أكد وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، يوم الأربعاء بطنجة، أن المغرب ملتزم بقوة ببناء سلاسل لوجستية مستدامة ومندمجة ومتعددة الوسائط بإفريقيا.
وشدد الوزير، في كلمة تليت باسمه خلال افتتاح الدورة الأولى للمنتدى الدولي للحركية والنقل واللوجستيك 2024 LOGITER، على أن النقل البحري يمثل جزء هاما من التجارة الخارجية للقارة الإفريقية، من حيث تبرز ضرورة تطوير عرض للخدمات البحرية التنافسية والمستدامة، وهو السبب الذي دفع المغرب للالتزام بقوة في المساهمة في بناء سلاسل لوجستية مستدامة ومندمجة ومتعددة الوسائط في إفريقيا.
وقال الوزير “لقد أظهرت تداعيات الأزمات المتتالية منذ كوفيد 19 هشاشة سلاسل التوريد والإنتاج في مواجهة الصدمات والاضطرابات التي تمس بشكل خاص الفاعلين في القطاع، الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى توجيه جهودهم نحو إجراءات تضمن بقاءهم عوض الاستثمار في مشاريع تنموية”، مشيرا أنه في “هذا السياق العالمي الذي لا يمكن التنبؤ به، هناك حاجة ماسة إلى تعزيز قدرة الدول على ضمان سيادتها في القطاعات الحيوية للوقاية من الصدمات الخارجية”.
وذكر الوزير أن المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، انخرط بقوة في مسلسل نحو الليبرالية والخوصصة والجهوية، وعيا منه بالحاجة إلى خلق بيئة مواتية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتكامل سلاسل القيمة العالمية، مشيرا إلى أن الاهتمام انصب على تطوير البنية التحتية الأساسية ودعم القطاعات الإنتاجية.
وأبرز عبد الجليل الاستثمارات الهائلة التي قام بها المغرب بالموازاة مع الإصلاحات العميقة التي همت كافة أنماط النقل، مشددا على أن المغرب تموقع، بفضل التحولات المسجلة في قطاعي النقل واللوجستيك، كمركز لوجستي صاعد ونموذج في مجال القدرة التنافسية والاندماج، بفضل جودة البنيات التحتية للنقل، ولاسيما عبر ميناء طنجة المتوسط، الذي يحتل المرتبة الرابعة في المؤشر العالمي لأداء موانئ الحاويات (CPPI) لسنة 2023.
ونوه بأن هذا الموقع سيتعزز بشكل أكبر بعد تشغيل ميناء الناظور غرب المتوسط الجديد، والمصمم لمناولة المحروقات والحاويات وبقدرة تصل إلى معالجة 3 ملايين حاوية مكافئة لعشرين قدما سنويا، مذكرا بأن المغرب ما فتئ، منذ استقلاله، يؤكد على هويته الإفريقية، حيث وضع القارة في صلب خياراته الاستراتيجية.
وبعد أن أشار إلى أن المبادلات التجارية للمغرب زادت بخمسة أضعاف ما بين 2001 و2023، حيث انتقلت من متوسط سنوي قدره 10 مليارات درهم إلى أكثر من 50 مليار درهم، سجل عبد الجليل أن هذا التطور يشكل ثمرة للرؤية الاستراتيجية الملكية، التي شجعت على إحداث فاعلين اقتصاديين وطنيين بالسوق الإفريقية.
وفي إطار الرؤية ذاتها، أبرز الوزير أن ربط الموانئ المغربية مع الموانئ الإفريقية لعب بدوره دورا هاما في تسهيل التجارة وتيسير حركية البضائع، مذكرا بأن ميناء طنجة المتوسط أصبح مركزا لوجستيا في خدمة إفريقيا بامتياز، حيث يؤمن خطوطا مع 40 ميناء بـ22 بلدا إفريقيا، وهو ما عزز مكانة المغرب كبوابة للقارة، من خلال ضمان أكثر من 40٪ من حركة الشحن العابر نحو إفريقيا.
وأوضح عبد الجليل أن سياسة الانفتاح على أسواق جديدة بالجنوب وتوقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجال النقل البري للبضائع مع هذه الدول مكنت قطاع النقل الطرقي الدولي من مواكبة هذه الدينامية التي يشهدها تطور المبادلات بين المغرب وإفريقيا، وتوفير فرص جديدة للفاعلين في هذا القطاع.
وتابع “اليوم، وفي ظل الرؤية الملكية، أخذ التوجه الإفريقي لبلادنا بعدا جديدا، بإدراجه ضمن رؤية بعيدة المدى ترتكز على منافع التعاون جنوب-جنوب”، مشيرا إلى أن هذه الرؤية تطمح إلى تحقيق المزيد من الاندماج بجميع أبعاده، من أجل إطلاق الإمكانات الهائلة المتاحة للقارة.
لتحقيق هذه الغاية، شدد الوزير على أن المغرب تبنى مبادرات طموحة، تقوم على تنمية الساحل الأطلسي الإفريقي وتسهيل وصول بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، بهدف تعزيز مكانته كمركز لوجستي وتجاري وبوابة للتجارة بين إفريقيا وبقية بلدان العالم، موضحا أن ميناء الداخلة الأطلسي الجديد وطريق الداخلة السريع، اللذين يندرجان في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، سيساهمان في تعزيز التجارة الإفريقية وتيسير التدفقات القادمة من المغرب و ارتفاع تدفقات الشحن نحو إفريقيا.
ويشارك في هذه التظاهرة القارية، المنظمة بمبادرة من الاتحاد الإفريقي لمنظمات النقل واللوجستيك (UAOTL) ومجلس جماعة مدينة طنجة، بشراكة مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة طنجة-تطوان–الحسيمة، والجامعة الوطنية للنقل متعدد الوسائط (FNTM) والجمعية المغربية للنقل الطرقي عبر القارات بالمغرب (AMTRI Maroc)، تحت إشراف وزارة النقل واللوجستيك، أبرز الفاعلين في القطاع على الصعيدين الوطني والدولي.
ويتضمن برنامج هذه التظاهرة الاقتصادية القارية، المنظمة على مدى 3 أيام تحت شعار “بناء سلاسل لوجستية مستدامة من أجل تحول هيكلي بإفريقيا” بمشاركة وفود تمثل 35 بلدا، مؤتمرات علمية غنية ومتنوعة، إذ يشكل فرصة لتسليط الضوء على الحلول المبتكرة في مجال النقل والخدمات اللوجستية والتنقل.