ألقى عبدالصمد حيكر، عن حزب العدالة والتنمية، في دورة أكتوبر لمجلس مدينة الدار البيضاء، صباح الاثنين، مداخلة مطولة اتسمت بنبرة سياسية واضحة، حاول من خلالها الربط بين الحراك الشبابي المتواصل، ومجموعة من القضايا ذات الطابع المحلي والاجتماعي والسياسي.
المداخلة التي وصفت بأنها استغلال سياسي للحراك، أثارت جدلا داخل المجلس، إذ بدا أن حيكر يستثمر موجة الغضب الشبابي، لتوجيه رسائل تتجاوز حدود النقاش الجماعي المحلي، نحو فضاء سياسي أوسع.
حيكر انطلق في كلمته بالإشارة إلى ما وصفه بـ“احتجاجات الشباب”، في إشارة إلى أن هذا الحراك جاء نتيجة تراكمات اجتماعية واقتصادية كان من الواجب التفاعل معها مبكرا.
وأكد أن المطالب التي رفعها الشباب تعبّر عن واقع اجتماعي متأزم، وأنها تفرض على المسؤولين مراجعة أسلوبهم في التعامل مع قضايا التنمية والعدالة الاجتماعية.
لكنه في المقابل، لم يخف نزعة سياسية في حديثه، حين شدد على أن هذا الحراك “يسائلنا جميعا، ويسائل الأحزاب السياسية التي في المسؤولية بدرجة أكبر”، معتبرا أن ما جرى هو نتيجة خطاب سياسي رسمي فقد جاذبيته، بسبب ما وصفه بـ“المبالغة في الإرتياح والتجميل”.
وفي سياق دفاعه عن الشباب، أشار حيكر إلى أن الحراك لا يمكن أن يختزل في أحداث تخريب أو مواجهات مع السلطات، معبّرا عن تضامنه مع المطالب الاجتماعية والاقتصادية التي رفعت.
وقال حيكر في هذا الصدد: “نحن ندعم المطالب التي رفعها الشباب نيابة عن المجتمع، وهي مطالب مشروعة تعبّر عن معاناة حقيقية”، مضيفا أن المطلوب هو تغيير في أسلوب تدبير الشأن العام وليس فقط تغيير الوجوه.
المتحدث انتقد كذلك ما اعتبره “انفصالا” بين المؤسسات والمواطنين، مشيرا إلى أن ضعف التواصل وغياب الحوار المباشر مع الفئات المتضررة يزيد من حالة الاحتقان.
واستحضر في كلمته خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، الذي دعا فيه جلالته إلى نموذج تنموي جديد وجهود أكثر عدالة في توزيع فرص التنمية بين الجهات.
حيكر استخدم هذا المقطع ليؤكد أن “المغرب لا يمكن أن يسير بسرعتين”، وأن الحل يكمن في “جيل جديد من البرامج التنموية المجالية المندمجة”.
غير أن المداخلة لم تخل من طابع هجومي على خصومه السياسيين في المجلس، إذ خاطب عمدة المدينة، وأعضاء الأغلبية، بنبرة انتقادية قائلا إن التاريخ “لم يبدأ معكم”، لافتا إلى أن هناك من يتصرف كما لو أن العمل الجماعي لم يعرف إنجازات إلا في عهدكم.
واعتبر أن بعض المشاريع التي يتم التباهي بها اليوم، ليست سوى استمرار لجهود المجلس السابق.
وحذر حيكر، في كلمته، من أن استمرار التوترات الاجتماعية، دون حلول عملية قد يؤدي إلى “غرق جماعي في التعويضات والأحكام القضائية الناتجة عن اعتداءات مادية”، في إشارة إلى نزاعات الملكية.
كما حذر من أن “الشباب الذين يشاهدون تصرفات المؤسسات بهذا الشكل يفقدون الثقة في العمل السياسي”، داعيا المسؤولين المحليين إلى اعتماد مقاربة أكثر إنصاتا وانفتاحا على المطالب الشعبية.
بهذه المداخلة، يكون عبدالصمد حيكر قد جمع بين خطاب سياسي موجه، ورسائل اجتماعية مضمّنة، في محاولة لاقتناص موقع متقدم لحزبه داخل النقاش العمومي حول الحراك الشبابي.
غير أن مراقبين اعتبروا أن توظيفه لقضية اجتماعية بهذا الحجم، في جلسة محلية ذات طابع تدبيري، يعد نوعا من “الاستثمار السياسي” الذي قد يفقد النقاش المؤسسي توازنه، ويعيد المجلس إلى دائرة التجاذب الحزبي، بدل التركيز على قضايا التنمية المحلية لمدينة الدار البيضاء.