و.م.ع
يأتي الإنجاز الذي حققه المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 17 سنة ببلوغه ربع نهاية كأس العالم للفئة ذاتها بإندونيسيا، ليبرز من جديد جهود المملكة في مجال التكوين الذي تجسده أكاديمية محمد السادس للعبة، ويشكل مفتاح النجاح الباهر خلال السنوات الأخيرة للمنتخبات الوطنية على الواجهتين القارية والدولية، من خلال تعزيز بزوغ جيل من اللاعبين من المستوى العالي.
وفعلا، وعلى غرار الملاحم الأخرى التي وقعت عليها المنتخبات الوطنية مؤخرا، فإن مساهمة لاعبين من أكاديمية محمد السادس في إنجاز المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة في إندونيسيا، وهم حارس المرمى، طه بنغوزيل وعبد الحميد آيت بودلال وحمزة كوتون وفؤاد الزهواني، تعتبر قيمة، وهو ما يعكس جودة التكوين الذي تقدمه هذه المؤسسة العريقة سواء على المستوى التكتيكي أو الذهني.
ويشكل إنشاء أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي تطلب بناؤها تعبئة استثمارات مالية بقيمة 140 مليون درهم، تجسيدا للعناية السامية التي ما فتئ الملك محمد السادس يوليها للقطاع الرياضي بصفة عامة، ولتطوير ممارسة لعبة كرة القدم بصفة خاصة.
وفضلا عن تقديمها نموذجا مرجعيا في مجال تكوين اللاعبين ومشتلا لصقل العديد من المواهب الرياضية، تعتبر الأكاديمية مشروعا ملكيا يهدف إلى النهوض بكرة القدم الوطنية وتطويرها من خلال انتقاء وتكوين لاعبين موهوبين، يشكل بعضهم اليوم العمود الفقري للمنتخب الوطني لكرة القدم الذي تأهل إلى نصف نهائي كأس العالم قطر 2022 لأول مرة في تاريخ كرة القدم العربية والافريقية.
وتهدف الأكاديمية، المشيدة على مساحة تقدر بنحو 18 هكتارا، إلى المساهمة في انتقاء وتكوين ممارسين لرياضة كرة القدم من مستوى عال.
وقد جرى بناء وتجهيز الأكاديمية، التي تعد ثمرة إرادة ملكية، وفق معايير تجعلها تضاهي مراكز التكوين المهنية الأوروبية ذات الصيت العالمي، وذلك بغية الاهتمام بالشباب المغربي ومنحه الظروف الملائمة لتلقي تكوين رياضي علمي يخول له الممارسة في أكبر الأندية الكروية بالمغرب وأوروبا على حد سواء.
كما تتيح هذه المؤسسة الرياضية، التي تستجيب للمعايير الدولية في المجال وتقدم إطارا ملائما وظروف الراحة والأمن المثلى، تكوين الشباب بما يخول له ممارسة كرة قدم النخبة سواء في المغرب أو الخارج.
وتشكل هذه المؤسسة بالتالي قاطرة سياسة تكوين مكتملة على المستوى الوطني واستراتيجية تتعلق، من بين أمور أخرى، بمشاريع التنقيب واكتشاف المواهب بمختلف جهات المملكة وتطوير كفاءات الأطر التقنية الوطنية.
ولم تشذ الأندية عن هذه الديناميكية الحميدة حيث تم تقديم دعم كبير للأندية والعصب الجهوية بالإضافة إلى أندية النخبة، والمرتبطة بإنشاء بنية تحتية عالية الجودة للرفع من وتيرة التداريب وتوفير تكوين جيد للمواهب الناشئة.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن تدشين أكاديمية نادي الرجاء الرياضي لكرة القدم ببوسكورة، في شتنبر 2022، تندرج في إطار المشروع الطموح للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الرامي إلى توفير البنية التحتية الرياضية اللازمة في مختلف جهات المملكة لتعزيز نوعية تكوين لاعبي كرة القدم الشباب.
وهكذا، فإن النجاح المتميز لكرة القدم المغربية لم يكن بأي حال من الأحوال محض الصدفة، بل نتيجة عمل متواصل وطويل الأمد من لدن القائمين عن شأن كرة القدم الوطنية، وحكامة رشيدة، تماشيا مع الرؤية المستبصرة للملك محمد السادس.