و.م.ع
يعكس إجراء عزل رئيس مجلس النواب الأمريكي، الجمهوري كيفن مكارثي، عقب مذكرة تنحية قدمها أحد أعضاء حزبه، الصراعات الداخلية المستعرة في صفوف الحزب الجمهوري، وذلك على بعد سنة تقريبا من الانتخابات الرئاسية.
تعد هذه المرة الأولى في تاريخ الولايات، التي تمت فيها الإطاحة برئيس مجلس النواب الأمريكي عقب مقترح بسحب الثقة. كان ذلك ممكنا بعد انضمام ثمانية جمهوريين إلى الديمقراطيين في مجلس النواب، لإقالة رئيس الغرفة السفلى للكونغرس.
كما تشكل هذه الإقالة التاريخية ذروة صراع داخلي، استمر لأشهر وواجهه كيفن مكارثي، الذي تمكن بصعوبة من الظفر برئاسة مجلس النواب في يناير الماضي، بعد 15 جولة من التصويت.
التصويت على مذكرة التنحية، التي كانت بمثابة تصعيد كبير في حدة التوترات الداخلية داخل الحزب الجمهوري، جاء بعد أيام فقط من نجاح مكارثي في تمرير قانون مؤقت من شأنه أن يبقي تمويل الحكومة الفدرالية حتى 17 نونبر المقبل.
الجناح اليميني في الحزب الجمهوري انتقد مكارثي لاعتماده على أصوات الديمقراطيين من أجل تمرير إجراء التمويل الفدرالي المؤقت لمدة 45 يوما، متجاهلا مطالب بعض الجمهوريين، لا سيما ما يتعلق بتقليص الإنفاق الفيدرالي وتخصيص المزيد من الموارد المالية لتأمين الحدود.
ونظرا لتوفر الحزب الجمهوري على أغلبية ضئيلة في مجلس النواب، اكتسب الجناح المتشدد للحزب قوة أكبر، إذ لا يتردد في التعبير عن مطالبه وفرض أجندته السياسية. بيد أن الفوضى التي يعيشها المعسكر الجمهوري تهدد بعرقلة جهود الحزب للاحتفاظ بالمقاعد التي يحتاجها للحفاظ على أغلبيته في مجلس النواب بالكونغرس العام المقبل. كما أن الصراعات الداخلية تنذر بالمزيد من الانقسام في الحزب، قبل عام تقريبا من الانتخابات الرئاسية المقبلة.
نقطة خلاف أخرى تقسم الجمهوريين، وتتمثل في دعم أوكرانيا، لا سيما بين أبرز مرشحي الحزب للانتخابات الرئاسية لعام 2024. ففي وقت تدعم فيه كل من السفيرة السابقة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، والسيناتور تيم سكوت، وحتى نائب الرئيس السابق، مايك بنس، استمرار المساعدات الأمريكية لكييف، يعارض كل من حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، والرئيس السابق والمرشح الجمهوري الأوفر حظا، دونالد ترامب، هذا التوجه.
فقد دعا ترامب وبعض الجمهوريين في الكونغرس إلى إنهاء أو إبطاء المساعدات المقدمة لأوكرانيا، على عكس زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، وآخرين، الذين دعموا أوكرانيا بقوة.
وكان رئيس مجلس النواب الذي تم عزله، كيفن مكارثي، أكد أنه يدعم أوكرانيا لكن ليس بشكل مطلق، فيما أعرب مشرعو اليمين الجمهوري المتشدد، مثل النائبين مارجوري تايلور غرين ومات غايتس عن رفضهم الشديد لإرسال مساعدات إضافية إلى أوكرانيا.
هذه الانقسامات الدائرة داخل الحزب الجمهوري تنذر بتخلف الولايات المتحدة عن السداد في 18 نونبر، في حال أخفق الحزب في التوافق حول زعيم قادر على السيطرة على الجناح الراديكالي للحزب ورص صفوف الفصائل المختلفة للحزب السياسي المحافظ. إذ أن وحدة الحزب وانتصاره في السباق إلى البيت الأبيض رهينان بذلك.