حذرت الأمم المتحدة في بيان، الجمعة، من أنّ الحرب والجوع يهددان بـ”تدمير” السودان بالكامل وبدفع المنطقة إلى كارثة إنسانية، في وقت تتواصل المعارك في البلد منذ أكثر من أربعة أشهر بين الجيش وقوات الدعم السريع، من دون أي مؤشر الى حلّ في الأفق.
وذكر شهود، الجمعة، أن المعارك متواصلة خصوصا في محيط قاعدة عسكرية الى جنوب الخرطوم تسعى قوات الدعم السريع الى انتزاعها من الجيش، مشيرين الى هجوم جديد شنته قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، على القاعدة.
وواصل قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان لليوم الثاني، الجمعة، جولته على قواته، ليظهر للمرة الأولى منذ بدء النزاع في 15 أبريل خارج الخرطوم، وفق ما أظهرت أشرطة فيديو نشرها الجيش.
في جنيف، صرح منسّق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، الجمعة، أن “الحرب في السودان أوجدت وضعاً طارئاً إنسانياً له أبعاد هائلة”.
وشدّد غريفيث على أنه “كلما طال أمد القتال، صار تأثيره أكثر تدميراً. بعض المناطق لم يبق فيها أي طعام، ويعاني مئات آلاف الأطفال سوء التغذية الحاد ويواجهون خطر الموت الوشيك إذا لم يحصلوا على العلاج”.
ولفت إلى أن “هذا النزاع الذي يتسّع مع ما يخلّفه من جوع وأمراض ونزوح سكاني، بات يهدد بإطاحة البلاد بكاملها”.
وأوضح المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا) ينس لايركه في مؤتمر صحافي أن الأمم المتحدة تواجه مشكلتين: نقص الأموال وصعوبة الوصول إلى السكان بسبب انعدام الأمن، ولكن أيضًا بسبب “العقبات البيروقراطية” العديدة التي تعوق إيصال المساعدات.
وثمة حاويات عالقة في بورتسودان حيث أنشأت الأمم المتحدة مركزها اللوجستي. ولم تُمنح الأمم المتحدة تأشيرات كافية لإدخال الموظفين اللازمين إلى البلاد.
كما لم تتلق سوى 26 بالمئة من مبلغ 2,6 مليار دولار مطلوب لتمويل المساعدات للسودان هذا العام، أي 666 مليون دولار. وأبرز الجهات المانحة التي قدّمت أموالا حتى الآن هي الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أنّ 20,3 مليون شخص في السودان، أي أكثر من 42 بالمئة من السكان، يعانون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد منذ يوليوز.
وقال غريفيث إن الأمراض مثل الحصبة والملاريا وحمى الضنك وغيرها تنتشر في جميع أنحاء البلاد ولا يحصل معظم الناس على العلاج الطبي، بعد أن “تسببت الحرب بتدمير القطاع الصحي، وبخروج معظم المستشفيات من الخدمة”.
“المنطقة بكاملها إلى كارثة”
أسفرت الحرب عن مقتل نحو خمسة آلاف شخص، وفقاً لمنظمة “أكليد” غير الحكومية، لكن الحصيلة الفعلية أعلى من ذلك على الأرجح لأن العديد من مناطق البلاد معزولة تمامًا عن العالم، فيما يمتنع الجانبان عن الحديث عن خسائرهما.
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها بسبب معلومات تشير إلى استخدام أطفال في القتال.
وقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) جيمس إلدر لصحافيين إن عاملين في المجال الإنساني سمعوا أمهات وأطفالا يتحدثون عن استخدام أطفال كـ”سلاح حرب للقتل”.
وامتدت المعارك العنيفة في العاصمة الخرطوم ودارفور، إلى كردفان.
وقال غريفيث “في كادوقلي، عاصمة جنوب كردفان، استُنفدت الإمدادات الغذائية بالكامل، في حين أن الاشتباكات والحواجز على الطرق تمنع عمال الإغاثة من الوصول إلى السكان الذين يعانون الجوع”. كما تعرضت مكاتب منظمات الإغاثة للتخريب والسرقة والنهب في الفولة، عاصمة غرب كردفان.
وأضاف أنه “قلق جداً بشأن سلامة المدنيين في ولاية الجزيرة، مع اقتراب النزاع من سلة الغذاء السودانية”.
وخلال أربعة أشهر، اضطر أكثر من 4,6 ملايين شخص إلى الفرار ولجأ نحو مليون منهم إلى البلدان المجاورة.
وأفادت منظمة أطباء بلا حدود الجمعة بأن 380 ألف شخص فرّوا منذ بداية النزاع إلى تشاد، لكنهم يفتقرون إلى كل شيء.
وقالت تريش نيوبورت، المسؤولة عن المساعدات الطارئة في منظمة أطباء بلا حدود، لصحافيين، “الرعاية غير كافية، ولا توجد حتى مخيمات كافية حالياً لإيواء جميع المحتاجين”، داعية إلى “زيادة كبيرة وسريعة للمساعدات الإنسانية”.
وقال غريفيث إن “طول أمد النزاع في السودان قد يدفع المنطقة بكاملها إلى كارثة إنسانية”.
جولة البرهان
على الأرض في السودان، وفيما تتواصل المعارك في مناطق عدة، شوهد الفريق أول البرهان، الخميس والجمعة، للمرة الأولى خارج مقر قيادة العسكرية في الخرطوم التي تقول قوات الدعم السريع أنها تحاصره.
فقد زار، الخميس، قاعدة وادي سيدنا شمال الخرطوم، وفي أم درمان على بعد بضعة كيلومترات جنوبا. ونشر الجيش، الجمعة، أشرطة فيديو أظهرت البرهان خارجا من مروحية حطت في قاعدة عطبرة في ولاية نهر النيل على بعد 300 كيلومتر شمال شرق الخرطوم. وظهر جنود يحيونه بحرارة.
كما نشر مقطع فيديو آخر للبرهان مرتدياً زيه الكاكي المعتاد ومعتمراً قبعة، وهو يتجول بين الجنود.
وتجمّع عدد من الصحافيين في بورتسودان على البحر الأحمر بعد شائعات عن احتمال توجه البرهان إليها. ونقلت منظمات دولية وإنسانية عدة مقارها من العاصمة الى بورتسودان حيث لا يزال المطار مفتوحا، بينما توقف مطار الخرطوم عن العمل منذ اليوم الأول للمعارك.