سهام بنك يرى النور : تحول استراتيجي يجسّد مغربة السيادة البنكية

أعلن رسمياً عن تحول تاريخي في القطاع البنكي المغربي بتغيير اسم “الشركة العامة للأبناك” ليصبح “سهام بنك”، في خطوة تتجاوز مجرد التغيير الشكلي لتعبر عن تحول استراتيجي عميق في المشهد المالي والاقتصادي المغربي. هذا التحول الذي قادته مجموعة “سهام المالية” برئاسة مولاي حفيظ العلمي، رجل الأعمال البارز والوزير السابق، يأتي بعد استحواذه الكامل على الحصة التي كانت مملوكة للشريك الفرنسي “Société Générale”.

لم يكن هذا الاستحواذ وليد الصدفة، بل جاء ثمرة رؤية استراتيجية واعية تهدف إلى تعزيز السيادة الوطنية في قطاع يعتبر من أكثر القطاعات حساسية في الاقتصاد. فعملية انتقال ملكية أحد أهم البنوك في المغرب من المستثمر الأجنبي إلى أياد مغربية خالصة تشكل علامة فارقة في مسار “مغربة” المؤسسات الاقتصادية الكبرى، وتعكس توجهاً متنامياً نحو تقوية الاستقلالية المالية والتحكم الذاتي في مفاصل الاقتصاد الوطني.

تجاوز التغيير حدود تبديل الاسم ليشمل إعادة صياغة شاملة للهوية البصرية للمؤسسة، معلناً بذلك عن ولادة كيان مصرفي بروح جديدة ورؤية مغايرة. ويعتبر هذا التحول في الهوية مؤشراً على نية إحداث تغييرات جوهرية في فلسفة العمل والسياسات المعتمدة، حيث يُرتقب أن يتجه “سهام بنك” نحو تعزيز الاستثمار المحلي وتطوير منتجات مالية تلبي احتياجات السوق المغربي بشكل أفضل، مع توسيع قاعدة العملاء وتحسين جودة الخدمات المقدمة.

نحو تحصين القطاعات الحيوية

تحمل عملية التحول هذه أبعاداً اقتصادية وسياسية عميقة، إذ تمثل استجابة ملموسة للدعوات المتزايدة نحو تحصين القطاعات الحيوية من التبعية الخارجية. وتأتي في سياق سعي المغرب نحو تعزيز مكانته كمركز مالي إقليمي يتمتع باستقلالية وسيادة قرار اقتصادي، ليس فقط على مستوى الإطار التشريعي والتنظيمي، بل أيضاً من خلال امتلاك مواطنيه للمؤسسات المالية الفاعلة.

على الصعيد العملي، يتوقع أن تشهد المؤسسة البنكية ديناميكية جديدة تحت قيادة مولاي حفيظ العلمي، الذي يملك سجلاً حافلاً في إدارة مشاريع ناجحة في قطاعات متنوعة، وخبرة واسعة مكتسبة من تجاربه في القطاعين العام والخاص. ويبدو أن العلمي، بعد ابتعاده التدريجي عن الساحة السياسية، يوجه تركيزه الآن نحو بناء صرح مالي يجمع بين الهوية المغربية الأصيلة والرؤية العالمية الطموحة.

تترقب الأوساط المالية والاقتصادية المغربية الخطوات الأولى لـ”سهام بنك” في حلته الجديدة، وقدرته على إحداث فارق في سوق تنافسية تشهد تطورات متسارعة وتغيرات مستمرة في احتياجات العملاء. لكن المؤشرات الأولية، سواء من حيث جدية المشروع أو خلفية القائمين عليه، تبعث على التفاؤل بشأن انطلاق مرحلة جديدة قد تشكل نقطة تحول في الخريطة المصرفية المغربية.

أكثر من بنك

يتجاوز “سهام بنك” كونه مجرد مؤسسة مالية جديدة، ليصبح رمزاً لتحول أعمق في الفكر الاقتصادي المغربي الذي أصبح يؤمن بأن بناء اقتصاد وطني قوي يستلزم امتلاك أدوات القرار المالي، وتوطين مراكز صنع السياسات الاقتصادية، وإيلاء الأولوية للمصلحة الوطنية في كافة المعادلات المالية.

إن ولادة “سهام بنك” لا تمثل فقط تغييراً في هوية مؤسسة بنكية عريقة، بل هي تجسيد لطموح وطني يسعى لترسيخ مفهوم السيادة الاقتصادية من خلال مؤسسات مالية ذات جذور محلية وأجنحة عالمية، قادرة على المنافسة والابتكار، ودعم التنمية المستدامة في المغرب، وفتح آفاق جديدة للتعاون الإقليمي والدولي على أسس من الندية والمصالح المتبادلة.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts