يحتل المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم داخل القاعة المرتبة السادسة عالميا، حسب تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، ويسيطر قاريا وإقليميا، لما يقرب العقد ونصفه من الزمن، إذ توج بطلا لإفريقيا في ثلاث مناسبات متتالية، وبطلا للعرب في مناسبتين، وأخذ التألق بعدا عالميا، بعد التتويج ببطولة كأس القارات سنة 2022، والنجاح في بلوغ دور ربع نهائي كأس العالم، التي تستضيفها إلى غاية 6 أكتوبر المقبل أوزبكستان، للمرة الثانية تواليا، بعد نسخة ليتوانيا 2021، لكن كل هذه المكتسبات مهددة، اليوم، ما لم نواكب قطار تطور هذه الرياضة فائق السرعة.
يجمع المتتبعون للشأن الرياضي في المملكة على أن حاضر كرة القدم داخل القاعة أفضل بكثير من ماضيها القريب، وعلى أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، تحت رئاسة فوزي لقجع، أولت اهتماما خاصا بهذه الرياضة لتطوير المستوى، وسهرت على توفير كل الإمكانيات للمنتخب الأول من أجل التألق، ومواصلة حصد الألقاب، وإعلاء العلم المغربي في كبرى المحافل القارية والدولية.
صرخة الفوز ودموع الفرحة التي تذرف عند كل تتويج أو بعد اجتياز كل اختبار عسير، ما هي إلا تراكم لذكريات مليئة بالتضحيات، لمن استحقوا بجدارة لقب “أسود الأطلس”، لمدرب شهم، بروح وطنية فريدة، منحته القوة والصبر لتجاوز الصعاب والتحديات، وللاعبين تفانوا ولم يتوانوا في دفاعهم عن اللونين الأحمر والأخضر.
مقارنة مع ما تعيشه هذه اللعبة في أغلب البلدان المشاركة في المونديال، فإن ما نحققه يعتبر إعجازا، لأن البطولات المحلية بالبرتغال وفرنسا وإسبانيا والبرازيل لا يمكن مقارنتها بالبطولة الوطنية الغارقة في غياهب الهواية، الشيء الذي يؤثر على الجانبين النفسي والبدني للاعبين المحليين.
كما أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم لا يواكب باقي الاتحادات القارية التي تهتم بتطوير هذا النوع الرياضي، إذ يكتفي بإقامة بطولة كأس أمم إفريقيا مرة في كل أربع سنوات، الشيء الذي سلبنا إمكانية استغلال هذا الجيل الذهبي للمنتخب الوطني بشكل أكبر، ولا يقوم بتنظيم مسابقات للأندية، ما يدفع اللاعبين المحليين للبحث عن أبسط الفرص للاحتراف بالدوريات الأوروبية لتطوير المستوى الفردي والإبقاء على التنافسية في أعلى مستوى.
نقطة أخرى ترجح كفة منتخبات قارات أوروبا وأمريكا الجنوبية وآسيا هي الاهتمام بالقاعدة والتكوين، حيث توجد مدارس خاصة بكرة القدم داخل القاعة لتأطير الفئات السنية، وتلقينها أبجديات هذه الرياضة، وتجهيزها لحمل المشعل، وخلافة الأجيال الحالية، على عكس المغرب الذي انخرط في هذه الاستراتيجية بشكل متأخر، كما أن أغلب العناصر الوطنية لم تتلقى تكوينا في المراحل السنية داخل نواد خاصة بالفوتصال.
وعلى الرغم من المستوى الجيد الذي يبصم عليه أسود الأطلس في كرة القدم داخل القاعة، إلا أن البطولة الوطنية لا تحظى بمتابعة جماهيرية، وعادة ما تلعب مبارياتها أمام مدرجات شبه فارغة. وبدورها تظل التغطية الإعلامية لهذه الرياضة قاصرة، ومقتصرة على مباريات المنتخب الوطني، والمباريات النهائية لمسابقتي البطولة وكأس العرش.
في النهاية، كيفما كانت نتيجة أسود الأطلس في كأس العالم بأوزبكستان فإنهم يستحقون الثناء والتقدير على جهودهم وتضحياتهم في سبيل تشريف القميص الوطني، لأن بلوغ الدور ربع النهائي لم يكن سهلا في ظل إكراهات الغيابات وشبح الإصابة الذي رافق العناصر الوطنية في مغامرتهم المونديالية.