وجه أحمد لحليمي، المندوب السامي للتخطيط، انتقادات شديدة للسياسة المنتهجة من قبل حكومة بنكيران لإعادة التوازنات الماكرو اقتصادية، وأكد أن هذه التوازنات تمت على حساب الاستهلاك والاستثمار.
وأشار إلى أن الحكومة لم تستغل بالشكل المطلوب الظرفية الدولية الملائمة، المتمثلة، أساسا، في تراجع أسعار النفط والمواد الأساسية، مضيفا أن انخفاض أسعار هذه المواد مكن الحكومة من تمرير إصلاح المقاصة بأقل التكاليف، حيث استقر معدل التضخم في مستويات ضعيفة.
وأكد لحليمي، خلال ندوة صحفية لتقديم الميزانية الاستشرافية لسنة 2016، أن إعادة التوازنات تمت على حساب الاستثمار، حيث الذي سجل انكماشا ملحوظا، حيث أن المعدل السنوي للاستثمار من الناتج الداخلي الإجمالي سجل منحى تنازليا ليصل إلى 30في المائة عوض 33في المائة خلال عشر سنوات الأخيرة، كما عرف النمو الاقتصادي منحى تنازليا، منذ سنة 2008.
وأوضح، في السياق ذاته، أن تقلص العجز الجاري لميزان الأداءات إلى 3.3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، خلال السنة الجارية وعجز الخزينة إلى 4.4 في المائة، انعكس على معدل نمو الطلب الداخلي الذي تراجع من 6 في المائة في المتوسط السنوي، خلال الفترة الممتدة بين 2000 و 2009، إلى 3.3 في المائة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، كما أن معدل نمو الاستثمار أصبح سالبا منذ 2013، ويتوقع أن يسجل انتعاشا في السنتين الجارية والمقبلة.
وأشار لحليمي، خلال تقديمه للميزانية الاستشرافية، إلى الارتفاع المتواصل للمديونية العمومية، التي عرفت منحى تصاعديا، خلال السنوات الأخيرة. وأشار إلى أن معدل الدين العمومي الإجمالي سيصل، خلال السنة المقبلة، إلى 81.2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، مقابل 79.6 في المائة، خلال السنة الجارية، و78,2في المائة في 2014.
وأمام التعثرات التي تعرفها مجموعة من الأوراش الإصلاحية قدم لحليمي عددا من التوصيات للحكومة من أجل تجاوز الوضع الراهن.
وهكذا أوصى الحكومة بإصلاحات بنيوية من شأنها تحقيق تنويع عميق للنسيج الإنتاجي وتثمين الاختيارات الإستراتيجية التي تبناها المغرب منذ سنة 2000، مضيفا أن من دونها يمكن أن تتقلص الآثار الإيجابية التي تمنحها الظرفية العالمية الإيجابية الحالية.
وطالب، في هذا الإطار، بضرورة تعزيز إصلاح صندوق المقاصة الذي انخرط فيه المغرب، واتخاذ إجراءات مستعجلة لإصلاح أنظمة التقاعد ومراجعة عميقة لطريقة التسيير الحالية للإدارة العمومية، التي تمتص 20 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، أي ما يفوق 4 مرات تكلفة نفقات المقاصة في السنوات غير الملائمة، مضيفا أن الطريقة التي تدبر بها الحكومة، حاليا، لا يمكن تحملها إذا تم تطبيقها في إطار الجهوية. واعتبر أن تحسين مناخ الأعمال وتشجيع موجه للرساميل الخاصة الوطنية والدولية للانخراط في الاستثمار المنتج، يمر عبر اتخاذ إصلاحات عميقة ومستدامة للنظام الجبائي الوطني، الذي يبدو اليوم أقل ملاءمة مع إنتاجية عوامل الإنتاج وإدماجه في رؤية مستقبلية.