أ.ف.ب
يواجه نجم الهيب هوب وقطب الموسيقى بي ديدي بداية من الاثنين القضاء في عدة تهم من بينها الاتجار بغرض الاستغلال الجنسي ونقل الأشخاص لأغراض الدعارة فضلا عن الخطف والفساد والتآمر بغاية الابتزاز، وهي تهم فدرالية من شأنها أن تكلفه عقوبة السجن مدى الحياة. ومن بين هذه التهم وأخطرها تهمة التآمر من أجل الابتزاز.
وهو ما يطالب به الادعاء العام الذي يتهم بي ديدي باستخدام امبراطوريته الموسيقية التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات لتعمل وعلى غرار المافيا كمؤسسة إجرامية لا تتردد في استخدام التهديد أيضا لإجبار الضحايا على الرضوخ لرغبات جنسية رغما عنهم.
بي ديدي ينكر هذه الاتهامات ويصر على براءته رغم أن الادعاء الأمريكي يتهمه بتزعم مؤسسة إجرامية من خلال إجبار النساء على المشاركة في مغامرات جنسية تستمر أحيانا لعدة أيام متواصلة وتشارك فيها الكثير من الشخصيات وبائعات الهوى وحيث يجري استهلاك المخدرات بكثافة.
بي ديدي الذي يقبع اليوم في سجن بنيويورك بعد اعتقاله في مانهاتن منذ ثمانية أشهر، يواجه أيضا اتهامات بالعنف الجنسي من أكثر من مئة امرأة ورجل.
مسيرة ثابتة في عالم الأعمال رغم الارتدادات
بي ديدي الذي يعتبر اليوم رمزا من رموز موسيقى الراب والهيب هوب، حافظ على مكانة عالية في عالم الموسيقى واشتهر بالحفلات التي كان يحضرها أبرز مشاهير الفن والسينما في الولايات المتحدة بل من العالم بأسره.
بداية قصة نجاح مغني الهيب هوب الشهير في عالم الأعمال اقترنت بتأسيس بي ديدي لشركة Bad Boy Records في عام 1993. وهي الشركة التي كانت تنتج ألبومات أسماء كبرى في عالم الراب والهيب هوب.. كالراحل Notorious B.I.G وآشر وأطلقت مسيرة عشرات الفنانين والفنانات كبويز إن ذا هود، وكايسي، وزوجة بيغي فيث إيفانز وغير هؤلاء من فناني “الإيست كوست”.
هذه الشركة التي كانت تزاحم وبقوة شركة منافسة أخرى في الجهة المقابلة من الولايات المتحدة، شركة “ديث رو” التي كانت تنتج لفناني “الإيست كوست” ومن أبرز هؤلاء الراحل توباك شاكور وسنوب دوغ ودكتور دري. وأودى التنافس الشديد بين الشركتين اللتين تربعتا على عرش موسيقى الهيب هوب خلال التسعينيات، بحياة أفضل مغنين للراب في تاريخ الولايات المتحدة فيما بعد… توباك وبيغي.
في عام 1998، أنشأ بي ديدي ماركة ملابس أسماها “شون جون” أصبحت بعد ذلك بمثابة الظاهرة الثقافية حيث كان يرتديها نجوم في عالمي الموسيقى والسينما وحتى الرياضة… إلا أنها كانت تستهوي أساسا عشاق موسيقى الراب والهيب هوب وكانت تتميز بتصميماتها الفضفاضة والواسعة في ما يحيل في الأذهان إلى ثقافة الأفرو.. وظهرت أولى هذه المنتجات مع مجموعة ملابس رياضية للرجال في ربيع عام 1998.
ثم وجه بي ديدي اهتمامه صوب ميدان العطور والكحول… قبل أن يتجه إلى قطاع الإعلام حيث أطلق قناته التلفزيونية الخاصة “ريفولت تي في” المهتمة بالموسيقى وكذلك برامج تلفزيون الواقع. وتستهدف أساسا الأمريكيين من أصول أفريقية. وبثت لأول مرة في 21 أكتوبر 2013… وأعلن بي ديدي في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 مع بداية متاعبه القضائية ودعاوى تتعلق بالاعتداء الجنسي، أنه سينسحب من إدارتها لمدة قصيرة لكن في مارس 2024، باع حصته في شركة ريفولت إلى شخص مجهول.
لكن كيف كانت بدايات هذا النجم الذي سطع في الموسيقى؟
طفولة فقيرة وتلميذ مجتهد وصاحب رؤية استباقية في عالم الموسيقى
قبل أن يصبح باف دادي أو بي ديدي.. ولد شون كومز وهو أب لسبعة أولاد في الرابع من نونب عام 1969 في حي هارلم، أحد أبرز أحياء نيويورك الفقيرة. ونشأ في بيئة يسود فيها العنف.
وكان والده العسكري السابق ميلفين كومز، تاجر مخدرات، قُتل عندما كان شون كومز طفلا في الثانية من العمر فقط. واهتمت به والدته، جانيس كومز، التي كانت تعمل عارضة أزياء وربته بمفردها مع أخته.
جانيس غادرت هارلم مع أطفالها إلى ماونت فيرنون، وهي ضاحية أكثر هدوءا في شمال نيويورك، أملا في إنقاذ أطفالها من براثن الانحراف والعنف.. رهان ناجح حيث وخلافا لصورة رجل العصابات التي أصبحت ترافقه اليوم، كان شون كومز تلميذا مجتهدا من الطبقة المتوسطة السوداء في نيويورك، وكان طموحا. حتى أنه نجح في الالتحاق بجامعة هوارد المعروفة بإيوائها أمريكيين من أصول أفريقية والعريقة في واشنطن، حيث درس إدارة الأعمال. قبل أن يتسلل إليه الملل ويبدأ مسيرته في صناعة الموسيقى وتنظيم التظاهرات وبالمناسبة، غير اسمه حينها إلى “باف دادي”.
وتمكن بفضل أحد أبرز أصدقائه من التعرف على المنتج أندريه هارل، مؤسس شركة Uptown Records، التي التحق بها كمتدرب. وسرعان ما فرض باف ديدي بصمته في هذه الشركة القوية في عالم إنتاج الموسيقى وبعد أن بدأ كمساعد، أصبح خلال شهور مديرا فنيا ووقع عقودا مع فنانين مشهورين كماري جي بلايج ومجموعة جوديتشي مثلا وهي أسماء كبيرة في عالم الهيب هوب والآر أند بي.
ولكن في عام 1993، حصلت قطيعة بين باف دادي وأندريه هارل الذي كان يعتقد أن ديدي لن يستطيع كبح جماح طموحه. فطرده من الشركة التي كانت بداية صنع مسيرته. وكان هذا الرحيل بمثابة نقطة تحول بالنسبة لديدي، حيث أطلق مسيرة فنية غير مألوفة حينها بعد أن أسس بمساعدة المنتج كلايف ديفيس، شركة Bad Boy Records والتي أصبحت علامته التجارية المعروفة اليوم وكانت شرارة مسيرة ناجحة في عالم الموسيقى.