أ.ف.ب
تتزايد الضغوط الدولية، الثلاثاء، من أجل التوصل إلى اتفاق هدنة بين إسرائيل وحركة حماس يتضمن إطلاق سراح رهائن جدد، بعد إعلان إسرائيل عن هجوم وشيك على رفح التي لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني من قطاع غزة.
في القاهرة، التقى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، ورئيس الموساد، ديفيد برنيع، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مع مسؤولين مصريين “لبحث موقف التهدئة في قطاع غزة”، وفق الإعلام المصري.
وأفادت قناة “القاهرة الإخبارية” المرتبطة بالاستخبارات المصرية عن انعقاد الاجتماع في ظل تزايد الضغوط الدولية للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس.
وأمر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الجيش الإسرائيلي “بالتحضير” لهجوم على مدينة رفح الواقعة على الحدود مع مصر، حيث يتكدس أكثر من 1,3 مليون نازح فلسطيني وسط ظروف إنسانية ومعيشية يائسة، بحسب الأمم المتحدة.
وتعهد نتانياهو، الاثنين، مواصلة الهجوم العسكري بالقول “وحده الضغط العسكري المتواصل حتى النصر الكامل سيؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن”.
وقبل ذلك بساعات، أعلنت إسرائيل أنّها تمكّنت من تحرير رهينتَين يحملان الجنسيتين الإسرائيلية والأرجنتينية كانا محتجزين في قطاع غزة، خلال عمليّة ليليّة في رفح.
ورافقت العملية الإسرائيلية هذه ضربات أودت بحياة مئة شخص، على ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ عام 2007.
والثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل ثلاثة جنود خلال القتال في قطاع غزة، ليرتفع بذلك عدد قتلاه منذ بدء العملية البرية في 27 أكتوبر إلى 232 جنديا.
وضع إنساني “لا يطاق”
وتعارض الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، شن عملية واسعة النطاق دون ضمان سلامة المدنيين العالقين على الحدود المغلقة مع مصر في أقصى جنوب القطاع.
وحضّ الرئيس الأميركي، جو بايدن، مجدّداً إسرائيل على وجوب وضع “خطّة ذات صدقيّة وقابلة للتنفيذ” لحماية المدنيين في أيّ هجوم على رفح، خلال اجتماعه مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض.
وأشار بايدن الذي ما زال يرفض التحدّث حالياً عن وقف دائم لإطلاق النار، إلى أن “الولايات المتحدة تعمل من أجل التوصل لاتفاق للإفراج عن الرهائن بين إسرائيل وحماس يسفر فوراً عن فترة تهدئة في غزة لستة أسابيع على الأقل”.
وحضّت الصين إسرائيل، الثلاثاء، على وقف عمليتها العسكرية في مدينة رفح “في أقرب وقت ممكن”، محذّرة من “كارثة إنسانية” في حال تواصل القتال.
كما حذر وزير خارجية النروج، اسبن بارت ايدي، الثلاثاء، من مغبة شن هجوم عسكري اسرائيلي بالقول في منشور على موقع “إكس” (تويتر سابقاً) “أكرر بشدة تحذيري من القيام بعملية برية في رفح. لم تعد هناك أي أماكن آمنة في غزة”.
اندلعت الحرب في 7 أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 28473 شخصا في قطاع غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وتبدو حالة الرهينتين المحرّرين، الاثنين، فرناندو سيمون مارمان (60 عاما) ولويس هار (70 عاما)، مستقرة، ولكن بعد 128 يوما من اختطافهما، تظهر عليهما “علامات واضحة” على “نقص الرعاية الطبية”، بحسب متحدث باسم مستشفى بالقرب من تل أبيب.
وتقدّر إسرائيل أنّ نحو 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، من بينهم 29 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوا في 7 أكتوبر. وسمحت الهدنة التي استمرت أسبوعا في نونبر بإطلاق سراح 105 رهائن في مقابل 240 معتقلا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.
إلى القمر؟
وأمام المخاوف الدولية من هجوم عسكري واسع النطاق، قال نتانياهو، الأحد، إن إسرائيل ستفتح “ممراً آمناً” يمكن السكان من مغادرة رفح، دون أن يحدد الوجهة.
وانتقد كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، تصريحات نتانياهو يشأن إجلاء الفلسطينيين من رفح متسائلا “سيتم إجلاؤهم… إلى أين؟ إلى القمر؟”.
أمّا المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، فقال، الاثنين، إنّ الأمم المتحدة لن تشارك في عملية “التهجير القسري للسكان” في رفح.
كما دعت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إسرائيل لتوفير “ممرات آمنة” للمدنيين في رفح.
في رفح، أعلنت قناة الجزيرة القطرية، الثلاثاء، إصابة اثنين من صحافييها بجروح خطيرة في قصف إسرائيلي.
وقالت القناة نقلا عن طبيب الطوارئ المسؤول إن حياة المراسل، إسماعيل أبو عمر، معرضة للخطر بعد بتر ساقه اليمنى فيما أصيب المصور، أحمد مطر، بجروح عدة ويعاني نزيفا حادا.
وسبق أن قتل صحافيان آخران يعملان في قناة الجزيرة كما أصيب مدير مكتبها في غزة وائل الدحدوح.
وفي السابع من يناير المنصرم، قتل نجل الدحدوح حمزة في غارة طالت المركبة التي كان يستقلها برفقة الصحافي، مصطفى ثريا، فيما قتل مصور القناة، سامر أبو دقة، في قصف أيضا في دجنبر.
“كارثة”
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أن إسرائيل ستقترح إنشاء 15 مخيماً يضم كل منها 25 ألف خيمة في جنوب غرب قطاع غزة، كجزء من خطة الإخلاء.
وقالت حماس في بيان، الثلاثاء، إن الإخلاء القسري لرفح سيكون “جريمة” بحق السكان، مطالبة “بحماية دولية”.
في جنيف، أكد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فيليب لازاريني، أن حل المنظمة سيكون “كارثياً”.
وتتهم إسرائيل الأونروا بأنها “مخترقة بالكامل من قبل حماس” وبأن 12 من موظفيها البالغ عددهم 13 ألفا في غزة ضالعون في هذا الهجوم.
وتجري الأمم المتحدة تحقيقاً داخلياً لتقييم “حيادية” وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والرد على الاتهامات التي استهدفت عددا من موظفيها.
وعلّقت دول عدة، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان، تمويلها لوكالة الأونروا.
وحذّر المشرف العام لمركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية من أنّ تجميد الأموال من شأنه “المساهمة” في زيادة أعداد القتلى المدنيين في غزة.