بعمر السادسة عشرة، بدأ لامين جمال بشقّ مسار مجيد عندما أصبح أصغر مسجّل في تاريخ كأس أوروبا لكرة القدم وقاد إسبانيا إلى الفوز على فرنسا في نصف النهائي، وبعدها بساعات سجّل قدوته الأرجنتيني ليونيل ميسي هدفاً ساهم ببلوغ منتخب بلاده نهائي بطولة كوبا أميركا حيث يخوض “المعارك الأخيرة” في مسيرة أسطورية.
قبل تسجيل جمال هدفه الرائع في مرمى فرنسا، الثلاثاء، انتشرت صورة لميسي يحمل طفلاً رضيعاً خلال حصة تصويرية عام 2007 في ملعب كامب نو، عندما كان يضيء في بداية مسيرته سماء برشلونة بموهبته النادرة.
لم يكن هذا الطفل سوى لامين جمال، وقد أعاد والده منير نشر الصورة، الأسبوع الماضي، على انستغرام معلّقاً عليها “بداية أسطورتَين”. التُقطت بعد أن أجرت اليونيسيف يانصيباً في ماتارو، حيث كانت تعيش عائلة اللاعب المغربي الجذور.
على غرار ميسي القادم إلى برشلونة بعمر الثالثة عشرة، انضمّ جمال إلى أكاديمية لا ماسيا الشهيرة منذ نعومة أظفاره، وبدأ بتحطيم الأرقام القياسية نظراً لتفجّر موهبته في سن صغيرة.
كما ميسي الأعسر، يشقّ طريقه على الرواق الأيمن، يطلق الكرات اللولبية في الزوايا القاتلة ويلعب التمريرات المقشّرة لزملائه، وبعد أن هزّ شباك فرنسا بتسديدة رائعة متلاعباً بأدريان رابيو، أصبح أصغر لاعب يسجّل في تاريخ البطولة القارية عن 16 عاماً و362 يوماً.
“أتمنى نصف إنجازاته”
انهالت المقارنات بين جمال (1.78 م) وقدوته ميسي (1.70 م) القادرَين على مراوغة الخصوم دون مجهود كبير، لكن الأوّل رفض المقارنة “هو أفضل لاعب في التاريخ والمقارنة معه لا تُصدّق. لا يمكن تشبيهه بأي لاعب آخر، خصوصاً أنا الذي بدأت مسيرتي للتو. أتمنى تحقيق نصف إنجازاته”.
وكتبت صحيفة “سبورت” الكاتالونية “دعونا لا نخاف من مقارنته بليونيل ميسي.. لا يزال على بعد سنوات ضوئية (من ميسي) وصحيح أنه لا يزال في مهده، لكن بعمر السادسة عشرة تشير موهبته إلى أنه سيكون من العظماء”.
من جهتها، كتبت “أس” بالفرنسية عن اللاعب الذي أكمل امتحاناته المدرسية خلال كأس أوروبا “مساء الخير، اسمي لامين جمال وسأكتب التاريخ”.
بحسب وكالة أوبتا للإحصائيات، فإن اللاعبَين الوحيدين في آخر مونديال وكأس أوروبا الحالية صنعا أكثر من 15 فرصة و15 تسديدة و15 مراوغة، هما ميسي بطل العالم 2022 مع الأرجنتين وجمال الذي تأهلت بلاده لملاقاة الفائز بين إنجلترا وهولندا، الأحد المقبل في برلين.
سيكون جمال، المولود في 13 يوليوز 2007 لوالد مغربي وأم من غينيا الاستوائية، قد بلغ السابعة عشرة، وطلب من والدته “عدم تقديم أي هدية في عيد ميلادي، مجرّد التواجد في النهائي والفوز به هو شيء كبير”.
تتويج سيكون الأوّل مع منتخب بلاده، بعد احرازه لقب الدوري الإسباني مع برشلونة في 2023، ما يضعه على خريطة الواعدين القادرين على رسم مسيرة زاخرة.
“المعارك الأخيرة”
على بعد آلاف الكيلومترات في نيوجيرزي، كان ميسي يرسم فصلاً جديداً من مشواره المرصّع بالألقاب.
بعد أن أحرز كأس العالم 2022 للمرّة الأولى وحمل الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم ثماني مرّات، أصبح لاعب إنتر ميامي الأميركي على بُعد مباراة واحدة من قيادة الأرجنتين إلى الاحتفاظ بلقب كوبا أميركا.
سجّل ابن السابعة والثلاثين الهدف الثاني في مرمى كندا والـ109 دولياً، ليحصل على جائزة أفضل لاعب في المباراة، كما فعل جمال ضد فرنسا.
تطرّق مجدداً للموعد غير المؤكّد لختام مسيرته التي شهدت احرازه لقب دوري أبطال أوروبا أربع مرات مع برشلونة “أختبر هذا الشيء كما حصل في كوبا أميركا الأخيرة، في كأس العالم الأخيرة… هذه المعارك الأخيرة وأنا استمتع بها قدر الإمكان”.
لم تسنح الفرصة لجمال وميسي باللعب في فريق واحد، وقد انطفأت مسيرة الكثير من الشبان الموهوبين بعد بدايات واعدة، ما يثير شكوكاً حيال مواصلة صعوده في المستقبل.
لكن جمال “عبقري” بحسب مدرّبه لويس دي لا فوينتي “لقد رأينا عبقرياً.. هو لاعب يجب أن نعتني به. علي تقديم المشورة له كي يتابع العمل بتواضع ويُبقي قدميه على الأرض”.
قال النجم الألماني السابق، لوتار ماتيوس، “مارادونا، ميسي والآن جمال”، فيما رأى الهداف التاريخي للمنتخب الإسباني دافيد فيا أنه “لاعب فريد.. لا حدود” لقدراته.
مدّد برشلونة عقد جمال حتى 2026 مع بند جزائي بقيمة مليار يورو، في ظل تقارير عن سعي صفوة الأندية الأوروبية لضمّه ومنحه الرقم 10 الشهير.
لكن المحطة الأهم لجمال بعد عيد ميلاده، السبت، ستكون النهائي الأوّل الكبير في مسيرة تحمل جينات البعوضة الأرجنتينية القريبة من الاعتزال.