أفاد الخبير اللإقتصادي مخمد جدري، أن بنك المغرب يمشي بخطوات ثابتة نحو تعويم كلي للعملة الوطنية الدرهم، “لكن على مرحلة ستستغرق ما بين 10 سنوات و15 سنة، أطلقها في سنة 2017-2018، وسينهيها مع هذه العشرية أو أبعد بقليل”.
تعويم الدرهم
وأوضح جدري في تواصل هاتفي مع موقع “إحاطة.ما”: “اليوم بدأنا في نعويم جزئي، انتقلنا فيه من نظام صرف ثابت للدرهم، إلى نظام مرن 0،5 في المائة صعودا ونزولا، ثم 2،5 في المائة صعودا ونزولا، واليوم نحن في مرحلة 5 في المائة، صعودا ونزولا، هذا يعني أن الدرهم المغربي، لا يمكنه أن يفقد من قيمته أكثر من 5 في المائة، والعكس صحيح”.
وأضاف: “المغرب يتابع محيطه الإقليمي، ولا يريد أن يخطو خطوات غير محسوبة، مثلما وقعت في تونس أو تركيا، أو مصر، على أقل تقدير، وأظن أن اليوم بوجد ضغط كبير للمؤسسات الدولية، حصوصا صندوق النقد الدولي، الذي يريد دفع المغرب إلى تعويم كلي، لكن المغرب والسلطات النقدية في المملكة المغربية، ترفض هذا الأمر جملة وتفصيلا، وتريد أن تذهب شيئا فشيئا”.
تعويم كلي للدرهم رهين بشروط
وزاد جدري: “اليوم يجب توفر مجموعة من الشروط للتوجه نحو تعويم كلي للدرهم، من بينها أولا التوفر على احتياطي للعملة الصعبة لا يقل عن 40 مليار دولار سنويا، اليوم نحن فقط نتواجد ما بين 30 و36 مليار دولار سنويا، وبالتالي يجب الوصول على الأقل إلى 45 ولما لا 50 مليار من العملة الصعبة”.
وأضاف: “الأمر الثاني هو يجب أن تكون لدينا مؤشرات ماكرو اقتصادية مهمة، نسب من النمو لا تقل عن 4 أو 5 في المائة، عجر الميزانية لا يجب أن يتجاوز 3 أو 4 في المائة، وخصوصا معدل التضخم ما بين 1 و2 في المائة، في حين أن خلال الآونة الأخيرة يتواجد في معدل ما بين 5 أو 6 في المائة”.
واسترسل: “الأمر الثالث، هو أنه يجب علينا تقليص عجزنا التجاري، عن طريق تشجيع الصادرات المغربية، اليوم الصادرات لا تغطي إلا 60 في المائة، من وارداتنا، وبالتالي يحب علينا أن نذهب في اتجاه على الأقل ما بين 70 و80 في المائة، من الصادرات”.
مخاطر محدقة
وواصل: “حيث إذا اجتمعت هذه الشروط كلها، آنذاك يمكننا الذهاب في تعويم كلي للدرهم بدون مخاطر، لأن اليوم إذا ذهبنا في تعويم كلي للدرهم ستكون هناك مخاطر كبيرة، حيث أأن الدرهم سيفقد الكثير من قيمته، وبالتالي سيحدث تضخما غير مسبوق في المغرب، سيؤثر لا محالة على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين”.
وخلص جدري إلى القول: “اليوم المغرب، باتفاق مع المؤسسات الدولية، يمضي بخطوات محسوبة، في اتجاه الانتقال من نظام صرفي ثابت إلى مرن، ثم في نهاية المطاف إلى تعويم كلي للعملة الوطنية الدرهم المغربي”.
في هذا الإطار، كان كبير خبراء صندوق النقد الدولي، روبرتو كارداريللي، أكد أن نمو الاقتصاد المغربي تحسن في عام 2023، بفضل تعافي الطلب المحلي وقوة الصادرات، مشيرا أنه من المتوقع أن يرتفع بالتدريج حتى يبلغ حوالي 3,5% على المدى المتوسط، مدفوعا بقوة الاستثمارات.
وأضاف كارداريللي في بيان عقب إجراء مناقشات مع مسؤولين كبار في الحكومة المغربية وبنك المغرب وممثلين من القطاعين العام والخاص في مدينة الرباط، وذلك في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2024 خلال الفترة من 31 يناير إلى 13 فبراير الجاري، (أضاف) أنه: “من المتوقع أن تؤدي زيادة الطلب المحلي إلى اتساع عجز الحساب الجاري بالتدريج حتى يصل إلى 3% من إجمالي الناتج المحلي، بينما يُتوقع استمرار تراجع التضخم ببطء في ظل انحسار الضغوط على أسعار السلع الأولية والأغذية”.
وتابع: “ويتسم موقف السياسة النقدية الحالي بأنه ملائم، في ضوء هبوط التضخم، في حين أن التغيرات المستقبلية في موقف السياسة النقدية ينبغي أن تظل معتمدة على البيانات. ومع استمرار تراجع التضخم، ينبغي أن يستأنف بنك المغرب عمليته التي تهدف إلى التحول إلى إطار لاستهداف التضخم”.
وزاد كارداريللي وفق البيان: “يرحب خبراء الصندوق بالتزام السلطات بضبط أوضاع المالية العامة على المدى المتوسط. ويُبَشِّرُ تعميم الحماية الاجتماعية في ظل تطبيق “السجل الاجتماعي الموحد” بتوجيه الدعم الاجتماعي على نحو أفضل إلى مستحقيه. ومن المتوقع أن يسهم إصلاح الضريبة على القيمة المُضافة في تحسين حيادية النظام الضريبي وتحفيز العمل في القطاع الرسمي، وتوسيع القاعدة الضريبية. وبينما التخفيض التدريجي لعجز المالية العامة على مدار الثلاث سنوات القادمة يبدو ملائما، فالمجال متاح لضمان وتيرة الضبط المالي على المدى المتوسط، مع إمكانية تعجيلها. وسوف يقتضي ذلك استكمال عملية إصلاح الضريبة على القيمة المُضافة، وتحسين الإدارة الضريبية، وترشيد التحويلات إلى المؤسسات العامة، والتوسع في استخدام “السجل الاجتماعي الموحد” ليشمل كل البرامج الاجتماعية”.
وواصل كبير خبراء صندوق النقد الدولي: “التوقعات بزيادة مشاركة القطاع الخاص في خطط السلطات للاستثمار في البنية التحتية (ولا سيما في قطاعي الماء والطاقة) تدعو إلى تقييم انعكاسات برامج الشراكة المستقبلية بين القطاعين العام والخاص على الميزانية، وإلى مراقبتها وتبليغ بياناتها. وتشمل مواصلة عمليات تحسين إطار المالية العامة إضافة مزيد من المعلومات عن الإيرادات التي يُتوقع توليدها من خلال تعبئة الأصول الحكومية العينية وقياس حجم تأثير كل إجراءات السياسات الجديدة على عجز المالية العامة على مدار الثلاث سنوات القادمة”.
واسترسل كارداريللي: “ويتعين التعجيل بالإصلاحات الهيكلية من أجل توفير مزيد من فرص العمل وجعل النمو أكثر شمولا للجميع. أما إصلاح المؤسسات العامة وبدء تشغيل صندوق محمد السادس للاستثمار وميثاق الاستثمار الجديد فمن المتوقع أن تسهم كلها في تحفيز الاستثمارات الخاصة، فضلا على بذل مزيد من الجهود لتعزيز مكافحة الفساد ومعالجة الممارسات غير التنافسية. ويمكن المساعدة على توفير مزيد من فرص العمل على المدى القصير من خلال إصلاح نظام التعويض عن فقدان الشغل وتحسين سياسات سوق العمل النشطة. ويتعين بذل مزيد من الجهود لتحسين مشاركة المرأة في سوق العمل، والتي تصل الآن إلى أدنى مستوياتها التاريخية”.
ولفت كارداريللي، أن الإصلاحات الطموحة لقطاع الرعاية الصحية ونظام التعليم، تبشر بتحسين إمكانات الحصول على هذه الخدمات ورفع مستوى جودتها وتعزيز عملية تراكم رأس المال على المدى الطويل. مضيفا أنه من شأن التقدم الذي تحقق مؤخرا والتقدم المزمع نحو تحرير قطاع الكهرباء أن يشجع على التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة. “وتمثل خطة السلطات للبنية التحتية عنصرا جوهريا في الحد من مشكلة شُح الماء، فضلا على إعادة تشكيل تعريفات الماء وبذل مزيد من الجهود لتحسين الكفاءة في استخدام الموارد المائية”.
ونوه فريق خبراء الصندوق خلال اجتماعهم مع مسؤولين كبار في الحكومة المغربية وبنك المغرب وممثلين من القطاعين العام والخاص، بكرم الضيافة وبالمناقشات الصريحة والمثمرة.