“هبل تربح” يقول المغاربة، أما المصريون فيربطون ما بين الهبل والشيطنة، “سوق الهبل على الشيطنة”، عمدة الرباط محمد صديقي أخذ بالمثلين، عندما استفاد من تقاعد بداعي أنه “مخبول”، وأن قواه العقلية لن تساير العمل.
فكيف ساق الصديقي الهبل ليحق الربح، أكيد أن مبلغ 100 مليون التي صرفتها “ريضال” لعمدة الرباط، ليست سوى ما يظهر من جبل جليد يغطس في أعماق الفضيحة.
تكشف وثائق حصل عليها موقع “إحاطة.ما“، أن عمدة الرباط محمد صديقي المنتمي لحزب العدالة والتنمية، استفاد من تقاعد خاص رفقة 90 موظفا آخرين، ضمن ملفات “عدم الأهلية”، للمغادرين من شركة “ريضال” المكلفة بالتدبير المفوض للماء والكهرباء بالعاصمة.
وثائق “ريضال” تشير بالاسم لمحمد صديقي وخليل نعمان، وتوكد أنهما استفادا من التقاعد بناء على تقديم شهادات طبية لعدم القدرة العقلية على العمل، وأنهما كانا يعلمان بإمكانية الاستفادة من خيار “التقاعد النسبي”، فقط، على غرار أربعة مدراء في “ريضال” ذكرتهم الشركة بالاسم.
إذن ما الذي يدفع مناضلا، في صفوف حزب صعد إلى السلطة رافعا شعار “محاربة الفساد”، إلى الاحتيال لنيل تعويض بنسبة 2.5 في المائة عن كل شهر استخدمه، عوض 2 في المائة، بالنسبة لملف التقاعد النسبي.
أغلب ما كتب عن فضيحة عمدة الرباط، ركز على مبلغ التعويض، المحدد في 100 مليون سنتيم، أكيد أنها ليست مغرية كفاية لتدفع مهندسا إلى أن يبيع سمعة مادته الرمادية، وهو المهندس.
مصادر “إحاطة.ما” قالت إن مجازفة محمد صديقي تمكن في استفادته من التعويضات الخاصة بالمستفيدين من ملفات Invalidité ، ستسمح له بتعويض شهري عن الضرر الذي أصابه، وهنا كلما كان الضرر جسيما، ارتفع التعويض، وبما أن الأمر يتعلق بتلف في المخ فإن التعويض حسب مصادرنا يقدر بـ 38788,13 ألف درهم شهريا يتوصل بها على حسابه في البنك المغربي للتجارة الخارجية.
المريب في الأمر أيضا، وهو أن عملية الاستفادة لـ90 إطارا في ريضال، بدعوى عدم الأهلية الصحية، والتي جرى إثابتها بوثائق صحية، جرت عشية تغيير لصناديق التقاعد، بعدما انسحب الصندوق الجماعي للتقاعد CCR لصالح النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد RCAR.
وبمنطق “هبل تربح” فإن الاستفادة من ملف التقاعد النسبي، لن تغدق على عمدة الرباط أموالا بغزارة، فتقاعد “جوج فرنك” على حد قول وزيرة الماء، يستحق أن يدعي صديقي عدم أهليته العقلية، فعوض أن يتبقى له تقاعد بـ9 آلاف درهم، فضل عمدة الرباط خيار Invalidité ليحصل على تعويض يقارب 39 ألف درهم شهريا.
النقطة الثانية أن عمدة الرباط الحالي، الذي يعتبر رفقة زميل سابق له في “ريضال” المديرين الوحيدين اللذين استفادا من خيار “الإعاقة” للحصول على تقاعد سمين، مازال يستغل السكن الوظيفي للشركة، رغم مغادرته لها، عندما كان يشغل منصب رئيس للجان التقنية المكلفة بتدبير الميزانية.
يشار إلى أن يومية مقربة من حزب العدالة والتنمية، كانت دافعت عن صديقي، وقالت إن خطأ وقع في ترتيب الملفات، وأن ملف صديقي سقط صدفة ضمن فئة الراغبين في المغادرة بملف عدم الأهلية، فئة “Reforme”، فهل أيضا جرى جلب شهادة طبية وملف صحي لهذا الغرض صدفة للعمدة ودون علمه؟