يترقب مواطنو الشرق الأوسط رد الفعل الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إسماعيل هنية، في طهران، وسط قلق من اتساع رقعة الصراع في المنطقة.
وتصاعدت التوترات والمخاوف في المنطقة، بعد مقتل هنية في العاصمة الإيرانية طهران، في 31 يوليو الماضي، واتهمت إيران وحماس إسرائيل، وتوعدتا بالرد، بينما لم تعلق إسرائيل على الاغتيال.
وأمس الجمعة، قال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، إن طهران ترى أن من واجبها الانتقام لاغتيال هنية، الذي قتل في حادث “مرير” في إيران، حسبما ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية ((إرنا)).
واغتيل هنية بعد ساعات من قيام إسرائيل باغتيال فؤاد شكر القيادي العسكري الأبرز في حزب الله اللبناني والذراع اليمنى لأمين عام الحزب حسن نصر الله في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وتوعد نصر الله إسرائيل بالرد على “العدوان” على ضاحية بيروت الجنوبية.
ترقب وخوف
وقال إبراهيم جرادات (55 عاما)، وهو فلسطيني من مدينة الخليل بالضفة الغربية، إنه يتابع بقلق بالغ الأنباء الواردة عن رد إيران وحزب الله المرتقب على إسرائيل، خاصة أن ذلك يعني أن حربا إقليمية واسعة النطاق قد تندلع في الشرق الأوسط.
وأضاف جرادات لوكالة أنباء ((شينخوا)) أنه “في حال شنت إيران وحزب الله هجوما على إسرائيل، فإن هذا يعني أن إسرائيل سترد بقوة، وستجر لبنان إلى حرب واسعة وشاملة”.
وأعرب عن خشيته من أن “تنتقل المشاهد في غزة إلى لبنان”، في إشارة إلى الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حركة حماس في القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي، واحتمال انضمام أطراف أخرى في العراق واليمن وغيرها للصراع، مما يعني “أننا سنعيش سنوات طويلة من الحروب والكوارث والموت والقتل دون توقف”.
بدوره، رأى المواطن العراقي حسين كاظم أن الوضع في الشرق الأوسط حاليا متأزم لأن طبول الحرب تقرع والتهديدات تتزايد.
وقال كاظم، وهو مدرس تاريخ لـ((شينخوا))، “نحن في حالة قلق متواصل لأننا لا نعرف متى تبدأ الحرب، ومنذ اغتيال هنية نتوقع كل ساعة أن ترد إيران على إسرائيل”.
وتابع كاظم “نخشى أن تنضم فصائل المقاومة العراقية للمشاركة في الرد الإيراني، ما يجعل العراق هدفا لهجمات مقابلة، وهذا إذا حصل سيزيد من معاناة العراقيين الذين يشكون من نقص كبير في الخدمات”.
وشاطره الرأي مواطنه رعد عمران، خريج كلية العلوم السياسية، قائلا إن المنطقة كلها في حالة ترقب وحذر وقلق كبيرة من نتائج الرد الإيراني المرتقب على إسرائيل.
وبينما قال الشاب السوري تيم الشعراني (32 عاما) إن المنطقة تعيش حالة من القلق من نشوب حرب، ستكون لها نتائج كارثية على سوريا خاصة أن الأخيرة لم تتعاف بعد من حالة الحرب التي عاشتها، رأى مواطنه راؤل البني (25 عاما) أن حالة الترقب والحذر التي تعيشها المنطقة اعتيادية، لكن ما يحدث من تصعيد إسرائيلي ضد لبنان وسوريا وفلسطين ليس عاديا ويستوجب الرد لوضع حد للتصعيد الإسرائيلي الخطير الذي ينعكس سلبا على حياتنا كسوريين.
ورغم حالة القلق في المنطقة إلا أنها تتصاعد بعمق في لبنان خوفا من تزايد حدة الصراع وتوسع رقعته بين حزب الله وإسرائيل.
ويتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي القصف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر الماضي على خلفية الحرب الدائرة بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة.
وقال عادل العبد الموظف في أحد المصارف التجارية اللبنانية إن لبنان غارق في أجواء شديدة القلق والتوتر نتيجة حالة الحذر من الاستعدادات والاستنفارات المتبادلة بين حزب الله وإيران من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.
وأشار إلى أنه “في إطار الاحتياطات من احتمال اندلاع حرب واسعة، عمد إلى وضع قيود عدة على تحركات أفراد أسرته وغير جداولها الزمنية في عطلة الجامعات الصيفية حيث ألزمهم بقضاء أوقات طويلة في المنزل وبقضاء حاجاتهم الضرورية بشكل سريع في وقت مبكر من كل يوم”.
ولفت إلى أنه طلب من شقيقه المهاجر في كندا إرسال مساعدة مالية لمواجهة احتمالات تطور الأوضاع، كما حرص على تأمين الدواء لأسرته لفترة شهرين، وكذلك توفير كمية كافية من مياه الشرب لمدة أسبوع وتخزين كمية مناسبة من الأرز والسكر والحبوب.
بدورها قالت اللبنانية سلوى الزايد إنها تعيش وأفراد أسرتها الثلاثة في حالة قلق وخوف دائم من أن يشهد لبنان مجددا حدوث حرب تعيد تدمير البلد، مضيفة أنها “بانتظار ساعة الصفر للرد والرد على الرد”.
وعبرت عن هلعها الشديد من الانفجارات اليومية القوية التي يحدثها اختراق الطائرات الحربية الإسرائيلية لجدار الصوت في الأجواء اللبنانية، وأشارت إلى أن “الدوي والارتجاجات القوية المفاجئة التي تتسبب بها الطائرات ترعب الإنسان خصوصا الأطفال”.
وأعربت سلوى عن خشيتها في حال توسع الحرب من فقدان الأدوية والوقود والمياه، وقالت إنها عمدت إلى تأمين بعض الاحتياجات الأساسية من الأغذية لفترة محدودة.
وأوضحت أن زوجها تواصل مع صديق له في شمال لبنان لتأمين ملاذ احتياطي للعائلة، في إحدى القرى هناك، في حال حدوث الحرب وتوسع نيرانها لتشمل بيروت وضاحيتها الجنوبية.
طبيعة وتوقيت الرد الإيراني
وقال الشاب السوري تيم الشعراني إن الرد الإيراني على إسرائيل سيكون مفاجئا، وكل المؤشرات تدل على أنه بات قوب قوسين أو أدنى.
بينما قال الشاب اليمني محمد الزبيدي إن الرد الإيراني آت لا محالة، وسيكون ردا كبيرا وواسعا ومؤلما.
ورأى الزبيدي، أن تأخير الرد هو جزء من الاستراتيجية الإيرانية وجزء من العقاب النفسي ضد إسرائيل، وبالتأكيد هناك استعدادات إيرانية ومن حزب الله والحوثيين ليكون الرد متزامنا ومنسقا وقاسيا ضد إسرائيل.
في حين قال المواطن الإيراني رضائي إن عملية اغتيال هنية انتهكت سيادة بلاده ويجب على الحكومة الإيرانية الرد بشكل مناسب على إسرائيل.
بينما أكد المواطن اللبناني عادل العبد أن رد حزب الله على اغتيال المسؤول العسكري في الحزب فؤاد شكر “واقع حتما إلا أن طبيعة هذا الرد ربما يتأنى لمزيد من ضغوط الاستنفار على إسرائيل أو تريثا لتجنب إصابة مدنيين نزعا لذرائع إسرائيل استهداف مدنيين لبنانيين في ردها على الرد”.
وقال إنه من الممكن أن يتم الرد على اغتيال إسرائيل لشكر وهنية في أي لحظة، مشيرا إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان الرد سيكون منفردا أو ثنائيا أو بمشاركة أطراف “محور المقاومة” في اليمن والعراق.
في المقابل، يعتقد المواطن العراقي رعد عمران أن إيران لن ترد عسكريا في الوقت الحالي، وستكتفي على الأقل في هذه الفترة بالمناوشات التي يقوم بها حزب الله اللبناني والهجمات الصاروخية التي تقوم بها جماعة الحوثي فيما تبقى إسرائيل في حالة استنفار قصوى وهو ما سيؤدي إلى استنزاف بعض مواردها وإنهاك قواتها.
مسؤولية إسرائيلية أمريكية مشتركة
وحمل المواطن الفلسطيني إبراهيم جرادات، إسرائيل المسؤولية الكاملة في حال اندلاع حرب إقليمية في المنطقة، وذلك في ظل إصرارها على مواصلة الحرب في قطاع غزة للشهر العاشر على التوالي دون توقف ودون التزام بأي من القوانين الدولية.
كذلك حمل جرادات الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية ما سيجري من تصعيد بسبب انحيازها غير المحدود لاسرائيل ومواصلة التغطية على الجرائم التي ترتكبها بحق الفلسطينيين في كل غزة والضفة الغربية والقدس وغيرها من الأراضي الفلسطينية.
في حين قال المواطن العراقي حسين كاظم إن كل ما يجري في المنطقة هو بسبب سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الفاشلة ونشرها الفوضى في المنطقة.