أ.ف.ب
من الترويج لشركات الاتصالات والعقارات إلى العصائر، يطلّ وجه مهاجم كوت ديفوار سيباستيان هالر في كل مكان تقريبا في العاصمة أبيدجان، لكنّ الجماهير المتعطشة للفوز تترقب رؤيته على الملعب في الصدام مع نيجيريا، الخميس.
وبدا واضحا أثر غياب مهاجم بوروسيا دورتموند الألماني الفارع الطول خلال المباراة الأولى التي كسبتها “الفيلة” أمام غينيا بيساو (2-0)، مع عدم ترجمه الفرص الكثيرة التي وفّرها خط الوسط إلى أهداف.
وقال المهاجم البالغ 29 عاماً لإذاعة فرنسا الدولية عن الإصابة التي عطّلت انطلاقته إنّ “المعنويات دائما جيدة، ليس لدي ما أشكو منه، الشعور بالأسف على نفسك ليس هو الحل الصحيح أبدا”.
وأضاف اللاعب الذي تغلب على سرطان الخصية في عام 2022: “الأمر ليس خطيراً، كل شخص لديه نصيبه من التحديات، لا ينبغي أن ننظر إلى من يعاني أكثر أو من لديه ألم أكثر”.
وقال القائد سيرج أورييه للإذاعة ذاتها “إنه ببساطة نموذج. عندما تمر بهذا النوع من المحنة تصبح شخصا آخر، وترى الأمور بشكل أكثر إيجابية”.
وتعوّل ساحل العاج، البلد الفرانكوفوني الواقع في غرب إفريقيا على “دروغبا الصغير”، الذي سجّل 8 أهداف في 22 مباراة دولية، للفوز بكأس أمم إفريقيا بعد 1992 و2015، لكنّ هذه المرة على أرضها.
“اصبح مثل هالر”
في عام 1984، نظّمت كوت ديفوار كأس أمم إفريقيا للمرة الأولى، حين كانت تضم ثمانية فرق فقط، لكنّ الفريق المضيف خرج من الدور الأول بعدما حل ثالثا خلف مصر والكاميرون.
وشكّلت البطولة بداية مسيرة يوسف فاليكو فوفانا، الذي سينتقل إلى موناكو الفرنسي لاحقا.
وفي 1992، قاد فوفانا بلاده للقبها القاريّ الأول في السنغال إثر التغلب على غانا في النهائي بعد ماراثون من ضربات الترجيح.
ورغم فشله في الفوز باللقب القاري، نجح أفضل لاعب في تاريخ البلاد ديدييه دروغبا بقيادة ساحل العاج لكأس العالم لثلاث مرات متتالية (2006-2010-2014).
وكان القدر قاسياً مع نجم هجوم تشلسي الإنجليزي، إذ اعتزل قبل أشهر من تتويج بلاده بكأس الأمم في 2015.
راهناً، بات هالر المولود في ريس اورنجيس في ضواحي باريس، يحمل على كاهله أحلام العاجيين للفوز بالبطولة.
وقال الطفل مارغو الحسن (14 عاما) وهو يمسك بحذائه المهترئ بعدما انتهى مع زملائه من لعب الكرة في ساحة ترابية في منطقة دي بلاتو في أبيدجان “ألعب الكرة على أمل أن أكون مثل هالر يوماً ما”.
وتابع الفتى والعرق يتصبّب على قميص بلاده البرتقالي اللون “العالم كله يعلم أنه (هالر) لاعب جيّد. إنه لاعبي المفضل”.
وعلى بعد أمتار قليلة، كان وجه هالر يطل مبتسماً من لوحة إعلانات ممسكاً بزجاجات مياه معدنية.
وعن ذلك، قال هالر “إنه أمر غريب، لم أتوقع ذلك، بالنسبة لي أن أستخدم هذه السمعة، أنّ أكون مثالاً وأحاول دفع الأمور إلى الأمام”.
وعلّقت مديرة الاتصالات في شركة أورانج، موريل سيسي، لشرح اختيار هالر، قائلة “أظهر سيباستيان هالر تحسناً في مواجهة الصعوبات. لم يستسلم أبداً ليعود مجدداً إلى الواجهة. إنه مثال للشباب العاجي والإفريقي”.
والمهاجم السابق لفريقي أوكسير الفرنسي وأياكس الهولندي هو أيضاً وجه دعائي لحملة اليونيسيف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) منذ شتنبر في ساحل العاج تحت عنوان “اسمي بمثابة شخص”، لرفع مستوى الوعي حول تسجيل المواليد في القرى النائية.
وقد استغل هالر إجازته المرضية الطويلة من أجل الترويج للحملة.
لعنة ماينز؟
وبعد تألقه اللافت رفقة أياكس، حيث سجّل في كل مباريات دوري الأبطال موسم 2021-2022، انتقل في صيف 2022 لدورتموند مقابل 35 مليون يورو.
لكنّ بعد أيام من إعلانه لاعباً جديداً، شُخّض بسرطان الخصية ما أعاقه عن اللعب حتى يناير 2023.
وبالتالي، ابتعد هالر عن تشكيلة كوت ديفوار لمدة عام، لكنه عاد في مارس 2023 إلى بواكي للعب لمنتخب بلاده، وسجل مذاك أربعة أهداف في ست مباريات.
ومنذ قهره السرطان، يظل مردوده أفضل مع منتخب بلاده عنه مع ناديه الألماني، حيث أضاع ضربة جزاء أمام ماينز في مباراة خسر فيها دورتموند فرصة هائلة للفوز بلقب الدوري على حساب بايرن ميونيخ في ماي الماضي.
ولحساب هذا الموسم، شارك في 11 مباراة في الدوري واثنتين في الدوري، دون أن يزور الشباك. مكتفياً بهدفين فقط في كأس ألمانيا ضد فريق الهواة شوت ماينتس (6-1).
وفي ماينتس على وجه الخصوص، تعرض لإصابة على مستوى الكاحل في دجنبر الفائت.
لكنه هذه المرة سيعود في شكل أسرع. سيتمكن من قياس حدّته الهجومية على ملعب الحسن واتارا أمام أفضل لاعب في إفريقيا النيجيري فيكتور أوسيمهن في مبارزة بين كبار الهدافين الأفارقة حاليا.