المعارضة الصاخبة لدوري السوبر تُنذر بعدم تغيير المشهد الكروي في المستقبل القريب

يبدو أن القرار الصادر الخميس عن محكمة العدل الأوروبية غير قادر، أقله في المستقبل القريب، على تغيير المشهد الكروي في القارة العجوز في ظل استمرار المعارضة الصاخبة لمشروع الدوري السوبر الأوروبي الانشقاقي عن دوري أبطال أوروبا، لاسيما من مجموعات المشجعين والدوريات والأندية وممثلي اللاعبين.

وإذا كان الموقف الصادر عن كل من الاتحاد الأوروبي للعبة (ويفا) ونظيره الدولي (فيفا) متوقعاً تماماً بما أنهما الطرف الآخر في الصراع، فإن الضغط الذي يفرضه المشجعون بشكل خاص وممثلو اللاعبين والأندية وبدرجة أقل الدوريات، يُنذر بأن مشروع الدوري السوبر لن يبصر النور قريباً.

وقضت محكمة العدل الأوروبية الخميس بأن الإجراءات التي اتخذها “فيفا” و”ويفا” لعرقلة إنشاء الدوري السوبر، تنتهك قوانين الاتحاد الأوروبي (إي يو).

وأشارت محكمة العدل الأوروبية إلى أن “قواعد +فيفا+ و+ويفا+ التي تجعل أي مشروع جديد لكرة القدم بين الأندية يخضع لموافقتهما المسبّقة، مثل الدوري السوبر، وتمنع الأندية واللاعبين من اللعب في تلك المسابقات، غير قانوني”.

وشدّد ملخص الحُكم على أنه لا يعني بالضرورة أنه يجب الترخيص لمشروع الدوري السوبر في الوقت الحالي، بل يعني فقط أن فيفا وويفا “يسيئان استخدام مركزيهما” للهيمنة في سوق كرة القدم.

-أهمية “الجدارة الرياضية”-

وسارع “ويفا” الى الرد بأن قرار المحكمة لا يعني تأييد إطلاق المسابقة الجديدة، مضيفاً “هذا الحُكم لا يعني الموافقة أو التصديق على ما يسمى +الدوري السوبر+، بل يسلّط الضوء على النقص الموجود أصلاً في الإطار التفويضي المسبق لويفا، وهو جانب فني تم بالفعل الإقرار به ومعالجته في يونيو 2022 مع إقرار قوانين جديدة”.

والاتحاد القاري محق الى حد كبير في تقييمه لقرار المحكمة، إذ أن الحكم لم يؤيد الدوري السوبر لأنه اعترف “بالسياق المحدد لكرة القدم الاحترافية”، مع أهمية “الجدارة الرياضية” و”ضمان مستوى معين من تكافؤ الفرص”، وهي قواعد غير مطبقة في نظام البطولة المغلقة المحددة أطرافها سابقاً بغض النظر عن موقعها في دورياتها المحلية.

لكن ذلك لم يمنع شركة “أي 22 سبورتس مانجمانمت” المروجة للدوري السوبر من الكشف بسرعة عن اقتراحها لإقامة مسابقة للرجال تضم 64 فريقاً ومقسمة الى ثلاثة أقسام.

وأفادت أن المشاركة في هذه الأقسام الثلاثة ستكون “على أساس الجدارة الرياضية”، مع عدم وجود أعضاء دائمين ومع بقاء الأندية ملتزمة بالدوريات المحلية، وفقاً لرئيسها التنفيذي بيرند رايخارت.

لكن، وباستثناء ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين اللذين كانا في أساس إطلاق مشروع ضم في بادئ الأمر 12 نادياً عندما كشف النقاب عنه في أبريل 2021، ليس واضحاً حتى الآن من الذي يدعم هذه الخطة حالياً.

وما أن أعلنت محكمة العدل الأوروبية عن قرارها، حتى سارعت الأندية الى مساندة “ويفا” باعتباره الإطار المنظم للعبة في القارة، بينها تلك غير المقتنعة بالشكل الجديد لدوري أبطال أوروبا الذي سيبدأ العمل به اعتباراً من الموسم المقبل.

وكشف “ويفا” النقاب عن النظام الجديد مباشرة بعد إطلاق الدوري السوبر لأول مرة في أبريل 2021، وواجه انتقادات من أطراف عدة لكن هناك شبه إجماع الآن على أن النظام الحالي لكرة القدم الأوروبية، تحت مظلة “ويفا”، أفضل من أي شيء يروج له القيمون على الدوري السوبر.

-جبهة موحدة-

وتم استعراض هذه الجبهة الموحدة ضد مشروع الدوري السوبر من خلال مؤتمر صحافي افتراضي استضافه “ويفا” الخميس وضم ممثلين عن رابطة الأندية الأوروبية، رابطة الدوريات الأوروبية التي تضم أكثر من ألف نادٍ من 31 دولة، اتحاد اللاعبين (فيفبرو)، وممثلي مجموعات المشجعين.

وقال المدير التنفيذي لرابطة مشجعي كرة القدم في أوروبا رونان إيفاين إن “ريال مدريد وبرشلونة لن ينقذا كرة القدم الأوروبية، ولا يتعين علينا أن ندفع ثمن سوء إدارتهما المالية”، مضيفاً “سيكون من الأفضل للجميع أن يستسلم المروجون (للدوري السوبر) الآن”.

ورأى رئيس اتحاد اللاعبين في أوروبا (فيفبرو أوروبا) دافيد تيرييه أن “اللاعبين قالوا بالفعل إنهم بالإجماع ضد هذا الأمر”.

وأجهض إطلاق المشروع في أبريل بشكل خاص بسبب معارضة المشجعين الإنكليز الذين أجبروا أندية أرسنال وتشلسي وليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وتوتنهام على الانسحاب منه.

ولا ترغب رابطة الدوري الإنكليزي الممتاز في كافة الأحوال برؤية أنديتها الكبرى تصبح جزءاً من بطولة قارية انشقاقية، وهي قالت الخميس إنها “ملتزمة بالمبادئ الواضحة للمنافسة المفتوحة التي تدعم نجاح المسابقات المحلية والدولية للأندية”.

-“فرصة لتحسين قوانينا”-

ونشرت الحكومة البريطانية في وقت سابق من هذا العام خطة لإنشاء هيئة تنظيمية مستقلة لكرة القدم تتمتع بصلاحيات لمنع الأندية من الانضمام الى الدوريات الانفصالية.

ويبقى العملاق الألماني بايرن ميونيخ ضد فكرة الدوري السوبر، كما حال باريس سان جرمان الفرنسي برئاسة القطري ناصر الخليفي الذي يرأس رابطة الأندية الأوروبية.

وحتى أتلتيكو مدريد الإسباني الذي كان من بين الأندية الـ12 التي أطلقت المشروع، قال إنه الآن ضد هذه الفكرة.

كل هذا الدعم صب في صالح “ويفا” ورئيسه السلوفيني ألكسندر تشيفيرين الذي بدا مرتاحاً لدرجة السخرية من ريال مدريد وبرشلونة بقوله الخميس “آمل أن تنطلق بطولتهما الرائعة بمشاركة فريقين”، مضيفاً “لن نحاول إيقافهما، يمكنهما إنشاء ما يريدان”.

واعتبر قرار المحكمة “فرصة لتحسين قوانينا” وأن “المحكمة تقبل أن يحافظ ويفا على دوره كمنظّم”، و”الأهم من ذلك كله، أنها لم توافق على الدوري السوبر”.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة