قالت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، الإثنين بالرباط، إنه في أفق مواكبة الدينامية العمرانية والاقتصادية الملموسة التي تعرفها المملكة، تعمل الوزارة على مراجعة السياسة الحضرية الوطنية من خلال إرساء أسس تخطيط حضري استشرافي استراتيجي ومستدام ومراجعة مناهج التخطيط العمراني.
جاء ذلك في كلمة للمنصوري تلاها بالنيابة عنها الكاتب العام للوزارة، يوسف الحسني، خلال افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان “الإكليل الثقافي” المنظم حول موضوع “مدينة الغد، من المدينة الفاضلة إلى المدينة الذكية”.
وأوضحت المنصوري أن الوزارة اعتمدت مخططات تأخذ بعين الاعتبار مبادئ التنمية المستدامة ورهان تقوية قدرات المجالات على التكيف والتأقلم مع مختلف التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتطور التكنولوجي، علاوة على إسهامها في توفير فضاءات عيش ملائمة وآمنة وقادرة على تلبية حاجيات وتطلعات المواطنين وترشيد استغلال الموارد، وهو ما يعطي للإنصاف الترابي والاجتماعي للدولة بعدا سياسيا جديدا.
وأضافت أنه في إطار تنزيل أهداف التنمية المستدامة وتوجهات الأجندة الحضرية الجديدة، عملت الوزارة على تطوير مقاربات متجددة، من قبيل الأحياء البيئية والمدن الإيكولوجية والفلاحة الحضرية وتطوير الإمكانات المتاحة لتكثيف المدن وإعادة توظيف العقار والتجديد الحضري.
وأشارت إلى أن الوزارة تعمل، كذلك، على وضع جيل جديد من وثائق التعمير أكثر مرونة، بتدابير تحفيزية من شأنها التجاوب مع أهداف التنمية المستدامة تمكن من الاستفادة من امتيازات في حال استحضار البعد البيئي أثناء إعداد تصاميم التهيئة أو إدماج مساحات خضراء أو منتزهات ترفيهية.
وأكدت أن “مستقبل المغرب يبقى رهينا بتأطير تمفصلاته الترابية” من خلال تدعيم وتطوير منظومته الحضرية التي تعد جزء مندمجا ضمن النظام المجالي، لافتة إلى أن المدن تشكل مراكز للإنتاج والتبادل والقيادة والسلطة، وتلعب دورا أساسيا في ديناميات التنمية لساكنتها وسكان مجالات النمو الخاضعة لنفوذها والتي تتناسب مع قدرتها على التأثير والاستقطاب.
وشددت المنصوري على أن التحدي المفروض اليوم يكمن في القدرة على إعادة توجيه منظومة التخطيط الترابي بهدف إبداع أنماط تمكن من الارتقاء بالمنظومة الحضرية الوطنية وتقديم تصور وإنتاج آليات فعالة لتخطيط ذكي للمدن ولتدبير ناجع للمجالات الترابية، مشيرة إلى أن هذا الأمر يستوجب مجموعة من الخطوات الاستراتيجية، المتعلقة بدعم المتروبولات كقاطرة للتنمية في سياق العولمة، وتدعيم دور المدن الوسيطة، وتعزيز المحتوى الوظيفي للمدن الصغرى وتقوية التجهيزات والخدمات بها.
وتتعلق هذه الخطوات الاستراتيجية، حسب الوزيرة، كذلك، بتعزيز الحكامة الترابية، والانتقال نحو مدن أكثر اندماجا من ناحية الأداء الاقتصادي والاجتماعي وأكثر استدامة حيال التغيرات المناخية، ومسايرة التحولات البنيوية والمؤسساتية والانخراط في الالتزامات الدولية التي تأسس لجعل المدن منتجة اقتصاديا وشاملة اجتماعيا، وتنزيل التزامات المغرب اتجاه تفعيل أهداف التنمية المستدامة.
ويتميز برنامج الدورة الخامسة لمهرجان “الإكليل الثقافي”، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تتواصل فعالياتها إلى غاية 25 دجنبر الجاري، بتنظيم ندوات وموائد مستديرة وورشات متخصصة، وذلك بحضور مفكرين وخبراء ومتخصصين لاستكشاف التفاعل القائم بين القيم الأخلاقية التقليدية والتقدم التكنولوجي.
وتتناول هذه التظاهرة الثقافية مواضيع هامة من قبيل تعزيز رفاهية المواطن، والسلوك الأخلاقي، وسياسات حماية البيئة، وبرامج مكافحة الفقر، ومبادرات المواطنين المبتكرة، لتبقى الغاية النهائية هي التأكيد على أهمية هذه القيم في بناء المدينة المثالية، حتى في عصر المدينة الذكية.
ويطمح المنظمون، من خلال هذا الحدث، إلى الإسهام في النقاش الدائر حول إنشاء مدينة مستقبلية ت زاوج بين مفهومي المدينة الفاضلة والمدينة الذكية.