في ظل موجة حرّ تاريخية تجتاح عدداً من مناطق المملكة، وتحطم الأرقام القياسية في درجات الحرارة، أصبح شاطئ عين الذئاب في الدار البيضاء الوجهة الأولى والمفضلة لآلاف المواطنين الباحثين عن ملاذ من لهيب الصيف. فالحرارة المرتفعة التي وصلت إلى 39.5 درجة مئوية في العاصمة الاقتصادية دفعت السكان من مختلف الأحياء إلى التوجه نحو الساحل الأطلسي، حيث يجدون في مياه البحر نسمة انتعاش تنقذهم من حرارة لا تطاق.
الموقع الاستراتيجي للشاطئ، الممتد على طول كيلومترين تقريباً، وسهولة الوصول إليه عبر وسائل النقل العمومي، جعلا منه قبلة للزوار من مختلف الطبقات الاجتماعية، خاصة الأسر المعوزة التي لا تملك إمكانية السفر إلى وجهات صيفية بعيدة أو مكلفة. وفي ظل مجانية الدخول وتوفر مظلات وكراسٍ للإيجار بأسعار زهيدة، يتحول الشاطئ إلى فضاء شعبي بامتياز، يعج بالحياة نهاراً، ويغص بالمصطافين الباحثين عن الظل أو السباحة أو حتى مجرد نسمة بحر تخفف وطأة القيظ.
ولا يقتصر حضور المواطنين على ساعات النهار، بل يمتد حتى ساعات الليل، حيث يتبدل المشهد ليصبح أكثر هدوءاً وبهجة، وسط الأجواء الترفيهية التي توفرها المقاهي والنوادي والمطاعم المنتشرة على طول الكورنيش. هذه الحياة الليلية تضيف بُعداً ثقافياً واجتماعياً للشاطئ، ليصبح ليس فقط ملاذاً من الحرارة، بل أيضاً فضاءً للاسترخاء والتلاقي الاجتماعي.
وقد زادت جاذبية الشاطئ هذه السنة بعد حصوله على “اللواء الأزرق“، وهو اعتماد دولي يؤكد احترامه للمعايير البيئية والصحية. هذا التصنيف يعزز ثقة الزوار في جودة المياه وسلامة الفضاءات، ما يشجع الأسر على اصطحاب أطفالهم وقضاء ساعات طويلة في بيئة نظيفة وآمنة. كما أن الشاطئ يقدم أنشطة متعددة، من السباحة وركوب الأمواج إلى المشي والركض وحتى ركوب الخيل، مما يجعله متنفساً حقيقياً للبيضاويين.
لكن، ورغم هذه المزايا، يواجه شاطئ عين الذئاب تحديات موسمية تتكرر كل صيف، أبرزها الاكتظاظ الكبير في عطلات نهاية الأسبوع، وصعوبة إيجاد أماكن للجلوس، إضافة إلى الضغط على وسائل النقل العمومية التي تعاني بدورها من الحرارة الخانقة والاكتظاظ. ولهذا، توصي الجهات المختصة الزوار بتجنب التوجه إلى الشاطئ في أوقات الذروة، والإكثار من شرب الماء، وتفادي التعرض المباشر للشمس بين الظهيرة والعصر.
ومع استمرار موجة الحر التي يتوقع أن تستمر خلال الأيام المقبلة، يبدو أن شاطئ عين الذئاب سيواصل أداء دوره كملاذ أول للفارين من قيظ الصيف، مؤكداً مرة أخرى مكانته كأحد أبرز الشواطئ الحضرية في المغرب، وأحد رموز صيف العاصمة الاقتصادية.