أ.ف.ب
ندّد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الخميس، بسلوك الولايات المتحدة، مشيداً بالشراكة بين بكين وموسكو، ووصف الوضع الإنساني في غزة بأنه “وصمة عار على الحضارة”.
وانتقد الدبلوماسي المخضرم البالغ 70 عاما خلال مؤتمر صحافي على هامش الدورة الثانية للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني، المحاولات الأميركية المتعددة لممارسة “الضغط” على بكين، معتبراً أنّ “الرغبة في تكديس اللوم تحت أي ذريعة وصلت إلى مستوى غير معقول”.
وأعرب وانغ يي عن أسفه لأن “وسائل الضغط على الصين يتم تجديدها باستمرار، وقائمة العقوبات الأحادية يتم توسيعها باستمرار”.
وقال “نعارض بحزم كل أعمال الهيمنة والتخويف، وسندعم بقوة السيادة الوطنية والأمن فضلاً عن مصالح التنمية”.
وتتصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة بشأن ملفات عديدة بينها تايوان، والتجارة، والتنافس في مجال التكنولوجيات الجديدة، والنزاع على النفوذ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وحقوق الإنسان.
ويأتي خطاب وزير الخارجية الصيني في وقت يثير فيه نفوذ بكين السياسي المتنامي مخاوف لدى الدول الغربية، وبعض جيرانها الآسيويين.
وحذر قادة بلدان رابطة دول جنوب شرق آسيا (اسيان) وأستراليا، الأربعاء، من التحركات “المهددة للسلام” في بحر الصين الجنوبي، بعد حوادث جديدة بين الصين والفيليبين في هذه المياه المتنازع عليها.
واتهم خفر السواحل الفيليبيني القوات الصينية بالتسبب بحادثي تصادم، الثلاثاء، بين سفنهم وجرح أربعة من أفراد طاقم إحداها بخراطيم مياه خلال مهمة إمداد في بحر الصين الجنوبي.
ووقع الحادثان في قطاع سكند توماس شول من جزر سبراتليز التي يطالب بها البلدان وتشهد حوادث متكررة. وتتمركز قوات فيليبينية بشكل دائم فيها.
وأضاف وانغ يي، الخميس، “في ما يتعلق بالنزاعات البحرية، أظهرت الصين على الدوام ضبط نفس كبيرا”، متابعاً “لكن بالتأكيد، لن نسمح لأحد باستغلال نيتنا الطيبة ولن نقبل التشويه أو الانتهاك المتعمد لقوانين البحار”. وقال “سندافع عن حقوقنا المشروعة”.
“مأساة إنسانية”
تطالب بكين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي بأكمله تقريبا، بما في ذلك المياه والجزر القريبة من سواحل عدد من الدول المجاورة، على الرغم من قرار قضائي دولي صدر في 2016.
وتطالب الفيليبين وبروناي وماليزيا وتايوان وفيتنام بعدد من الشعاب المرجانية والجزر الصغيرة في هذا البحر الذي قد تحوي بعض مناطقه احتياطات نفطية كبيرة.
واتهمت الصين، الأربعاء، الولايات المتحدة باستخدام الفيليبين “بيدقا” في بحر الصين الجنوبي، في حين استدعت مانيلا سفير الصين للاحتجاج على النشاطات “العدائية” لبكين في البحر.
ولم يذكر وزير الخارجية الصيني، الخميس، أي دولة بعينها، لكنه حضّ “بعض الدول الواقعة خارج المنطقة، على عدم إثارة الاضطرابات وعدم الانحياز لطرف، وعلى ألا تصبح مخرّبة أو مثيرة للاضطراب في بحر الصين الجنوبي”.
وفي شأن تايوان، نبّه وانغ من أن قادة الجزيرة التي تعدّها الصين جزءا من أراضيها، يسعون إلى استقلالها بدعم أميركي، وسيحاسبون أمام التاريخ.
ورفض وزير الخارجية الصيني فكرة أن بلاده تشكل تهديدا للنظام العالمي.
وقال “في مواجهة الاضطرابات المعقّدة في البيئة الدولية، ستستمر الصين في كونها قوة للسلام وقوة للاستقرار وأيضا قوة للتقدم في العالم”.
وجدد تأكيد دعم بلاده للقضية الفلسطينية وتأييد بكين عضوية “كاملة” لدولة فلسطينية في الأمم المتحدة.
وقال “نحن ندعم أن تصبح فلسطين عضوا رسميا في الأمم المتحدة”.
ووصف الحرب المستمرة منذ خمسة أشهر بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأنها “مأساة للبشرية ووصمة عار على الحضارة، حيث اليوم، في القرن الحادي والعشرين، هذه الكارثة الإنسانية لا يمكن وقفها”.
وأضاف “لا يوجد سبب يمكن أن يبرر قتل المدنيين”، قائلاً “يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل عاجل، ويجعل من التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار ووقف الأعمال العدائية أولوية قصوى”.
وأكد أنّ “الكارثة في غزة ذكّرت العالم مرة أخرى بحقيقة أنه لم يعد بالامكان تجاهل أن الأراضي الفلسطينية محتلة منذ فترة طويلة”.
وأضاف أن “رغبة الشعب الفلسطيني التي طال انتظارها في إقامة دولة مستقلة لم يعد من الممكن تفاديها، كما أن الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يستمر لأجيال دون تصحيحه”.
الاتحاد الأوروبي
إلى ذلك أشاد وانغ بعلاقات بلاده الجيدة مع روسيا التي تعززت خلال العامين الماضيين، بينما تتعرض الصين لانتقادات من الغرب بشأن موقفها من غزو موسكو لأراضي أوكرانيا.
ولم تدن بكين الغزو منذ بدايته في فبراير 2022.
وقال وانغ إن “الصين وروسيا وضعتا نموذجاً جديداً للعلاقات بين القوى الكبرى يختلف تماماً عن حقبة الحرب الباردة القديمة”، مضيفا أن العلاقات الثنائية تقوم على “أساس عدم الانحياز وعدم المواجهة وعدم الاستهداف لأطراف ثالثة”.
وقال “سنواصل السير على طريق الصداقة وحسن الجوار الدائم وتعميق تعاوننا الاستراتيجي الشامل” مع موسكو.
وتسعى بكين إلى أن تكون وسيطاً وطرفاً محايداً في الحرب، لكن علاقتها مع موسكو تعمقت منذ بدء النزاع.
وفي شأن الاتحاد الأوروبي الذي يُظهر تزايدا في انعدام الثقة بالصين ويصفها بأنها “شريك ومنافس وخصم مؤسسي” في الوقت عينه، اعتبر وانغ يي أن “هذا الوضع.. ليس واقعياً أو قابلاً للتنفيذ، وقد تسبب في الواقع بتدخلات وعراقيل غير ضرورية أمام تطوير العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي”.
وقال “يبدو الأمر كما لو أن سيارة تقف عند تقاطع طرق حيث أضيئت إشارة السير بالأحمر والأصفر والأخضر… في أي اتجاه تقود؟”.
وشدّد وانغ يي على أنه “لا يوجد تضارب أساسي في المصالح بين الصين وأوروبا”، معتبراً أن “المصالح المشتركة للطرفين تفوق بكثير خلافاتهما”.