اجتاحت دمى لابوبو الساحة في المغرب خلال الأشهر الأخيرة كعاصفة عاتية. إذ تحولت من مجرد مجسمات فنية إلى ظاهرة اجتماعية لافتة. فلم تعد هذه الدمى الصغيرة ذات الوجه العريض والأذنين الطويلتين مجرد قطع ديكور تُعرض على الرفوف. بل أصبحت رمزاً للأناقة والتميز. ترافق هذه الدمى النساء في حقائبهن وتحولت إلى وسيلة للتعبير عن الذوق الشخصي والانتماء إلى مجتمع عصري مواكب لأحدث صيحات الموضة.
مشهد بات متكرراً في شوارع المدن المغربية وعلى منصات التواصل الاجتماعي. تتألق هذه الدمى كأحدث أشكال الإكسسوارات الفاخرة. حيث يمكن ملاحظة حضورها الطاغي على تطبيقات تيك توك وإنستغرام في آلاف المقاطع المصورة. تستعرضها هذه المقاطع في مختلف المواقف، من جلسات التصوير الأنيقة إلى لحظات إهداء المفاجآت الثمينة. يبدو أن هوس لابوبو ليس مجرد ظاهرة عابرة. بل هي صيحة متكاملة تحمل في طياتها أبعاداً ثقافية وتجارية وفنية عميقة.
لعبت منصات التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في انتشار ظاهرة لابوبو بالمغرب. إذ عملت هذه المنصات كمُسرّع وداعم لانفجار شعبيتها. من خلال الفيديوهات القصيرة والتحديات المبتكرة والعروض الفنية الأنيقة، وتسللت هذه الدمية بخفة إلى منازل المغاربة وانتشرت بسرعة مذهلة على حسابات المشاهير والمؤثرين. رغم أن كثيرين قد اعتبروها مجرد “ترند” سيزول سريعاً، إلا أن جماليتها الفنية ودلالاتها الثقافية منحتها حضوراً يتجاوز العابر المؤقت. فأصبحت مؤشراً على تحولات ذوق الجيل الجديد الذي يمزج بمهارة بين حب الفن والحنين للطفولة والرغبة في التعبير عن التفرد والتميز.
وراء هذه الدمية الصغيرة قصة إبداعية كبيرة تمنحها بعداً فنياً وثقافياً عميقاً. أبدعها الفنان كاسينغ لونغ المولود في هونغ كونغ. استوحى أفكاره من عالم الطفل الداخلي والطابع النوستالجي المثير للحنين. تعاون لونغ مع متجر الألعاب الشهير “بوب مارت” لتوزيع لابوبو عالمياً. هذا التعاون فتح لها أبواب الانتشار في مختلف الثقافات حول العالم، بما فيها العالم العربي والمغرب على وجه الخصوص.
تتميز دمية لابوبو بتصميم فريد: وجه دائري ممتلئ تعلوه ابتسامة مميزة. تملك هذه الدمية أذنان طويلتان بارزتان تضفيان عليها طابعاً كرتونياً ساحراً. إضافةً إلى الجسم الصغير المضغوط بألوان بوهيمية زاهية. هذا التكوين الفني البسيط جعلها محببة للأطفال. وفي الوقت نفسه، شكلت عنصر جذب للكبار الباحثين عن تعبير رمزي جمالي يتناسب مع ثقافة البوب المعاصرة.
لابوبو لتكريس الحضور في الفضاء الرقمي
تعكس ظاهرة انتشار دمى لابوبو في المغرب ظاهرة أوسع. تتعلق بنشوء ثقافة المستثمر الجمالي والمقتني في المجتمع العربي. إذ لم يعد الناس يستهلكون المنتجات لاستخدامها المباشر فقط. بل أصبحوا يقتنون ما يعبر عن هوياتهم وذواتهم وما يمنحهم حضوراً متميزاً في الفضاء الرقمي. كما يلفت انتباه المتابعين والأصدقاء. في هذا الإطار، تتفوق دمية لابوبو على كثير من المنتجات التقليدية غير المميزة. إنها تجمع بشكل مبهر بين البساطة والخيال والإبداع الفني العصري.
ولعل الأهم من كل ذلك أن لابوبو تحولت إلى أداة للانتماء لصيحة ثقافية شبابية عابرة للقارات والحدود الجغرافية. فمن هونغ كونغ إلى الرباط، ومن غرف الفنانين إلى ساحات الموضة العالمية، تسير هذه الدمية الصغيرة في تبات.