أكد مرصد العمل الحكومي في تقريره الجديد حول تنظيم كأس العالم 2030: “مكاسب تنموية كبرى وتحديات لتحقيق الاستدامة”، أن استضافة كأس العالم تمثل فرصة اقتصادية واجتماعية وثقافية كبرى للمغرب، الذي يسعى إلى تعزيز موقعه الدولي وتحقيق مكاسب مستدامة.
الإيرادات السياحية وزيادة عدد السياح
ووفق تقرير المرصد العمل الحكومي، الذي توصل موقع “إحاطة.ما”، بنسخة منه، تشير التجارب السابقة، مثل قطر 2022 وروسيا 2018، إلى أن تنظيم كأس العالم يمثل فرصة استثنائية لزيادة عدد الزوار من مختلف أنحاء العالم، مما يرفع معدلات التدفقات السياحية ويعزز الإشغال في الفنادق والمرافق السياحية. “بناءً على هذه التجارب، من المتوقع أن يجذب المغرب ما يزيد عن 1.5 مليون زائر إضافي خلال فترة البطولة وحدها، الأمر الذي سيعزز النشاط السياحي ويساهم بشكل مباشر في الاقتصاد المحلي”.
وعلى صعيد التوقعات السياحية، من المقدر أن تكون هذه البطولة واحدة من أكبر الفعاليات التي يستضيفها المغرب، يضيف التقرير، بحيث ستجمع مشجعين وجماهير من أكثر من 48 دولة، “ما يسهم في تنويع قاعدة الزوار الدوليين وتوسيع سوق السياحة المغربي، بالإضافة إلى ذلك، ستتيح البطولة فرصة فريدة للترويج للوجهات السياحية المغربية مثل مراكش، أكادير، طنجة، وفاس، والمدن والمناطق المحيطة بها التي تتميز بتراث ثقافي غني وطبيعة خلابة، وستستفيد هذه المدن من تسليط الضوء الإعلامي العالمي، ما قد يحفز زيادة الزوار بشكل مستمر حتى بعد انتهاء البطولة”.
وبخصوص العائدات السياحية المتوقعة، لفت التقرير أنه بناءً على معدلات الإنفاق السياحي السابقة في بطولات كأس العالم، تشير التقديرات إلى أن الإيرادات السياحية الإضافية قد تتراوح بين 2 و3 مليارات دولار خلال فترة الحدث وما بعدها. “يأتي هذا التقدير استنادًا إلى معدل إنفاق السائحين المتوقع، حيث تشير الدراسات إلى أن كل سائح قد ينفق ما بين 1,000 إلى 2,000 دولار خلال إقامته في المغرب، ويشمل ذلك تكاليف الإقامة، الطعام، التنقل، التسوق، والترفيه”.
هذه الإيرادات المباشرة ستمثل دفعة قوية لعدد من القطاعات الحيوية، على غرار قطاع الفنادق والإقامة، حيث يتوقع التقرير أن تسجل الفنادق زيادة في الإشغال قد تصل إلى 90-100% خلال البطولة، “مما يحقق عائدات كبيرة لقطاع الإيواء. كذلك، سيتحتم على العديد من المنشآت الفندقية تطوير خدماتها وتجهيزاتها لاستقبال العدد الكبير من الزوار، مما يعني تحسين جودة الخدمة وتجهيز البنية التحتية السياحية على المدى البعيد”.
أما بالنسبة لقطاع المطاعم والمقاهي، فيتوقع التقرير ذاته، أن تشهد المطاعم والمقاهي ازدهارًا كبيرًا خلال البطولة، إذ يفضل الكثير من السياح تجربة الأطعمة المحلية والاستمتاع بالمأكولات المغربية، مما يعزز من عوائد قطاع الضيافة.
وبخصوص قطاع النقل والخدمات اللوجستية، أشار التقرير، أن زيادة عدد الزوار ستتطلب تعزيز خدمات النقل، سواء الجوية أو البرية، ومن المتوقع أن تشهد شركات النقل والحافلات وشركات تأجير السيارات انتعاشًا ملحوظًا، ما سيسهم في تحسين وسائل النقل وتطوير البنية التحتية الخاصة بالمواصلات.
زيادة الاستثمار في البنية التحتية
في هذا الإطار، أكد التقرير استضافة كأس العالم، تتطلب استثمارات كبيرة في المنشآت الرياضية والمرافق، من خلال تطوير أو بناء ملاعب ومرافق رياضية جديدة، “مما قد يتطلب استثمارات تتراوح بين 3 و5 مليارات دولار. ورغم تكلفتها، يمكن أن تُغطي هذه الاستثمارات عبر الشراكات والدعم الدولي”.
هذه الاستثمارات تشمل أيضا، تمديد شبكة القطار الفائق السرعة (البراق) بين الدار البيضاء وأكادير، فحسب التقرير، يعد مشروع تمديد شبكة القطار الفائق السرعة من الدار البيضاء إلى أكادير من بين أهم المشاريع الاستراتيجية، حيث سيربط وسط المغرب بشماله وجنوبه، مما يسهم في تقليص مدة السفر بين المدينتين إلى حوالي ساعتين ونصف بدلاً من خمس ساعات، سيحقق المشروع فوائد اقتصادية وسياحية كبيرة، حيث سيُسهل من تدفق السياح المحليين والدوليين، ويعزز من نشاط السياحة في جنوب المغرب الذي يتميز بمناطق جذب سياحية مثل أكادير وسوس ماسة، وتقدر تكلفة تمديد شبكة القطار الفائق السرعة إلى أكادير بحوالي 5 مليارات دولار، مما يتطلب مشاركة استثمارات من القطاع الخاص والدعم الدولي، وسيعمل هذا المشروع على توفير فرص عمل كبيرة أثناء مرحلة البناء، كما سيزيد من توسيع نشاط المقاولات المغربية في قطاع النقل السككي.
من بين الاستثمارات المهمة كذلك، تحسين الرعاية الصحية من خلال تأهيل وبناء المستشفيات، إذ يهدف المغرب إلى بناء وتجهيز مستشفيات حديثة قادرة على تلبية احتياجات الزوار المحليين والدوليين، إضافة إلى تحسين الخدمات الطبية للسكان المحليين، ومن المتوقع أن تصل تكلفة هذه الاستثمارات الصحية إلى 2 مليار دولار.
إنجاز كأس العالم، وفق التقرير، يتطلب تطوير شبكات الطرق والمواصلات العامة، وذلك من خلال تعزيز شبكة الطرق السريعة والداخلية في كافة المدن المستضيفة، من خلال توسيع وتحديث الطرق بين المدن وتجهيز المطارات بالمرافق الحديثة لاستيعاب العدد الكبير من الزوار. ويتوقع أن تُخصص 1.5 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للنقل، مما سيسهم في تسهيل تنقل الزوار والمقيمين ويُحسن من تجربة التنقل داخل المغرب.
وأوضح التقرير، أن تنظيم نهائيات كأس العالم 2030، سيساهم في تحفيز الاقتصاد المحلي، “هذه المشاريع ستساهم في خلق فرص عمل مؤقتة ودائمة، وقد تخلق حوالي 50,000 إلى 80,000 وظيفة جديدة في مجالات البناء، السياحة، والخدمات، مما يعزز من التشغيل ويساهم في تحسين دخل الأفراد”.
عائدات حقوق البث والرعاية
على مستوى حقوق البث، لفت التقرير، أن حقوق البث التلفزيوني، تعد من أكبر مصادر الإيرادات للبلدان المستضيفة، “إذ قد تتجاوز عائدات البث التلفزيوني 2 مليار دولار، وهي فرصة مهمة للمغرب للاستفادة من شعبية البطولة عبر مختلف المنصات”.
كذلك الرعاية والإعلانات، يضيف التقرير، أن الحدث يجذب اهتمام الشركات الدولية الكبرى، التي تستثمر مبالغ طائلة في الإعلانات والرعاية. ويمكن أن تصل عائدات الرعاية إلى حوالي 1 مليار دولار، مما يدعم الاقتصاد الوطني ويزيد من الوعي بعلامة المغرب التجارية على المستوى العالمي.
الأثر على النمو الاقتصادي
وعلى صعيد زيادة الناتج المحلي الإجمالي، أبرز التقرير وفقًا للدراسات، “يمكن أن يؤدي استضافة بطولات كبرى مثل كأس العالم إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 0.5% و1% سنويًا خلال فترة الحدث وبعده، ما يعادل زيادة تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار للاقتصاد المغربي”.
كما أن استضافة بطولات كبرى مثل كأس العالم، يساهم في تعزيز صورة المغرب دوليًا، كوجهة استثمارية وسياحية، مما يساهم في جذب استثمارات جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام على المدى البعيد.
فوائد طويلة الأمد للبنية التحتية
وأشار التقرير ذاته، أن المغرب يحتاج إلى تحديث المطارات، وتطوير شبكة الطرق، وتوسيع وسائل النقل العام، مما يشكل استثمارًا طويل الأمد في جودة حياة المواطنين، وتقدر تكاليف هذه التحسينات بنحو 2 مليار دولار.
في إطار الفوائد طويلة الأمد، أوضح التقرير أنه يمكن استخدام الملاعب والبنيات الرياضية التي تم إنشاؤها لأغراض مختلفة بعد البطولة، ما يخلق فرصا لاستضافة فعاليات دولية أخرى، “ويؤدي إلى استدامة العائدات، التي من المقدر ان تتجاوز 100 مليون دولار سنويا بعد البطولة”.
النتائج الاجتماعية وتعزيز الرياضة
ووفق التقرير دائما، يساعد تنظيم كأس العالم، في زيادة الوعي الرياضي، وتعزيز من ثقافة الرياضة ويشجع الأجيال الشابة على المشاركة في الرياضة، مما يسهم في تحسين المستوى الرياضي العام في المغرب وتطوير كرة القدم المحلية.
وأضاف، أن الحدث سيتيح فرصًا للتدريب في مجالات التنظيم، الضيافة، والتسويق، مما يوفر مهارات جديدة للشباب المغربي، ويعزز من فرصهم في سوق العمل المستقبلية.