أكد الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، أن تفشي حالات الحصبة مؤخرا بالمغرب، مرتبط بانخفاض التلقيح في المناطق المعنية، وذلك بعدما أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن ارتفاع حالات الحصبة على وجه الخصوص بجهة سوس-ماسة، وذلك في سياق عالمي يتميز بزيادات كبيرة في عدد الحالات وتفشيها على مستوى العالم، بما في ذلك دول أوروبية وإفريقية والولايات المتحدة الأمريكية ومناطق أخرى من العالم.
وأفاد حمضي، في مقال توصل موقع “إحاطة.ما” بنسخة منه بالقول: “نحن بحاجة إلى معرفة أسباب هذا الانخفاض في التلقيح ومستوياته، وتدارك الأمر بهذه المناطق وتحديد وتشخيص مستوى التلقيح في باقي المناطق التي قد تكون في نفس الوضع للتعامل معها”.
الحصبة مرض فيروسي خطير
وأكد حمضي أن الحصبة مرض فيروسي خطير، لافتا أنه يموت طفل كل 4 دقائق من الحصبة، مشيرا أنه في عام 2021، توفي 128,000 شخص بسبب الحصبة علة مستوى العالم.
وأوضح حمضي، أن فيروس الحصبة مرض شديد العدوى، وينتقل عندما يتنفس الشخص المصاب أو يسعل أو يعطس، أو بشكل غير مباشر من خلال الأسطح الملوثة بالفيروس.
وأضاف، أنه يمكن لطفل مريض واحد أن يصيب 16 إلى 20 آخرين، كما يمكن للطفل المصاب أو البالغ المصاب أن يصيب تسعة من كل عشرة مخالطين مقربين غير ملقحين.
المرض والأعراض
بخصوص أعراض المرض، أوضح حمضي، أن الفيروس يصيب الجهاز التنفسي ثم ينتشر في باقي أنحاء الجسم، ومعه تبدأ الحمى وسيلان الأنف واحمرار العينين والسعال والوهن، ثم طفح جلدي أحمر في جميع أنحاء الجسم.
وأشار حمضي، أن المضاعفات الخطيرة ممكنة، ومنها الموت، أو الإعاقات مدى الحياة، ومشاكل التنفس الشديدة، والتهاب الدماغ، العمى، الجفاف وغيرها من المضاعفات.
التلقيح
وشدد حمضي على ضرورة تلقي اللقاح، من خلال التطعيم بجرعة واحدة في عمر 9 أشهر وجرعة ثانية بعد بضعة أشهر، مبرزا أن التطعيم آمن وفعال وهو أفضل طريقة لتجنب عدوى الحصبة والمرض والاوبئة.
وتابع حمضي أن اللقاح ينقذ أرواح 5 أشخاص كل دقيقة حول العالم، مشيرا أنه بين عامي 2000 و2021: تم إنقاذ حياة 56 مليون شخص من خلال التطعيم ضد الحصبة.
لماذا تظهر بعض البؤر أو الاوبئة أحيانا؟
في هذا الإتجاه، أوضح حمضي: “ينطلق وباء الحصبة عندما يصاب الأشخاص الذين لم يتم تلقيحهم ضد الحصبة، وينقلونه إلى الأشخاص غير الملقحين تماما أو غير الملقحين بشكل كاف، في مجموعات بشرية تكون معدلات تغطية التطعيم ضد الحصبة غير كافية أقل من 95٪”.
وأضاف: “تحدث الأوبئة عندما يتوقف التلقيح في البلدان أو المناطق المتضررة من الكوارث الطبيعية، أو النزاعات التي تؤثر على الخدمات الصحية الأساسية وتعرقل عمليات التلقيح. كما أن الاكتظاظ بسبب هذه الأحداث ونقص النظافة يعرض لازدياد وتكاثر الحالات”.
من يمكن أن يصاب بالمرض؟
على هذا الصعيد، أكد حمضي، أنه بإمكان أي شخص، طفل أو بالغ، غير ملقح تماما أو بشكل غير كامل (لم يتلق أي جرعة واحدة من اللقاح أو جرعة واحدة بدون جرعة معززة)، أن يطاله المرض.
الفئات المعرضة لخطر الإصابة بمرض شديد
وتابع حمضي، أن الأطفال دون سن 5 سنوات، والبالغين الذين تزيد أعمارهم عن 30 عاما، والنساء الحوامل، والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، والأشخاص الذين يعانون من أمراض تضعف جهاز المناعة، معرضون أكثر من غيرهم لخطر الإصابة بمرض شديد.
الوقاية: التلقيح أولا وثانيا وثالثا وتدابير النظافة.
ولفت حمضي، أن في المغرب، تصل معدلات التلقيح ضد الأمراض المستهدفة لدى الأطفال إلى أكثر من 95٪، مؤكدا أن المغرب من بين البلدان دات التصنيف الجيد في هذا المجال.
وخلص إلى أن المغرب نظم في عام 2013 حملة وطنية للتلقيح الاستدراكي ضد الحصبة والحصبة الألمانية مع تطعيم 10 ملايين شخص تتراوح أعمارهم بين 9 أشهر و19 عاما: في المراكز الصحية والمدارس… “وكان الهدف على وجه التحديد هو الحفاظ على هذا المستوى العالي من الحماية والتلقيح الكامل”.
وجدير بالذكر، أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، قامت عبر مصالحها الجهوية والإقليمية بمجموعة من التدابير الميدانية من خلال تعزيز أنشطة الرصد الوبائي وحملات للتلقيح، مما مكن من احتواء سرعة انتشارها، وهذا ما جعل الحالات المسجلة في الأسابيع الأخيرة متمركزة بإقليمي تارودانت وشتوكة آيت باها.
وخلصت التحريات الوبائية الميدانية، إلى انخفاض الإقبال على التلقيح بمجموعة من التجمعات السكانية، مما ساهم في انتشار الفيروس وظهور بؤر الحالات المرضية.
في هذا الإطار، ذكرت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بأن التطعيم هو الطريقة الأكثر فعالية للوقاية من العديد من الأمراض المعدية بما في ذلك الحصبة، وتهيب بالأمهات والآباء الإلتزام بجدول التلقيح المعتمد في إطار البرنامج الوطني للتمنيع، حيث يشمل جرعتين ضد الحصبة في الشهر التاسع والثامن عشر.
كما نصحت الوزارة بضرورة التوجه إلى أقرب مؤسسة صحية في حالات ظهور أعراض المرض (طفح جلدي مع حمى)، لتلقي العلاج المناسب وتفادي المضاعفات.
وأكدت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أنها توفر عبر شبكة المؤسسات الصحية الأولية بمختلف أقاليم وعمالات المملكة خدمة اللقاحات مجانا، حيث يعد البرنامج الوطني للتمنيع من البرامج ذات الأولوية لدى الوزارة.