يُعرف جيل زيد، أو Gen Z، بأنه الفئة التي وُلدت تقريبًا بين عامي 1996 و2010 أو 2012 وفقًا لاختلاف التعريفات، وهو الجيل الذي يلي جيل الألفية ويسبق جيل ألفا. يتميز هذا الجيل بكونه الأول الذي نشأ بالكامل في عالم شديد الارتباط بالتكنولوجيا الرقمية والإنترنت، إذ لم يعرف أفراده الحياة قبل انتشار الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، ما جعله يُوصف على نطاق واسع بـ”الجيل الرقمي الأصلي”.
يحمل هذا التعريف بُعدًا اجتماعيًا وثقافيًا يتجاوز مجرد الإطار الزمني، إذ يعكس تحولات كبرى في أنماط التواصل والمعرفة والعمل والاستهلاك. فالنشأة في بيئة رقمية متصلة على الدوام شكّلت تصورات جيل زيد للواقع، وطريقة تعامله مع المعلومات والتقنية، وأثّرت في قيمه وخياراته اليومية.
الخصائص المشتركة والتجارب المُشكِّلة
أبرز سمات جيل زيد هي التكيف العالي مع التكنولوجيا، حيث يُعد استخدام الأجهزة الذكية والإنترنت جزءًا بديهيًا من حياته اليومية. هذا الاعتياد المبكر على الأدوات الرقمية جعل التفاعل عبر المنصات الإلكترونية والتعامل مع التطبيقات والخدمات الرقمية أمرًا طبيعيًا ومتوقَّعًا لديهم.
كما يتمتع هذا الجيل بتنوع ثقافي واجتماعي أكبر مقارنة بالأجيال السابقة، وهو تنوع يتجلى في الانفتاح على تجارب ومعارف متعددة، والتواصل مع فئات وخلفيات مختلفة عبر فضاءات رقمية عابرة للحدود. هذا الاتساع في التجربة الثقافية يعزز حسًّا أكبر بالتعددية ويدعم مقاربات أكثر شمولًا في فهم قضايا المجتمع.
إلى جانب ذلك، نشأ جيل زيد في ظل تحديات عالمية متزامنة تركت أثرًا واضحًا على توجهاته وقيمه الاجتماعية والاقتصادية، من بينها أزمة المناخ، وجائحة كورونا، وعدم الاستقرار الاقتصادي. وقد أسهمت هذه العوامل في صياغة حساسية أكبر تجاه قضايا الاستدامة والصحة العامة والمرونة في مواجهة التغيرات، دون أن يعني ذلك تبنيًا موحدًا للمواقف داخل الجيل، بل تنوّعًا في الاستجابات ضمن إطار تجربة مشتركة.
التسمية والدور الاقتصادي والثقافي
تأتي تسمية Gen Z امتدادًا لنهج تصنيف الأجيال الذي شمل سابقًا Gen X (جيل إكس) وGen Y (جيل الألفية)، بهدف مقاربة التحولات الاجتماعية والتكنولوجية والسمات الثقافية المشتركة ضمن فترات زمنية متقاربة. لا يتعامل هذا التصنيف مع الأفراد بوصفهم متجانسين، بل يقدّم إطارًا يساعد في قراءة الاتجاهات العامة التي تميّز كل جيل.
ويُنظر إلى جيل زيد على أنه قوة مؤثرة في الاقتصاد والثقافة، بفضل وعيه التكنولوجي وارتباطه الوثيق بالابتكار. هذا الوعي ينعكس على طريقة التفاعل مع المحتوى الرقمي والخدمات والمنتجات، وعلى زخم الأفكار الجديدة التي تتشكل في فضاءات الإنترنت. كما يسهم حضور هذا الجيل في إعادة تشكيل بعض المسارات الثقافية وأنماط التعبير، بما يواكب التحول نحو بيئات رقمية أكثر تفاعلية وديناميكية.
وبينما تختلف التقديرات حول الحدود الزمنية الدقيقة لهذا الجيل، يظل القاسم المشترك هو السياق الرقمي الذي شكّل طفولته ومراهقته وشبابه، وأثر في توقعاته من المؤسسات والتعليم والعمل، وفي أساليبه في التواصل والتعلم والاستهلاك.