بدا تسلُّم مبتكر فيلم “ستار وورز” (حرب النجوم)، جورج لوكاس، جائزة فخرية في اختتام مهرجان كان، مساء السبت، ثم تقديمه السعفة الذهبية لأحد وجوه السينما المستقلة الجديدة في الولايات المتحدة، شون بيكر، أشبه بتسليم الشعلة من جيل إلى جيل في الفن السابع الأميركي، فيما وجّه المخرج الفائز بلقب المهرجان الفرنسي نداء من أجل عرض الأفلام في الصالات المظلمة.
وقال بيكر في كلمته أثناء تسلم الجائزة “علينا أن نكافح من أجل إنتاج أفلام تُعرض في الصالات. يحتاج العالم إلى أن يتذكّر أن مشاهدة فيلم على الهاتف الخلوي أو في المنزل ليست الطريقة المناسبة لمشاهدة الأفلام”.
وأضاف “في الصالة نتشارك الحزن والخوف والضحك”.
وكان سبق بيكر إلى اعتلاء مسرح قصر المهرجانات عملاقا السينما الأميركية فرانسيس فورد كوبولا الذي خرج فيلمه “ميغالوبوليس” من المسابقة خالي الوفاض، وجورج لوكاس الذي تسلّم من كوبولا سعفة ذهبية فخرية. وحملت إطلالة بيكر بعدهما دلالة رمزية، إذا أوحت وكأنها بمثابة نقل العدّائين العصا خلال سباقات البدل.
ويميل شون بيكر، الذي نال السعفة الذهبية خلفاً لمخرجة “أناتومي دون شوت”، جوستين ترييه، إلى الشخصيات المهمشة التي تفيض بالإنسانية، وغالباً ما يستعين في أفلامه بممثلين مبتدئين أو هواة.
ويبدو فيلم “أنورا” في بدايته أشبه بنسخة 2024 من قصة سندريلا، أو بفيلم “بريتي وومن”، وينتقل من الأحياء الفقيرة في نيويورك إلى الفيلات الفاخرة للأوليغارشية الروسية، من خلال قصة العلاقة بين راقصة تعرٍّ شابة تدعى أنورا ونجل ملياردير.
جائزة لمتحولة جنسيا
وفي مناخات المافيا والمطاردات الليلية في نيويورك، يعيد الفيلم الذي تبلغ مدته ساعتين و18 دقيقة التذكير بكلاسيكيات السينما الأميركية ويصوّر الجانب الآخر من الحلم الأميركي.
واتخذت لجنة التحكيم برئاسة المخرجة غريتا غيرويغ والتي ضمّت الممثلين الفرنسي عمر سي ومواطنته إيفا غرين، والأميركية ليلي غلادستون، والمخرجة اللبنانية نادين لبكي وآخرين، قراراً بارزاً آخر تمثّل في منح جائزة مشتركة في فئة أفضل تمثيل للنساء لممثلات الفيلم الكوميدي الغنائي “إميليا بيريز” للمخرج جاك أوديار.
وشكّلت هذه الجائزة منعطفاً مهماً في تاريخ المهرجان إذا شهدت للمرة الأولى مكافأة ممثلة متحولة جنسيا هي كارلا صوفيا غاسكون، إلى جانب سيلينا غوميز وزوي سالدانيا وأدريانا باز. وأتاح فيلم أوديار للجمهور اكتشاف غاسكون (52 عاماً) التي بدأت تحولها الجنسي في سن السادسة والأربعين وتؤدي فيه الدور الرئيسي، إذ تجسّد شخصية تاجر مخدرات يشعر بعمق بأنه أنثى ويغير جنسه.
وأهدت غاسكون جائزتها إلى “جميع الأشخاص المتحولين الذين يعانون”.
وقالت على المسرح “أريد أن يكون هؤلاء الناس قادرين على الاعتقاد كما في +إميليا بيريز+ أن من الممكن دائما التحسن”.
أما فيلم “بذرة التين المقدس” للمخرج الإيراني، محمد رسولوف، الذي كان بين الأوفر حظاً للفوز بالسعفة، فنال في نهاية المطاف جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن عمله الذي صُوِّر سراً.
وتشكّل الجائزة رمزاً لدعم الفنانين الإيرانيين الذين وقعوا ضحايا القمع وتكريساً لمخرج تحدى الرقابة لعقود قبل أن ينتقل إلى خارج بلده، على بُعد أيام قليلة من المهرجان. وكان حضوره إلى كان أول إطلالة علنية له منذ مغادرته إيران.
هوليوود تحت الضوء
وقال محمد رسولوف أثناء تسلمه جائزته “اسمحوا لي أن أوجّه تحية لجميع أعضاء فريقي الذين لم يتمكنوا من الحضور معي للاحتفال بهذه الجائزة. مسؤول العمليات في فيلمي، وعدد كبير من الفنيين، وهم يتعرضون للضغوط. قلبي معهم قبل كل شيء”.
وفي بقية قائمة الجوائز، حصل الأميركي جيسي بليمونز على جائزة أفضل ممثل عن أدائه في أحدث أفلام يورغوس لانثيموس، فيما حصلت المخرجة الهندية الشابة بايال كاباديا، الممثلة عن قطاع سينمائي هندي ينمو في ظل بوليوود، على الجائزة الكبرى عن “آل وي إيماجن آز لايت”، وهو أول فيلم هندي يشارك في المنافسة منذ ثلاثين عاماً.
وحصلت مخرجة أخرى على مكافأة، وهي الفرنسية كورالي فارجا، التي نالت جائزة عن فيلمها الطويل الثاني “ذي سابستنس”، وهو عمل نسوي دموي للغاية مع ديمي مور أثار ضجة كبيرة في المهرجان.
أكبر الخاسرين في هذا المهرجان هم أساطير “هوليوود الجديدة”، الذين خرجت أعمالهم، في خريف عمرهم، خالية الوفاض.
وهذه حال فرانسيس فورد كوبولا، الذي كان يتنافس على السعفة الذهبية الثالثة في سن 85 عاماً. وأيضاً بول شريدر، الذي اشتُهر في البداية بأنه كاتب سيناريو لمارتن سكورسيزي قبل أن يصبح مخرجاً سينمائياً معروفاً، لكنّ فيلمه “أوه، كندا!”، الذي أدى فيه ريتشارد غير دور رجل عجوز يحتضر، حصد تقييمات مخيبة للآمال.
وقد حضرت هوليوود بقوة في هذه النسخة من المهرجان، التي تميزت أيضاً بالعرض خارج المنافسة لفيلم كيفن كوستنر الجديد أو “فوريوزا” المشتق من سلسلة أفلام “ماد ماكس”.
