قررت النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية في الرباط إحالة الناشطة ابتسام لشكر إلى المحاكمة في حالة اعتقال، وذلك على خلفية منشور لها على مواقع التواصل الاجتماعي أثار جدلًا واسعًا.
الصورة والتدوينة التي أثارت الغضب
وجاءت هذه الخطوة بعد أن قامت الناشطة ابتسام لشكر، المعروفة بمواقفها المدافعة عن الحريات الفردية وحقوق المرأة، بنشر صورة على حسابها تظهر فيها مرتدية قميصًا يحتوي على عبارات اعتبرت مسيئة للذات الإلهية. الصورة كانت مرفقة بتدوينة وصفت من قبل النيابة العامة بأنها تضمنت إهانة للدين الإسلامي، مما دفع وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط، إلى فتح تحقيق قضائي في الموضوع.
في بيان رسمي، أوضح وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط أن النيابة العامة بدأت التحريات لتحديد الوقائع ومراجعة مضمون المنشور. وأُعلن أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بناءً على نتائج التحقيقات.
تفاصيل المنشور ورأي لشكر
الصورة التي أثارت الاستياء نُشرت أواخر يوليوز 2025، حيث ظهر على القميص الذي ارتدته ابتسام لشكر عبارة “الله” باللغة العربية تليها جملة باللغة الإنجليزية وُصفت بأنها مسيئة للذات الإلهية. بالإضافة إلى ذلك، أرفقت الصورة بتعليق تضمن نقدا للدين الإسلامي بوصفه، حسب تعبيرها، كـ”أيدولوجية دينية فاشية، ذكورية، وتمييزية تجاه النساء”. هذا المنشور تسبب في موجة غضب واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، رافقتها دعوات صريحة تطالب باعتقال الناشطة.
وفي تدوينة لاحقة أُعلنت لشكر أنها تلقت تهديدات متعددة بالاغتصاب والقتل بسبب ما وصفته بأنه “سوء فهم لشعار نسوي”.
موقف وزير العدل السابق وتعليقاته
ومن بين الردود البارزة جاء موقف المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات الأسبق والقيادي السابق في حزب العدالة والتنمية. فعلى الرغم من تأكيده أنه لا يدعم التشدد في مراقبة التصريحات أو تصيّد الأخطاء التعبيرية، إلا أنه عارض بشدة أي إساءة للدين الإسلامي عن قصد وإصرار. وذكر أن المغرب بلد له قوانين تحمي المقدسات الدينية والمؤسسات التي تطبقها.
عقوبات وفق القانون الجنائي المغربيما
وفق القانون الجنائي المغربي، تُفرض عقوبات على من يسيء إلى الدين الإسلامي بالحبس لفترة تتراوح بين 6 أشهر وسنتين حبسا، أو بغرامة مالية تصل إلى 200 ألف درهم. وإذا كانت الإساءة علنية أو عبر وسائل إلكترونية، يمكن أن تُرفع العقوبة إلى خمس سنوات.
من هي ابتسام لشكر
ابتسام لشكر، من مواليد غشت 1975، هي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، مدافعة عن الحريات الفردية وحقوق مجتمع المثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسيًا. بالإضافة إلى كونها إحدى مؤسسات “حركة مالي” التي تُعرف باسم “الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية”، تُعد من القلائل في المغرب الذين أعلنوا عن إلحادهم بشكل علني.
نشأت ابتسام في العاصمة الرباط حيث درست في ثانوية ديكارت، التابعة للبعثة الفرنسية، ثم انتقلت لاحقًا إلى باريس لمتابعة دراستها الجامعية في تخصصات علم النفس السريري، علم الجريمة، وعلم الضحايا. تعمل حالياً على استكمال رسالة الدكتوراه في التحليل النفسي.
بدأت نشاطها الحقوقي عام 2009 عندما شاركت مع الناشطو زينب الغزوي في تأسيس “حركة مالي”، والتي تركز على الدفاع عن الحريات الفردية بالمغرب.
نزهة إفطار في رمضان
ومن بين أبرز الأحداث التي أثارت الجدل حولها كان تنظيمها، بمعية مجموعة من رفاقها في “حركة مالي”، لنزهة إفطار علني في رمضان 2009 احتجاجًا على تجريم الإفطار العلني بموجب المادة 222 من القانون الجنائي المغربي.
مطاهرة القبلات
النزهة كانت مقررة في 13 شتنبر بمدينة المحمدية، لكنها انتهت بمحاصرتها وزملائها من قبل الشرطة. كما كانت لشكر، أيضا، وراء مظاهرة القبلات التي أُقيمت في الرباط دعمًا لمراهقين أُلقي القبض عليهما بسبب نشر صورة لهما وهما يتبادلان قبلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. المتظاهرون تبادلوا القبلات علنًا ورفعوا شعارات تدافع عن الحب والحريات العاطفية. بينما أثارت هذه الواقعة موجة استياء لدى البعض ممن اعتبروا المبادرة تجاوزًا للقيم المحافظة، أكدت ابتسام في تصريح صحفي، أن الرسالة كانت واضحة: الدفاع عن الحريات الشخصية وحق التعبير عن الحب دون خجل.