قال الخبير الإقتصادي محمد جدري، أن التقرير الأخير لمجلس المنافسة، حمل بشرى للمغاربة الذين تأثروا بشكل كبير من ارتفاع أسعار المحروقات في السنوات الأخيرة، وذلك بعدما وافقت هيئة مجلس المنافسة على محاضر صلح مبرمة مع تسع شركات للمحروقات ومنظمتها المهنية تنص على دفع تسوية تصالحية بقيمة مليار و840 مليون و410 آلاف و426 درهم.
وأكد جدري في تواصل هاتفي مع موقع “إحاطة.ما”، أن التقرير السابق لمجلس المنافسة أفاد أن هناك إبطال للمنافسة من طرف الفاعلين في قطاع المحروقات، وقرر، في يونيو 2023، إحالة الملف المتعلق بممارسات محتملة منافية لقواعد المنافسة في سوق المحروقات إلي التحقيق، تطبيقا لمقتضيات المادة 38 المكررة من القانون رقم 104.12”. مضيفا أن “اليوم يؤكد مرة أخرى بأن شبهة الاتفاق أصبحت ملموسة، بعدما غرم 9 شركات مليار و840 مليون و410 آلاف و426 درهم”.
وتابع جدري: “أظن أن هذه الإدانة في حد ذاتها، هي أمر مهم، لأن هاته الشركات تعرف بأنها قامت بأشياء محالفة للقانون، وكانت تبطل المنافسة بفعل فاعل، وبالتالي هذه الأمور أضرت بالقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، خصوصا ذوي الدخل المحدود والمتوسط”.
وواصل المتحدث: “أظن بأن اليوم، مجلس المنافسة سيواصل عمله في هذا الاتجاه، لأن اليوم توجد مجموعة من التوصيات، ومجموعة من الالتزامات، التي تعهدت بها هذه الشركات، من أجل أن تكون هناك منافسة حقيقية ما بين الفاعلين في قطاع المحروقات، لأنه قطاع حيوي بالنسبة للمملكة المغربية”.
من بين هذه الالتزامات، أفاد جدري: “تواجد مراقب داخلي في كل مقاولة للمحروقات، من أجل الحرص أن تقوم هذه الأخيرة بمجموعة من الأمور تضمن شروط المنافسة، والأمر الثاني، هو أن هذه الشركات التزمت كذلك بتزويد مجلس المنافسة لمدة ثلاثة سنوات بتقارير المشتريات والمبيعات، وذلك من أجل لمس أي اختلاف حصل في السوق الدولية على أرض الواقع”.
بالإضافة إلى هذا، شدد جدري، أن إقرار هذه الشركات بمخالفاتها، “هو الذي جعل هذه الغرامة المادية، بسيطة شيئا ما، مقارنة برقم الأعمال التي جنتها هذه المقاولات، ولكن إجمالا أظن بأن اليوم أننا نطوي صفحة من قطاع المحروقات، بإدانة هذه الشركات، حيث تبث عليها فعليا أنها كانت تبطل المنافسة، وأنها كانت تتفق فيما بينها”.
ودعا الخبير الاقتصادي، في هذا الاتجاه بالقول: “اليوم مجلس المنافسة من جهة، والحكومة من جهة ثانية، يجب عليهما لأن يضمنا بأن تكون هناك منافسة شريفة بين جميع الفاعلين في القطاع، وهذا الأمر لا يمكن إلا أن يعود بالنفع على المواطنين، ولا سيما ذوي الدخل المحدود والطبيقة المتوسطة”.
ويشار إلى أن مجلس المنافسة، قال في بلاغ، أنه تم الخميس تبليغ الشركات المعنية ومنظمتها المهنية بموافقة المجلس على اتفاقات الصلح التي تنهي المساطر التنازعية ضدها، مذكرا بأنه سبق أن تم تبليغ مؤاخذات إلى تسع شركات تنشط في أسواق تموين وتختزين وتوزيع الغازوال والبنزين، وإلى المنظمة المهنية لهذه الشركات، وذلك تبعا لمساطر التحقيق التي باشرتها المصالح المختصة للمجلس.
ووفق المصدر ذاته،، فإن الشركات المعنية ومنظمتها المهنية أبدت عقب ذلك رغبتها في الاستفادة من المقتضيات المنصوص عليها في الإطار القانوني، لا سيما مسطرة التسوية المنصوص عليها في المادة 37 من القانون 104.12 كما تم تغييره وتتميمه، وهو ما وافقت عليه هيئة المجلس التي أناطت بالمقرر العام مهمة مباشرة مناقشات رسمية مع كل شركة معنية على حدة ومنظمتها المهنية وإمدادها بمقترحات التسوية وفقا للحدود المسطرة لها.
وأفضت هذه المناقشات، حسب ذات المصدر، إلى التوقيع على محاضر الصلح التي توثق موافقة هذه الشركات ومنظمتها المهنية على مقترحات الصلح المقدمة لها.
وبموجب اتفاقات الصلح تلتزم الشركات المعنية ومنظمتها المهنية بمجموعة من التعهدات بخصوص تصرفاتها، قصد تحسين السير التنافسي لسوق المحروقات مستقبلا والوقاية من مخاطر المساس بالمنافسة لصالح المستهلك.
وفي هذا الصدد، أكد مجلس المنافسة أن التعهدات المتخذة، في إطار هذه المسطرة التصالحية، تكتسي “طابعا إلزاميا”، حيث ستسهر مصالح المجلس على تتبع تنفيذها.
ويتعلق الأمر، حسب المصدر نفسه، بوضع برنامج للمطابقة مع قانون المنافسة، يجسد التزام هذه الشركات، المعرب عنه على أعلى مستوى للمسؤولية داخلها، باحترام قواعد المنافسة.
وسيتضمن هذا البرنامج، بالخصوص، وضع خرائطية المخاطر التنافسية داخل هذه الشركات وأنظمة إنذار داخلية فعالة، علاوة على تعيين مسؤول داخلي من لدن مسيري المقاولة، يتولى وضع برنامج المطابقة وتتبعه.
وفضلا عن ذلك، ومن أجل تمكين المجلس من ضمان تتبع السيري التنافسي للأسواق المعنية، خاصة في ما يهم العلاقة الترابطية بين أسعار بيع الغازوال والبنزين للعموم و الأسعار الدولية لهذه المنتجات المكررة، تنص التعهدات التصالحية، حسب البلاغ، على إعداد وإرسال وضعية مفصلة، تتيح تتبع نشاط التموين وتخزين وتوزيع الغازوال والبنزين من قبل كل شركة على حدة.
وفي هذا الإطار، سيتم رفع تقارير إلى مجلس المنافسة لمدة ثلاث سنوات، من أجل إمداده دوريا كل ثلاثة أشهر بالمعلومات المتعلقة، بالخصوص، بالمشتريات والمبيعات الشهرية للمحطات المنجزة من قبل كل شركة على حدة، ومستويات مخزونها من الغازوال والبنزين.
كما تتعهد الشركات المعنية، علاوة على ما سبق، بتغيير أسعارها، كلما اقتضت الحاجة لذلك، وفقا لتطور العرض والطلب في السوق، وحسب دورة التموين وإكراهات التخزين والسياسة التجارية الخاصة بكل شركة.
وستحرص هذه الشركات أيضا على أن يكون نظام تغيير الأسعار الخاص بها موضوعا بشكل يمكن محطات الخدمة المستقلة الناشطة في شبكتها من التغيير المباشر والآني في كل لحظة، لأسعار البيع للعموم على مستواها، ودون موافقة مسبقة.
وفي السياق ذاته، تعهدت الشركات المعنية بعدم ربط الاستفادة من برامج الخصومات أو الحسومات أو أي برنامج آخر مماثل يمكن أن تستفيد منه محطات الخدمة، بامتثال هذه الأخيرة للأسعار الموصى بها من قبلها، وذلك بأي شكل من الأشكال أو بصفة مباشرة وغير مباشرة.
من جهة أخرى، ومن أجل الوقاية من مخاطر الممارسات المنافية لقواعد المنافسة ذات الصلة بتبادل المعلومات الحساسة، تنص التعهدات المتخذة على اعتماد وتفعيل الممارسات المثلى المتعلقة بجمع هذه المعلومات أو تبادلها أو تقاسمها، لا سيما على صعيد تدبير البنيات التحتية المشتركة في مجال التخزين، وعمليات التموين المشترك بالغازوال والبنزين.
وأكد مجلس المنافسة أنه سيعمل على اعتماد ونشر مبادئ توجيهية لضمان ممارسة هذه الأنشطة وفقا للتشريع المنظم للمنافسة الجاري به العمل.
ووفق المصدر ذاته، ومن أجل ضمان التنفيذ الفعال لتعهدات الشركات المعنية ومنظمتها المهنية، سيسهر المجلس، على تتبعها تماشيا مع التشريع الجاري به العمل، وستقوم الشركات المعنية ومجموعتها بموافاته بتقارير تقييم دورية في هذا الشأن.