أدراجه، إلى نسبه العادية، المقدرة مابين 3 إلى 4 في المائة، في السنوات المقبلة”.

وواصل جدري: “هذا الأمر يتطلب تضافر جهود مجموعة من الفاعلين، بدءا بالحكومة، ومرورا بالمتداخلين على المستوى الترابي، وصولا إلى القطاع الخاص، كما أن اليوم الرهان على الاستثمار الخاص عوض الاستثمار العمومي، المنتج للثروة ولفرص الشغل، خيث أن الهدف الآن ثلثين للاستثمار الخاص، لكي يبقى الاستثمار العمومي مكملا، يدخل فيه الحفاظ على الأمن الغدائي والدوائي، وكذا استيراد الاحتياجات الطاقية”.

يشار إلى أن الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأمير مولاي رشيد استقبل، السبت، بالقصر الملكي بتطوان، عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، الذي قدم لجلالته التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2022.

وفي معرض كلمته بين يدي جلالة الملك، قال الجواهري إن الاقتصاد الوطني سجل خلال سنة 2022 نموا بنسبة 1،3 بالمائة بعد 8 بالمائة في 2021، متأثرا بسياق دولي صعب وموسم فلاحي متسم بجفاف حاد.

وأوضح أنه رغم هذه الظرفية غير المواتية والمجهود الذي بذلته الدولة لتخفيف وقع ارتفاع الأسعار على الأسر والمقاولات، استمرت وضعية المالية العمومية في التحسن، حيث تراجع عجز الميزانية إلى 5،2 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي.

وعلى مستوى المبادلات الخارجية، أشار والي بنك المغرب إلى أنه تواصلت الدينامية المسجلة سنة 2021 مدعومة بالأداء الجيد للمهن العالمية للمغرب ولقطاع الفوسفاط، مبرزا أن مداخيل الأسفار تحسنت إلى مستوى قياسي فيما استمر التدفق الاستثنائي لتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج.

وأكد أن هذه التطورات مكنت من احتواء عجز الحساب الجاري في 3،5 بالمائة، فيما تعززت الأصول الاحتياطية الرسمية لبنك المغرب إلى ما يعادل 5 أشهر ونصف من الواردات.

وعلى غرار معظم دول العالم، أكد أن المغرب لم يسلم من التصاعد الحاد للضغوط التضخمية الذي ميز السنة، فبعد نسبة لم تتعد في المتوسط 1،5 بالمائة خلال العشرين سنة الماضية، بلغ التضخم 6،6 بالمائة في 2022 وهو أعلى مستوى منذ 1992.

وأمام وضع كهذا، أوضح والي بنك المغرب أن بنك المغرب عمد إلى تشديد سياسته النقدية لتسهيل عودة التضخم إلى مستويات تنسجم مع هدف استقرار الأسعار، وهكذا، رفع سعر الفائدة الرئيسي ليصل إلى 2،5 بالمائة في نهاية السنة.

وبالموازاة مع ذلك، سهر بنك المغرب على ضمان تمويل ملائم للاقتصاد، حيث واصل تلبية كافة طلبات السيولة التي تتقدم بها البنوك كما استمر في تنفيذ برامجه المخصصة لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة.

وعلى صعيد آخر، أبرزالجواهري أن التحولات العميقة التي تعرفها الساحة الدولية مع تصاعد الانقسام الجيوسياسي والسيادة الاقتصادية، وكذا تواتر الظواهر المناخية القاسية وتفاقم الإجهاد المائي، تؤشر على تحديات كبرى سيواجهها المغرب خلال السنوات المقبلة.

وأمام هذه التطورات، اعتبر والي بنك المغرب أنه يتعين الرفع من قدرة السياسة العمومية على التكيف وتعزيز مرونتها وتقوية قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود.

لأجل ذلك، أكد أنه يجب أن يظل تثمين الرأسمال البشري في طليعة الأولويات، موضحا في هذا الصدد، أنه يبرز ورشان حاسمان يوحيان بتحقيق نقلة نوعية في هذا المجال، أولهما، ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي بادر جلالة الملك إلى إطلاقه سنة 2021، فيما يتمثل الورش الثاني في إصلاح نظام التعليم الذي بذلت من أجله جهود كبيرة منذ عدة سنوات.

وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد والي بنك المغرب أنه من شأن تحديث القطاع العمومي الذي دعا إليه الملك سنة 2020 أن يمكن من تصحيح الاختلالات البنيوية للمؤسسات العمومية، مضيفا أن التعبئة القوية لتحفيز الاستثمار الخاص عقب خطاب جلالة الملك الأخير تبعث على أمل زخم جديد للنمو والتشغيل.

وفي موضوع آخر، شدد والي بنك المغرب على أن ترشيد الموارد العمومية أضحى أمرا حيويا يقتضي تسريع العديد من الأوراش التي ستمكن من إفراز الهوامش اللازمة لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، مضيفا أنه بات من الملح استكمال إصلاح نظام المقاصة الذي أطلق سنة 2013 وكذا إصلاح منظومة التقاعد.

وسجل أن توالي الصدمات الخارجية منذ سنة 2020 كشف مواطن ضعف النسيج الاقتصادي وهشاشة بعض الفئات من الساكنة، مشيرا بالمقابل، إلى أنه أظهر المتانة التي اكتسبها المغرب بفضل استراتيجية تنويع الاقتصاد والإصلاحات التي تم إطلاقها خلال العقدين الأخيرين.

وعلى الصعيد الدولي، ذكر أن المغرب استطاع تحت قيادة الملك، أن يفرض نفسه كشريك موثوق به وكبلد للسلم والاستقرار، وهو ما فتئ يعود عليه بالنفع الكبير، كما يدل على ذلك خروجه من اللائحتين الرماديتين لمجموعة العمل المالي والاتحاد الأوروبي، واستفادته من خط الائتمان المرن لصندوق النقد الدولي وكذا احتضانه للاجتماعات السنوية المقبلة لصندوق النقد والبنك الدوليين بمراكش.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة