أفاد محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن تجديد وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، الاثنين بالرباط، التأكيد على دعم بلاده “الواضح والثابت” لمخطط الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية الذي تقدم به المغرب، يتطلب استمرار الآليات الدبلوماسية الثنائية في بذل قصارى الجهود، لازالة مختلف العقبات تقديم توضيحات إضافية لتحقيق إقتران بين الأقوال والأفعال.
وأضاف الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة محمد بودن، في تواصل هاتفي مع موقع “إحاطة.ما”، عقب تأكيد سيجورني بأن الوقت قد حان لتحقيق تقدم في هذه القضية، وقال “بالنسبة للمغرب الصحراء المغربية هي الموضوع الرئيسي للعلاقات المغربية الفرنسية في الوقت الراهن والتعاون في مختلف المجالات هو الهدف العام، ولذلك فمن الممكن أن يتضح الاتجاه الإيجابي للعلاقات المغربية الفرنسية في أقرب وقت، مع استمرار الآليات الدبلوماسية الثنائية في بذل قصارى الجهود، لازالة مختلف العقبات تقديم توضيحات إضافية لتحقيق إقتران بين الأقوال والأفعال”.
وتابع بودن: “تصريحات وزير الشؤون الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه من الرباط تتيح فرصة جديدة للانتقال من سوء الفهم إلى التفاعل، وتجديد النقاش المغربي-الفرنسي حول المرحلة القادمة، ومختلف الاستحقاقات الثنائية، في أفق بناء تفاهمات مغربية-فرنسية مشتركة، في إطار رفيع المستوى وبعيد المدى، وتجديد حيوية الصداقة التقليدية، برعاية الملك محمد السادس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة، وتوسيع مجالات التعاون العملي، وتحقيق تقدم جديد في رؤية فرنسا للمصالح العليا والسيادية للمملكة المغربية، والقيام بالمزيد من الخطوات الطموحة التي تساعد على نمو العلاقات مرة أخرى والانتقال بها نحو فصل جديد من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين”.
وزاد: “في العلاقات المغربية الفرنسية ثمة بحث دائم عن أجوبة جديدة لأسئلة قديمة، ومع ذلك فإن المنطق الجديد والمعاصر يمكن أن يجعلها علاقات نموذجية، وأعتقد أن هناك تصور جديد سينضج لتعافي العلاقات المغربية الفرنسية لاستعادة زخمها التقليدي و الشامل. المغرب مهم لفرنسا وفرنسا ذات أهمية بالنسبة للمغرب، والعلاقات مهمة بينهما أيضا بسبب أطراف ثالثة”.
وواصل: “فرنسا تدرك اليوم أن المغرب بلد محوري في القارة الافريقية والفضاء الاورو متوسطي، بفضل قيادة الملك محمد السادس لمبادرات وطنية وإقليمية ودولية ملموسة، بخصوص الازدهار المشترك والسلام والتنمية والتعايش، وبالتالي فإن أهمية المملكة المغربية في مجالات التعاون والعمل المشترك أصبحت حقيقة يمكن للجميع رؤيتها ولا يمكن التغافل عنها أو تجاهلها”.
واسترسل بودن: “ولهذا في تقديري فالمملكة المغربية تطمح لتطوير علاقاتها في إطار قاعدة تنويع الشركاء بروح المساواة والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات، وتتطلع دائما لأن تتطور العلاقات مع الشركاء التقليديين وفق منطق جديد ونظارة ملف الصحراء المغربية، وبمنأى عن تكرار الخطاب القديم في قواعد التعامل الذي لم يعد يواكب الطموحات”.
في هذا الإطار، شدد بودن: “اليوم العلاقات المغربية الفرنسية محاطة بتطلعات ضرورية، وبالتالي فإن أي تفاعل إيجابي من الدبلوماسية الفرنسية يمثل علامة على تطور قادم اذا ما كان مسنودا بالالتزامات المطلوبة، وخدمة المصالح الوطنية الحاسمة للبلدين”.
وأوضح رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية: “فرنسا تدرك اليوم أن ملف الصحراء المغربية مسألة وجودية بالنسبة للمغرب، وهي المحور الأساسي لأفق أرحب في العلاقات مع المغرب، وبالتالي فإن إضافة أبعاد أخرى للعلاقات يعتمد على هذه الركيزة المحورية للعلاقات”.
وأكد بودن أن: “فرنسا تضع بعين الاعتبار موقعها بين الشركاء التجاريين للمغرب، وهي التي كانت في المقدمة لفترات طويلة وتحتل الرتبة الثانية بقيمة تبادل يقارب 14 مليار يورو ( إسبانيا 20 مليار يورو ) فضلا عن إيلاء فرنسا لأهمية التنسيق الأمني والتشاور السياسي مع المغرب”.
وخلص بودن إلى القول: “أتصور أن تصريحات وزير الخارجية الفرنسي تعكس تقدير دبلوماسي وسياسي مهم، لتحييد ضباب سوء التفاهم الذي حجب القيمة التاريخية والإستراتيجية للعلاقات المغربية-الفرنسية خلال السنوات الأخيرة، ويمكن العثور في هذه التصريحات على بعض الإضافات في الموقف الفرنسي من سيادة المغرب على صحرائه، في البعدين الاقتصادي والثقافي”.