قدم مرصد العمل الحكومي، في تقريره الأخير مجموعة من التوصيات، تهدف إلى تقديم مساهمة مدنية في إثراء النقاش العمومي حول سبل تطوير أداء السياسات العمومية الموجهة للجالية المغربية المقيمة بالخارج، من خلال معالجة التحديات التي تواجهها واقتراح حلول عملية تعزز مكانتها كفاعل استراتيجي في تحقيق التنمية المستدامة وتعميق الروابط الثقافية والاجتماعية مع الوطن.
وأوضح التقرير، توصل موقع “إحاطة.ما” بنسخة منه، أن هذه التوصيات تأتي في انسجام تام مع التوجيهات السامية التي تضمنها الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء، حيث أكد جلالة الملك محمد السادس على الأدوار المحورية للجالية المغربية في تعزيز الدينامية التنموية التي يشهدها المغرب، وضرورة تقديم الدعم اللازم لتوطيد علاقتها بوطنها الأم.
تعزيز المساهمة الاستثمارية للجالية المغربية
وشدد التقرير، على وضع رؤية استراتيجية شاملة، تعتمد على خطة وطنية واضحة لإدماج مغاربة العالم في النسيج الاستثماري الوطني، من خلال تحديد القطاعات ذات الأولوية مثل التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، الصناعة التحويلية، والفلاحة، وإطلاق بنك مشاريع مخصص، يعمل على توفير منصة رقمية شاملة تضم فرصًا استثمارية محدثة ومهيكلة حسب المناطق والقطاعات الاقتصادية، مع تقديم معطيات دقيقة حول الجدوى الاقتصادية.
ودعا التقرير إلى تطوير آليات تمويل مبتكرة، وذلك من خلال إنشاء صناديق تمويلية جديدة موجهة لمشاريع الجالية، تقدم قروضا ميسرة وضمانات تحفيزية للمستثمرين، مع إعادة هيكلة صندوق MAD invest ليكون أكثر فعالية وانتشارا، وتحسين الرقمنة والتواصل، من خلال تفعيل منصات إلكترونية موحدة تمكن مغاربة العالم من إتمام الإجراءات الإدارية للاستثمار عن بعد، مع دعم خدمات الإرشاد والمتابعة المباشرة، وكذا إنشاء مكاتب استثمار بالخارج، عبر فتح مكاتب تمثيلية استثمارية في الدول التي تعرف كثافة عالية للجالية المغربية، لتقديم الإرشاد والمساعدة المباشرة في الاستثمار بالمغرب.
تقوية التمثيلية السياسية لمغاربة العالم
وطالب المرصد في تقريره، بإشراك الجالية في مؤسسات الحكامة الوطنية، عبر تخصيص مقاعد لممثلي الجالية في مؤسسات مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومؤسسات مكافحة الفساد، وتفعيل حق التصويت والترشح، من خلال تعزيز الآليات القانونية التي تضمن مشاركة الجالية في الانتخابات الوطنية، وتمكينهم من تمثيل مصالحهم بشكل مباشر داخل البرلمان.
تحسين استقبال الجالية المغربية
على هذا الجانبن دعا التقرير، إلى إنشاء أسطول نقل بحري وطني، بواسط تقوية النقل البحري عبر إطلاق شركة وطنية تتكفل بخفض تكاليف السفر وتوفير عروض تنافسية، ومراجعة سياسات السفر الجوي، عن طريق تقديم أسعار تنافسية للجالية المغربية، خاصة القادمة من أمريكا الشمالية وأوروبا.
ودعا أيضا، إلى تبسيط الإجراءات الجمركية، عبر اعتماد نظام رقمي متكامل لتسريع وتبسيط المساطر الجمركية، مع توفير فرق دعم طارئة خلال فترات الذروة، وتحسين البنية التحتية في الموانئ والمطارات، من خلال زيادة الطاقة الاستيعابية للموانئ والمطارات، مع تعزيز الخدمات الموجهة للجالية.
تطوير الخدمات القنصلية
كما قدم التقرير توصيات، لزيادة عدد القنصليات، عن طريق فتح قنصليات جديدة في المناطق التي تعرف كثافة سكانية عالية للجالية المغربية، خاصة في الدول ذات المساحات الجغرافية الشاسعة، وتطوير الخدمات الرقمية، عبر إنشاء منصة رقمية موحدة تتيح الحصول على الوثائق الرسمية والخدمات القنصلية عن بعد، تأهيل الموارد البشرية، من خلال تحسين تكوين العاملين في القنصليات للتعامل مع مختلف احتياجات الجالية بفعالية وسرعة، وإطلاق وحدات متنقلة، بواسطة توفير قنصليات متنقلة في المناطق البعيدة لتقديم خدمات مباشرة لفئات الجالية التي تعاني من صعوبة الوصول إلى المراكز القنصلية.
تعزيز التأطير الثقافي والرياضي
وأوصى التقرير، بضرورة إطلاق برامج ثقافية مستدامة، من خلال تنظيم دورات تعليمية لتعليم اللغة العربية والدارجة المغربية، مع توفير مواد تربوية إلكترونية تُدرس عن بُعد، وزيادة عدد المراكز الثقافية المغربية، عن طريق توسيع شبكة المراكز الثقافية بالخارج لتغطية دول جديدة، مع زيادة تمويل الأنشطة الثقافية، فضلا عنن إنشاء أندية رياضية موجهة للجالية، عبر دعم تأسيس أندية رياضية في دول الإقامة لاستقطاب المواهب الشابة، مع تنظيم مسابقات رياضية وطنية للجالية، ناهيك على تعزيز الدبلوماسية الثقافية، واسطة إطلاق مبادرات لتعزيز الحضور الثقافي المغربي في المحافل الدولية وتوطيد الهوية الوطنية في صفوف الجالية.
إصلاح البيروقراطية الإدارية ومحاربة الفساد
كما أوصى المرصد في تقريره، على تفعيل الشباك الوحيد للجالية، عن طريق إنشاء شباك موحد يوفر جميع الخدمات الإدارية الموجهة للجالية في أماكن تجمعهم خلال فصل الصيف وفي الإدارات الرئيسية، وتطوير الرقمنة، من خلال رقمنة جميع المساطر الإدارية لجعلها متاحة عن بعد، مع تقليل الاعتماد على الوثائق الورقية، وكذا تعزيز آليات الشفافية، بواسطة وضع آليات صارمة لمحاربة الفساد الإداري مثل إطلاق منصات للإبلاغ عن الممارسات غير القانونية وضمان حماية المبلغين، علاوة على تكوين الموظفين، عن طريق تنظيم دورات تدريبية للموظفين في التعامل مع الجالية لتقديم خدمات بجودة عالية وشفافية.
دعم الكفاءات المغربية بالخارج
وأوصى التقرير كذلكن بإطلاق منصة للتواصل مع الكفاءات المغربية، تتيح ربط الكفاءات بالخارج مع المؤسسات المغربية لتبادل الخبرات والاستفادة من قدراتهم، وإطلاق برامج جذب الكفاءات، عن طريق توفير حوافز ضريبية وتشجيع للاستثمارات المبتكرة التي تعود بها الكفاءات المغربية إلى الوطن، وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية، من خلال إشراك الكفاءات المغربية في الخارج في شراكات استراتيجية مع المنظمات التي يعملون بها لدعم الاقتصاد الوطني.
دعم الوحدة الترابية وقضية الصحراء
وأوصى التقرير، إلى ضرورة إشراك الجالية في الدبلوماسية الموازية، بواسطة تدريب الجالية على الدفاع عن قضية الصحراء المغربية عبر توفير الأدلة القانونية والتاريخية اللازمة، ودعم الجمعيات المغربية بالخارج، من خلال تعزيز تمويل ودور الجمعيات المغربية في الخارج لتوحيد جهود الدفاع عن القضايا الوطنية وتعزيز الهوية المغربية.
وخلص التقرير، إلى أن هذه التوصيات تهدف إلى تعزيز العلاقة بين المغرب وأبنائه في الخارج، وتكريس دور الجالية كشريك استراتيجي في التنمية الوطنية.