شهدت مسابقات الألعاب الأولمبية، منذ فجر التاريخ، مشاركة ملكية كبيرة ولأفراد متميزين من طبقات النبلاء. وتعود أول مشاركة لأحد أفراد عائلة مالكة للإمبراطور نيرون عام 67 م، والتي حصد فيها ألفي ميدالية، ولكن بالطبع بطرق ملتوية، وعبر الغش. ومنذ عودة الألعاب الأولمبية للحياة، في القرن التاسع عشر، شارك الكثيرون من الأمراء والدوقات والكونتات مثل الأمير قسطنطين فون ليشتنشتاين ونجم كرة اليد الإسباني إينياكي أوردانغارين، دوق بالما دي مايوركا، وزوجته الدوقة.
مع عودة الألعاب الأولمبية إلى العاصمة الفرنسية باريس، يعود الحدث الرياضي الضخم بالتاريخ إلى ذاكرة المشاركات التي شهدت على ملوك وأمراء وأصحاب شأن دخلوا “البلاط الأولمبي”.
تعود الجذور “الملكية” في الألعاب الأولمبية إلى الإمبراطور الروماني نيرون، الذي يصنفه التاريخ، إن صدق في تصنيفه، الأولمبي الأكثر نجاحا في التاريخ. يُقال إن الحاكم المستبد جمع خلال ألعاب، عام 67 بعد الميلاد، ما يقارب ألفي ميدالية، بعضها نالها بطرق ملتوية تجعل الغش الذي نعرفه في يومنا هذا شيئا بسيطا للغاية، مقارنة بما كان يقوم به.
لم يكن نيرون يكترث للروح الأولمبية، وقيم المشاركة في الألعاب، بل الفوز فقط كان القوة الدافعة له مهما كان الثمن. في سباق العربات، يُقال إنه لجأ إلى رشوة منافسيه لأنه في السباقات التي سمح خلالها للمنافسين باستخدام أربعة أحصنة، كان يجر عربته بعشرة.
ولو تبنى الأمير قسطنطين فون ليشتنشتاين الأساليب الملتوية نفسها التي اعتمدها نيرون وقرر رشوة منافسيه، لاضطر لبيع قصر أو اثنين من أجل شق طريقه إلى منصة التتويج الأولمبي، لأنه احتل المركز التاسع والتسعين في سباق الانحدار الألبي خلال الأولمبياد الشتوي عام 1948. وربما أثقل بوزن لقبه الكامل وهو الأمير قسطنطين فرانتس نيكولاوس كارل هاينريتش داغوبرت أنطون فون بادوا إيلديفونس مارا فوم ليشتشنتاين، لكنه، وخلافا لنيرون، كان هذا الأمير تجسيدا مثاليا لروح أبي الألعاب الأولمبية الحديثة الفرنسي بيار دو كوبرتان.
والأمر ذاته ينطبق على مواطنه الأمير الآخر صاحب الاسم الطويل جدا أيضا: ماكسيميليان إيمانويل ماريا ألكسندر فيكتور برونو دي لا سانتيسيما ترينيداد إي تودوس لوس سانتوس زو هوهنلوهي-لانغنبرغ، الذي حل في المركز الـ54 في سباق الانحدار خلال ألعاب 1956.
وخلافا للتزلج، كان الإبحار “أرضا” خصبة للأمراء الأوروبيين في الألعاب الأولمبية، فالكونت السويسري هرمان ألكسندر دي بورتاليس نال ذهبية وفضية خلال أولمبياد 1900، لينال امتياز أن يكون أول شخص من العائلات المالكة يتوج بالذهب في الألعاب. لكن تتويجه لم يتحقق دون مساهمة من زوجته الكونتيسة هيلين التي كانت إلى جانبه في القارب وعملت كمساعدة له.
حضور “رياضي” للملكة إليزابيث
ولم يكن الكونت السويسري “الملكي” الوحيد الذي يتوج بالذهب في الألعاب الأولمبية الحديثة بل لحق به ولي العهد الأمير قسطنطين الثاني الذي أصبح عام 1964 ملك اليونان، إذ نال الذهبية في سباق الزوارق الشراعية فئة “دراغون” خلال ألعاب روما 1960.
وعام 1972، وقبل ثلاثة أعوام من استلامه العرش الملكي في إسبانيا، لم يتمكن الملك خوان كارلوس الأول من السير على خطى قسطنطين الثاني واكتفى في ألعاب 1972 باحتلال المركز الثاني عشر في الفئة ذاتها. وانتقل التقليد العائلي إلى ابنته إينفانتا كريستينا، دوقة بالما دي مايوركا، إذ شاركت في أولمبياد سول 1988، فيما شارك زوجها نجم كرة اليد إينياكي أوردانغارين، دوق بالما دي مايوركا، في ثلاث نسخ أولمبية آخرها عام 2000 حين كان قائدا للمنتخب الوطني.
كما أن العائلة المالكة البريطانية ليست غريبة عن “البلاط الأولمبي”، فالأميرة آن، ابنة الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، شاركت مع فريق الفروسية عام 1976 وابنتها زارا فيليبس قدمت أيضا أداء لافتا في ألعاب لندن 2012 في الفروسية أيضا ونالت الفضية مع المنتخب الوطني. وحتى أن الجدة الملكة إليزابيث الثانية ظهرت ظهورا “رياضيا” في ألعاب لندن 2012 وإن كان بلقطة صوّرت سابقا. ظهرت في لقطة مع الممثل دانيال كريغ الذي وصل إلى قصر باكنغهام في سيارة أجرة، ليرافق الملكة بعد ذلك بطائرة مروحية فوق العاصمة البريطانية.
وظهرت بعد ذلك طائرة مروحية فوق الملعب الأولمبي في ستراتفورد، فقفز مظليان لعبا دور الملكة والجاسوس الشهير قبل ظهور الأولى تدخل الى الملعب وهي ترتدي اللباس عينه. وفي أولمبياد لندن 2012 نجح منتخب الفروسية السعودي الذي ضم الأمير عبد الله بن متعب بن عبد الله بن عبد العزيز في الحصول على برونزية مسابقة قفز الحواجز.