اعتبرت المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية 2024، أن التدابير التي اتخذتها بلادنا من أجل التحكم في مستوى التضخم وإعادته إلى مستويات ما قبل الأزمة، قد بدأت تؤتي ثمارها من خلال ما تم تسجيله من انخفاض في معدل التضخم خلال الأشهر الأخيرة.
ورغم ذلك، أكدت المذكرة التي وجهها رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى باقي المصالح الوزارية، أنه “ينبغي مواصلة تدابير اليقظة والتتبع، مع تكثيف الجهود لتحقيق التوازن الضروري بين السياسة الميزانياتية والسياسة النقدية، وذلك من أجل خفض معدل التضخم إلى مستوى يعادل 3.4% سنة 2024، و2% ابتداء من سنة 2025”.
في هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي محمد جدري، في تواصل هاتفي مع موقع “إحاطة.ما”: “أعتقد أن المذكرة التأطيرية لرئيس الحكومة، التي جرى تعميمها على مجموعة من القطاعات الحكومية، والمؤسسات العمومية من أجل الإعداد لمشروع قانون المالية 2024، تأخد بعين الإعتبار البرنامج الحكومي لحكومة عزيز أخنوش، الذي يهدف إلى تنزيل التزاماتها العشرة، وكذلك أخد بعين الاعتبار مجموعة من المتغيرات التي طبعت الساحة الاقتصادية والإجتماعية خلال الثلاث سنوات الماضية.
وأضاف جدري: “أظن بأن اليوم الحكومة حددت أربعة أولويات أساسية، من بينها مواجهة الضغوطات التي يعيش تحت وطأتها الاقتصاد الوطني، كل ما يتعلق بالتضخم، حيث كانت هناك مجموعة من الإجراءان للحد من التضخم، كذلك كل ما يتعلق أساسا بالسياسة المائية، لكي لا تبقى التبعية مائة بالمئة على سخاء السماء بالأمطار، كل ما يتعلق بالأحواض المائية، بناء السدود الصغيرة والمتوسطة، تحلية مياه البحر، وترشيد نفقات الماء”.
وتابع: “دون أن ننسى المحور الثاني، حيث المغرب اليوم يسير في طريق تعزيز الدولة الاجتماعية، والحماية الاجتماعية، اليوم نحن في المرحلة الثانية، بحيث جميع المغاربة سيستفيدون من برنامج التعويضات العائلية، ما يزيد عن 7 مليون أسرة لديها أطفال في سن التمدرس، ومليوني أسرة، توجد بين عدم توفرها على أطفال أو أنهم دون سن التمدرس”.
وواصل الخبير الاقتصادي: “دون أن ننسى مواصلة إصلاحات الأوراش المهمة، كل ما يتعلق بالصحة والتعليم والهدف اليوم، هو التوفر على مراكز استشفائية جامعية في كل جهات المملكة، وهذا أمر في غاية الأهمية. مواصلة الإصلاحات الكبرى، كل ما يتعلق بالاستثمار، إصلاح العدالة، دون أن ننسى أننا يجب أن نحافظ على مستقبل الأجيال القادمة، من أجل توفير الهوامش المالية، والتحكم في استدامة ميزانية الدولة، عن طريق تقليص عجز الميزانية إلى أربعة في المائة السنة المقبلة”.
وزاد: “أظن اليوم، لدينا مجموعة من الأهداف التي ينبغي تحقيقها السنة المقبلة، التي تبقى رهينة بتحقيق موسم فلاحي على الأقل أن يكون متوسطا، وكذلك شريطة استمرار أسعار المواد الأولية والطاقية في مستويات مقبولة، على غرار هذه السنة، على أقل تقدير”.
واسترسل: “التضخم سيكون بين ثلاثة وأربعة في المائة، وهذا الأمر يبقى منطقيا، لأن اليوم يسجل خمسة بالمائة، وبإمكان الإجراءات التي قامت بها الحكومة أن تحافظ عليه بين ثلاثة وأربعة في المائة، بالإضافة إلى الأمر الرابع، هو أن عجز الميزانية انتقل من سبعة في المائة، سنة 2021، إلى خمسة في المائة السنة الماضية، هذه السنة نتوقع أن تبقى نسب التضحم في أربعة ونصف في المائة، وبالتالي من المتوقع ومن الوارد السنة المقبلة، لا يمكن أن يبقى في حدود أربعة في المائة، أعتقد أن كل هذه الأمور مهمة، في إعداد مشروع المالية لسنة 2024، الذي يبتغي تحقيق التنمية، تحقيق فرص الشغل بالنسبة للشباب المغاربة، الذين عانوا الأمرين خلال الثلاث سنوات الماضية”.
ومن هذا المنطلق، أوردت المذكرة التوجيهية أنه سيتم العمل على توطيد التدابير الرامية لدعم المواد الأولية الفلاحية والأعلاف، موازاة مع تطوير سلاسل الإنتاج والتوزيع في إطار استراتيجية الجيل الأخضر التي ستواصل الحكومة تنزيلها خلال سنة 2024، ولا سيما من خلال الحرص على تفعيل الالتزامات التي تضمنها 19 عقد-برنامج التي تم التوقيع عليها بداية اسنة الحالية، باعتمادات تفوق 110 مليار درهم، منها 42 مليار درهم كمساهمة من الدولة.
ولفت المصدر ذاته، إلى أن حكومة أخنوش اتخذت عدة قرارات استباقية للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، ودعم القطاعات المتضررة بكلفة 50 مليار درهم سنتي 2022 و2023. ولمواجهة ندرة المياه، سجل المصدر ذاته، أن الحكومة قامت بتسريع وتيرة تنزيل البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027، مع الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة لقطاع الماء بـ 5 مليارات درهم.
وأوضحت المذكرة التوجيهية، أن الحكومة نجحت في تقليص عجز الميزانية من 7,1% سنة 2020، إلى 5,9% سنة 2021، وإلى 5,1% سنة 2022. وتحسن دينامية الاقتصاد الوطني منذ بداية سنة 2023، بمعدل نمو وصل 3.5% مقابل 2% خلال 2022.