خيبة تلو خيبة، عهدنا الخيبات وتجرعنا المرار ونحن نتابع جلدا منفوخا لم يرحم قلوبنا، قطعة جلد أبت أن تنصف هذا الوطن قاريا منذ اعتلائه عرشها سنة 76 من القرن الماضي، فالكأس السمراء استعصت على أجيال متعاقبة من اللاعبين والمدربين واستنفدت معها جميع الاستراتيجيات والمخططات دون جدوى.
غادر المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم مسابقة كأس أمم إفريقيا، على يد نظيره الجنوب إفريقي، بعد هزيمة غير متوقعة بنتيجة هدفين دون رد، في المباراة التي جمعت بينهما، مساء يوم الثلاثاء على أرضية ملعب لورون بوكو بمدينة سان بيدرو، برسم ثمن نهائي البطولة القارية المقامة بكوت ديفوار.
ودخل المنتخب الوطني بتشكيلته المعتادة مع تسجيل تبديل على مستوى مركز الظهير الأيسر، حيث أقحم الناخب الوطني، وليد الركراكي، لاعب بايرن ميونخ الألماني، نصير مزراوي، بشكل أساسي، في خطوة حبلى بالمخاطر لأسباب عديدة.
ومع بداية اللقاء، اتضح أن الركراكي أعطى تعليماته للاعبين بعدم المجازفة، واللعب بتحفظ، في خطوة هي الأخرى تظل محل نقاش، فالمنتخب الذي نواجهه ليس بنيجيريا أو السنغال أو مضيف الدورة، الكوت ديفوار، بل منتخب نواته ومعظم لاعبيه من صنداونز الذي أحرجه الوداد في أكثر من مناسبة رغم “الفوارق”.
ولأننا في إفريقيا، لا يكاد لقاء كرة قدم يمر دون أن يعكر صفو الجمهور أداء قضاة الملاعب، هذه المرة، الطاقم التحكيمي “العربي” السوداني يذبحنا ويصيبنا في مقتل، بلقطة كأنها مقتطف “فلاش باك” من مباريات ما قبل وجود تقنية حكم الفيديو المساعد، فالحكم المساعد الأول خالف بروتوكول الـ”فار”، رافعا رايته قبل استكمال الهجمة حارما المغاربة من هدف مشروع.
ورغم السيطرة المطلقة على مجريات المباراة، بدا واضحا تأثر الكتيبة المغربية بغياب لاعبين من قيمة زياش وبوفال، حيث أصيب الخط الأمامي بالعقم وغابت اللمسة الحاسمة أمام المرمى، كما شكل تنظيم جنوب إفريقيا التكتيكي عقبة كبيرة أمام مساعي “أسود الأطلس”.
وخلال فصل المباراة الثاني، تلقى المنتخب الوطني أولى الصدمات من قدم اللاعب ماكوبا في الدقيقة 56 إثر تمريرة من زوان اخترقت خطا دفاعيا غير متناسق فشل في تطبيق خطة التسلل.
ودفع هذا الهدف الركراكي إلى إجراء تبديلات على الملعب، بإدخال الصيباري مكان متوسط الميدان “التكتيكي”، سليم أملاح، وأيوب الكعبي مكان أمين عدلي، لتتحرك الكتيبة المغربية للهجوم، غير أن الرد تأخر، بعد سيل من المحاولات، حتى الدقيقة 85 بعد تدخل تقنية الفار لتنقذ الحكم “العربي” من هفوة أخرى، ليعلن بعدها عن ضربة جزاء فشل أشرف حكيمي في تحويلها إلى هدف.
واستمر المد الهجومي المغربي بعد إضاعة ضربة الجزاء، إلا أن هذا المد المتأخر زمنا لم يكلف إلا شوارعا في الخط الخلفي، تسببت في طرد سفيان أمرابط، وتحصل من خلالها منتخب الـ”بافانا بافانا”، في نفس الآن، على ضربة خطأ نجح موكوينا في ترجمتها إلى هدف ثان عند الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع، ليقضي على آمال الأسود في العودة، معلنا بلده فائزا ومتأهلا إلى الربع لمواجهة كابو فيردي.