أ.ف.ب
فاز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية رئاسية ثانية، وفق النتائج الأولية، التي أعلنتها السلطة الوطنية للانتخابات في الجزائر.
وحسب رئيس اللجنة محمد شرفي فإنه من أصل 5,630 مليون صوت مسجل، حصل تبون على 5,320 مليون صوت، أي 94,65% من الأصوات.
وكان شرفي ذكر أن “نسبة المشاركة الأولية في الانتخابات الرئاسية عند إغلاق مكاتب الاقتراع الساعة 20,00 السبت (19,00 ت غ) بلغت 48,03 بالمئة داخل الوطن و19,57 بالمئة بالنسبة للجالية الوطنية بالخارج”، من دون أن يحدد عدد المقترعين من أصل أكثر من 24 مليون مسجّل. وقال إن هذه “نسبة أولية”.
وأرجع حسني عبيدي، من مركز “سيرمام” للدراسات في جنيف، انخفاض نسبة المشاركة إلى “الحملة الانتخابية المتواضعة”، مع وجود متنافسَين “لم يكونا في المستوى” المطلوب، ورئيس “بالكاد عقد أربعة تجمعات”.
وأضاف أنه بالنسبة إلى الناخبين “ما الفائدة من التصويت إذا كانت كل التوقعات تصب في مصلحة الرئيس”.
وكانت مكاتب الاقتراع أغلقت الساعة 20,00 (19,00 ت غ) بعد تمديد التصويت لمدة ساعة.
ودُعي أكثر من 24 مليون جزائري للمشاركة في الانتخابات.
وبلغت نسبة المشاركة في الساعة الخامسة عصرا (16,00 ت غ) 26,46%، بانخفاض قدره سبع نقاط مقارنة بالساعة ذاتها في انتخابات 2019 (33,06 بالمئة)، حسب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وقررت السلطة تمديد فترة فتح مكاتب التصويت إلى الثامنة مساء (19,00 ت غ) بدلا من السابعة. وبدأ الاقتراع عند الثامنة صباحا. وبلغت نسبة المشاركة عند الأولى بعد الظهر (12,00 ت غ)، 13,11%.
وشهدت الانتخابات التي حملت تبون إلى الرئاسة في 2019 عزوفا قياسيا بلغ 60 بالمئة، حيث حصل على 58 بالمئة من الأصوات، في خضم تظاهرات “الحراك” العارمة المطالبة بالديمقراطية، ودعوة الكثير من الأحزاب إلى مقاطعة التصويت.
مرشح حركة مجتمع السلم يسجل خروقات
قالت حملة المرشح الرئاسي الجزائري حساني شريف عبد العالي في بيان الأحد إنها سجلت انتهاكات. وأشارت الحملة إلى أنها سجلت ما قالت إنه “ممارسات إدارية غير مقبولة من السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات”، ومن بينها “الضغط على بعض مؤطري (مسؤولي) مكاتب التصويت لتضخيم النتائج، وعدم تسليم محاضر الفرز لممثلي المترشحين، وأيضا التصويت الجماعي بالوكالات”.
وقالت مديرية الحملة “رغم كل ذلك تم تجاوز هذه الأعطاب بالاحتجاجات المكتوبة إلى السلطة الوطنية، مما يؤكد عدم تمكنها من تسيير نسب المشاركة في يوم الاقتراع” مشيرة إلى “التأخر تارة والإعلان عن معدل نسبة المشاركة بعد منتصف الليل حيث انتهى الاقتراع على الساعة الثامنة، بتأخير أربع ساعات!!”.
لكن الفائز بدا “معروفا مسبقا”، وفق ما علق أستاذ العلوم السياسية، محمد هناد، عبر فيس بوك، مشيرا إلى أن ذلك يأتي “بالنظر إلى نوعية المرشحين، وقلة عددهم غير العادي، وكذلك الظروف التي جرت فيها الحملة الانتخابية التي لم تكن سوى مسرحية للإلهاء” حسب تعبيره.
ويحظى الرئيس المنتهية ولايته، 78 عاما، بدعم أحزاب الغالبية البرلمانية، وأهمها جبهة التحرير الوطني، الحزب الواحد سابقا، والحزب الإسلامي حركة البناء، الذي حل مرشحه ثانيا في انتخابات 2019. ما يجعل إعادة انتخابه أكثر تأكيدا.
رهان نسبة المشاركة
لم يشر تبون في تصريحه، عقب التصويت، في مركز أحمد عروة بالضاحية الغربية للعاصمة، إلى نسبة المشاركة وضرورة التصويت بقوة كما فعل منافساه.
وقال: “أتمنى أن تجري الأمور بكل ديمقراطية. هذه الانتخابات مفصلية لأن من يفوز بها عليه مواصلة مسار التنمية الاقتصادية للوصول إلى نقطة اللارجوع وبناء الديمقراطية”.
وينافسه مرشحان هما رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية، عبد العالي حساني شريف (57 عاما)، وهو مهندس أشغال عمومية، والصحافي السابق رئيس جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش (41 عاما)، وهو أقدم حزب معارض في الجزائر يتمركز في منطقة القبائل بوسط شرق البلاد.
وأدلى حساني شريف بصوته في مكتب بحي تيليملي بالعاصمة. ودعا الجزائريين “للتصويت بقوة لأن ارتفاع نسبة المشاركة من شأنها تثبيت شرعية هذه الانتخابات”، آملا في أن “تكون الانتخابات دون إكراهات”.
بدوره، وجّه يوسف أوشيش “رسالة إلى الجزائريات والجزائريين الذين لم يصوتوا للخروج بقوة من أجل المساهمة في صناعة مستقبلكم”.
كانت الانتخابات مقررة عند انتهاء ولاية تبون في دجنبر، لكنه أعلن في مارس تنظيم اقتراع رئاسي مبكر في السابع من شتنبر.
وأكد حسني عبيدي أن تبون يرغب بـ”مشاركة مكثفة، فهذا هو الرهان الأول، إذ لم ينس أنه انتخب في العام 2019 بنسبة مشاركة ضعيفة، ويريد أن يكون رئيسا طبيعيا وليس منتخبا بشكل سيئ”.
في مواجهة شبح عزوف مكثف بالنظر لانعدام رهانات هذا الاقتراع، أجرى تبون ومؤيدوه وكذلك فعل منافساه، جولات عدة على امتداد البلاد منذ منتصف غشت ليشجعوا على المشاركة القوية.
لكن مجريات الحملة الانتخابية لم تحظ سوى باهتمام ضئيل، خصوصا أنها جرت على غير العادة في عز الصيف في ظل حر شديد.
“عجز في الديمقراطية”
ركز المرشحون الثلاثة خطاباتهم أثناء الحملة الانتخابية على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، متعهدين العمل على تحسين القدرة الشرائية وتنويع الاقتصاد ليصبح أقل ارتهانا بالمحروقات التي تشكل 95 بالمئة من موارد البلاد بالعملة الصعبة.
كما وقف منافسا تبون عند الحريات بالبلاد، وتعهد مرشح جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش بـ”الإفراج عن سجناء الرأي من خلال عفو رئاسي ومراجعة القوانين الجائرة”.
كما دافع منافسه مرشح حركة مجتمع السلم الإسلامية عبد العالي حساني شريف عن “الحريات التي تم تقليصها إلى حد كبير في السنوات الأخيرة”، بعد تراجع زخم “الحراك” الذي أطاح عام 2019 الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي قضى 20 عاما في الرئاسة وتوفي في 2021.
واعتبر حسني عبيدي أن حصيلة تبون تعاني “خصاصا في الديمقراطية”. ومن جهتها أعربت منظمة العفو الدولية غير الحكومية في بيان في الثاني من شتنبر عن قلقها من الوضع. وقالت في تقرير: “شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة تدهورا مطردا لوضع حقوق الإنسان.
ومن المثير للقلق أن الوضع لا يزال قاتما مع اقتراب موعد الانتخابات”. وكانت تحدثت في فبراير عن “قمع مروع للمعارضة السياسية”.