انطلقت، يوم الأربعاء بالدار البيضاء، أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية المنظم تحت شعار “الملكية الفكرية وتحديات الذكاء الاصطناعي”.
ويروم هذا المؤتمر المنظم من طرف كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية والمنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية، إلى غاية 01 نونبر المقبل، تسليط الضوء على أهمية حقوق الملكية الفكرية لحماية البيانات والأعمال والابتكارات المصممة باستعمال الذكاء الاصطناعي.
وفي كلمة افتتاحية بالمناسبة، أبرز وزير العدل عبد اللطيف وهبي، أن التطورات المتسارعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي أحدثت ثورة حقيقة في طريقة إنتاج وابتكار المصنفات الفكرية والإبداعية، موضحا أن هذه التقنيات أصبحت قادرة على إنتاج أعمال إبداعية متكاملة وابتكارات تقنية معقدة في مجالات متعددة بشكل شبه مستقل.
وأضاف الوزير في كلمة تلاها نيابة عنه، مدير الشؤون المدنية والمهن القانونية والقضائية بوزارة العدل، رشيد وظيفي، أن ظهور أنظمة الذكاء الاصطناعي يضع المفاهيم التقليدية، التي تفترض أساسا أن الإبداع والابتكار هما نتاج العقل البشري، موضع تساؤل عميق، ويثير عدة إشكاليات وتحديات تتعلق بالمسؤولية القانونية عن الإنتاج الفكري، وحماية البيانات المستخدمة في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وأكد أنه من أجل مواجهة هذه التحديات المتعددة والمعقدة، أضحى من الضروري تطوير إطار قانوني متوازن وشامل يراعي خصوصية الإبداع والابتكار في العصر الرقمي، مشيرا في هذا السياق إلى أن وزارة العدل “تعمل على التفكير في وضع إطار قانوني قوي ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي، بما يضمن الحماية اللازمة لجميع الأطراف المعنية، ويحافظ على الحريات الأساسية وحقوق الإنسان في عصر العدالة الرقمية”.
وأشار إلى أنه يمكن في هذا الإطار، الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة، مع تكييف هذه التجارب بما يتناسب مع خصوصيات وظروف المنطقة العربية، معربا عن أمله في أن تسهم مخرجات المؤتمر في تطوير الإطار القانوني الحالي ليواكب التحولات التكنولوجية المتسارعة، في إطار تصور تشريعي يحقق التوازن المنشود بين حماية الحق في الملكية الفكرية وتشجيع مسار التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي.
من جهته، قال ناصر الهتلان القحطاني، المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، إن هذه النسخة من المؤتمر تأتي تجسيدا للرؤية والأهداف المشتركة بين المنظمة والجهات المتعاونة لتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية، مشيرا إلى أن التشريعات العربية الحالية لا تتضمن نصوصا خاصة بالاختراعات أو المصنفات الناشئة عن برامج الذكاء الاصطناعي.
وأبرز أن هذا المؤتمر يهدف إلى معالجة التحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي من خلال دراسة حقوق الملكية الفكرية لحماية البيانات والأعمال والابتكارات المنشأة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتقييم تأثير هذه التكنولوجيا على حقوق ومصالح أصحاب الملكية الفكرية، واقتراح التعديلات اللازمة في قوانين وأنظمة الملكية الفكرية، بما يضمن حماية متوازنة لتلك الأعمال والابتكارات.
وأشار إلى أن هذه الدورة تعرف مشاركة 46 خبيرا من المتخصصين في مجال الملكية الفكرية بالدول العربية، وبعض الدول الأجنبية على رأسها فرنسا وأستراليا والفلبين، معربا عن أمله في الخروج بتوصيات ونتائج عملية تسهم في الارتقاء بمنظومة حماية حقوق الملكية الفكرية على المستوى العربي.
من جانبه، أبرز الحسين أزدوك، رئيس جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، أن الثورة التكنولوجية الحالية طرحت تحديات جديدة أمام القوانين المتعلقة بالملكية الفكرية، وجعلت من هذه الأخيرة عرضة للانتهاك لذا وجب العمل بشكل أكبر على حمايتها.
وشدد في هذا الإطار، على أن مراجعة التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية أضحى ضرورة لمواكبة هذه التغيرات، وحماية حقوق المبدعين والمفكرين.
من جهته، أبرز عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، محمد شادي، أن هذا المؤتمر يشكل فرصة لتبادل الرؤى بين مختلف الباحثين والخبراء العرب في مجالات الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي، كما سيتيح إمكانية بسط خصائص التحديات المرتبطة بهذه المجالات في سياقها العربي، وذلك من خلال عدد من الفعاليات المركزية والورشات الموازية، التي سيشرف عليها خبراء دوليون.
كما أكد أن المؤتمر يروم “التأسيس لتجربة تعاون عربي قار ومستدام في هذا المجال، بالنظر إلى التحديات المشتركة التي باتت تواجهنا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وكذلك تشريعيا”، مضيفا أن انعقاد هذا المؤتمر يندرج في سياق تأهيل الرأسمال البشري العربي الذي يمثل، في الواقع، إمكانات هائلة وثروة حقيقية وفرص تنمية واعدة.
ويتناول هذا المؤتمر، المنظم تحت إشراف جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بشراكة مع جامعة الحسن الأول بسطات، وجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، والجمعية الإماراتية للملكية الفكرية والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، عدة محاور من بينها “مفهوم وتقييم الأعمال والابتكارات الناشئة عن برامج الذكاء الاصطناعي” و”نطاق وأساس الحماية القانونية للملكية الفكرية الناشئة عن برامج الذكاء الاصطناعي واستغلال المعطيات” و”خطورة استغلال المعطيات لإنشاء أعمال عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي (النسخ)”.