أ.ف.ب
تستعد فرنسا لتوديع النجم آلان ديلون، أحد أبرز رموز
السينما الفرنسية، عقب وفاته التي أثارت سيلا من ردود الفعل الحزينة والمواقف المشيدة بالممثل الراحل من مختلف أنحاء العالم.
وسيتولى أبناء ديلون الثلاثة أنتوني وأنوشكا وآلان فابيان إدارة جنازة ديلون الذي كان من طينة عمالقة الشاشة الفرنسية.
ونشر الثلاثة الأحد نعيا مشتركا لوالدهم بعد نزاع قضائي وإعلامي استمر أشهراً عدة بينهم في شأن الرعاية الطبية لوالدهم.
وفي حين لا يختلف اثنان على مكانة بطل “لو غيبار” Le Guepard و”لو ساموراي” Le Samourai كممثل، تثير شخصيته مشاعر متفاوتة، إذ ثمة من كان يصف مواقفه بأنها “رجعية”، في حين كان البعض الآخر يأخذ عليه “غروره” أو “ذكوريته”.
ولم يتضح بعد ما إذا كان سيقام تكريم للراحل أم أن الجنازة ستتسم بطابع الخصوصية التامة وستقتصر على الأقارب والعاملين في المهنة.
وكانت وصيّة ديلون أن يُدفن بالقرب من كلابه في دارته في دوشي بمقاطعة لواريه (وسط فرنسا)، حيث توفي.
وذكر نائب محافظ لواريه كريستوف أورو إنه سبق أن بدأ “إجراءات إدارية في هذا الصدد”، مشيراً إلى أن السلطات المحلية “أعطت موافقتها من حيث المبدأ” على هذه الرغبة.
وطوال يوم الأحد، تقاطر عدد من محبي ديلون إلى محيط دارته في دوشي لإلقاء نظرة الوداع على المكان الذي عاش فيه، ولوضع بعض الزهور أمام منزله.
وصرحت ماري أرنولد، وهي من سكان المنطقة، خلال وضعها الزهور مع شقيقتها ميشيل، إنها تبكي رحيل من يمثّل “جزءا” من شبابها. وقالت “في رؤوسنا، نعتقد أن هؤلاء الرموز أبديون. إنه أمر محزن جدا”.
الصحافة العالمية تشيد بآلان ديلون
وعلى الصعيد الإعلامي في فرنسا، خصصت الصحف اليومية الوطنية الصفحات الأولى من أعدادها الصادرة الاثنين لديلون. والتقت “لو فيغارو” و”لو باريزيان” على عنوان واحد هو “الساموراي الأخير”، من وحي فيلم “لو ساموراي” من بطولة الراحل، في حين أن “ليبراسيون” فضلت نشر صورة بالأبيض والأسود للممثل وفي فمه سيجارة مع عبارة “بلان سوماي” Plein sommeil (“نوم تام”) على وزن عنوان أحد أشهر أفلامه “بلان سولاي” Plein Soleil (شمس كاملة).
وأظهر الاهتمام الذي أولته صحف العالم لخبر وفاة ديلون والمساحة الكبيرة التي أفردها بعضها للكتابة عنه ما كان يتمتع به من هالة تجاوزت حدود فرنسا بكثير.
من طوكيو إلى نيويورك مرورا ببلدان أوروبية عدة، أشادت الصحافة العالمية الاثنين بالممثل ديلون، من دون أن تخفي الطبيعة الجدلية أحيانا لآراء “أجمل رجل في تاريخ السينما”.
صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية وصفت آلان ديلون بأنه “ممثل عظيم ورجعي كبير”، في إشارة إلى ما كان يوصف بتناقضات شخصيته، بين براعته التمثيلية الكبيرة التي شكّلت موضع تقدير واسع، والانتقادات التي طالت مواقفه من النساء أو من المثلية الجنسية.
ولم تتوانَ صحف إيطاليا (حيث صوّر آلان ديلون الكثير من الأفلام في بداية حياته المهنية)، بينها صحيفة “كورييري ديلا سيرا”، عن كيل المديح للنجم “الجميل” الذي وصل إلى مرتبة “الأسطورة”.
وكتب الناقد البريطاني في صحيفة “ذي غارديان” بيتر برادشو “بوسامته وسحره، كان آلان ديلون أحد أكثر نجوم السينما غموضا”.
وبوفاة ديلون، تنتهي حقبة، وتنطوي صفحة من تاريخ الفن السابع الفرنسي هي تلك الممتدة من ستينات القرن العشرين إلى ثمانيناته، كانت فيها السينما الناطقة بلغة موليير في ذروة قوتها، وذات مكانة عالمية.
ورحل ديلون بعد معظم من أحبهم أو عمل معهم، مثل جان غابان، ولينو فينتورا، ورومي شنايدر، والمخرجين الإيطاليين لوتشينو فيسكونتي ومايكل أنجلو أنطونيوني.
وبعد وفاة ديلون، وقبله في 2021 رحيل صديقه جان بول بلموندو الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة، لم يبق من كبار هذه الحقبة سوى بريجيت باردو البالغة 89 عاما والتي اعتزلت المهنة منذ عقود.
من جهتها، علقت بريجيت باردو، في رسالة مكتوبة بخط اليد أرسلتها إلى وكالة الأنباء الفرنسية، على وفاة ديلون بالقول “إنّ رحيله يُحدث فراغا كبيرا لن يتمكن أي شيء أو أحد من ملئه”.
وكتبت المرأة التي لا تزال آخر أسطورة حية للفن السابع الفرنسي “كان يمثل أفضل ما في السينما الفرنسية المرموقة. فهو سفير للأناقة والموهبة والجمال”، مضيفةً “لقد خسرت صديقا وشريكا”.
أما الممثلة كلوديا كاردينالي التي تشاركت مع ديلون بطولة فيلم “لو غيبار”، فقالت في رسالة “لقد انتهت الحفلة الراقصة. ذهب للرقص مع النجوم…”.
وفي منشور عبر منصة “إكس”، علّق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على وفاة ديلون، بالقول “موسيو كلاين أو روكو، لو غيبار أو لو ساموراي، آلان ديلون أدى أدوارا أسطورية، وجعل العالم يحلم. لقد منح وجهه الذي لا يُنسى ليقلب حياتنا رأسا على عقب”.
وكتبت المغنية الكندية سيلين ديون عبر “إكس”: “لقد كان جزءا من حياتنا بألوان السينما، والجاذبية التي كان يتمتع بها كانت تتجاوز كل الحدود بين الحلم والحقيقة”.
وتابعت “رحيله يحزنني. سأبقي كلماته تهمس في أذني كسعادة مشتركة خلال أغنية”، في إشارة إلى أغنية “باروليه… باروليه” التي قدّمها قبل عقود مع المغنية داليدا، وغنتها سيلين ديون في دويتو مع الممثل خلال برنامج تلفزيوني عام 1996.
وحيّت المغنية والممثلة ميراي ماتيو “صرحا فرنسيا”، في حين لاحظ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أن ديلون “جعل العالم يحلم” و”منح وجهه الذي لا يُنسى ليقلب حياتنا رأسا على عقب”